لا يوجد إنسان ليس عنده حلم بعيد لم يتحقق بعد، ويظل يتمنى أن يطول به العمر كي يتحقق، وربما بعد أن يصل يكتشف أنه لم يبلغ ذلك الحلم البعيد الكبير وأنه قد بدأ يحلم في اللحظة نفسها بحلم آخر أبعد وأكبر.. فيظل يدعو أن يطول به العمر، كي يتحقق هذا الأمل الجديد البديع
وهكذا.. تمضي الدنيا حلماً وراء حلم، وأمنية تتبع أمنية، حتى تنتهي الفترة المقسومة له في الحياة، سواءً أكانت فترة عناء وشقاء، أم راحة واسترخاء. وذات يوم.. اهتديت إلى أن الإنسان لو شعر بأن كل أمانيه تتحقق، لذاق معنى التعاسة والأرق، ولعرف طعم اللامعنى المرير، لساعات الحياة الطويلة.. الطويلة. فكثيراً ما يشعر الإنسان برغبة حادة في العيش مع نفسه.. في التقوقع داخل جدران قفصه الصدري.. بعيداً بعيداً عن كل الآخرين
حينئذٍ.. سيرى جدران حياته وقد اختلفت ماهيّتها.. تفاوتت درجات سماكتها، فمنها ما هو شفاف.. وما هو معتم.. ما هو سميك وغليظ.. وما هو رقيق ناعم. . ومنها ما هو خشن.. وما هو أملس. سيلتفت حوله في سكون ويبتسم ويضحك وهو يرقب نفسه في مرايا جدران ذاته.. مرايا ذات أسطح عاكسة كاذبة.. كمرايا الملاهي التي نرى أنفسنا فنضحك لأول وهلة من أنفسنا!! ثم نحس بإزدراء بات باهتاً يطوف بمشاعرنا، ويفيض في وجداننا، لأننا نعلم أن هذه الصور الهلامية ليست صورنا الحقيقية.. وأن وراء هذه المرايا الساخرة يوجد جدار جاد صامد، لا يبتسم ولا يثير الابتسام
إنه جدار الواقع الصلب بكل قوته وخشونته، فهو يسلبنا الراحة مع الذات، ليعيدنا إلى الاتصال المباشر مع الآخرين! يرغمنا على التعامل مع الحياة بحرارة.. قريباً قريباً من كل الآخرين
ربما يكون هذا الجدار مبنياً على الوهم.. أو الخوف.. أو القلق.. أو الملل.. أو حتى لمجرد الرغبة في ممارسة لذة الصمت
ربما يكون هذا الجدار مبنياً على الوهم.. أو الخوف.. أو القلق.. أو الملل.. أو حتى لمجرد الرغبة في ممارسة لذة الصمت
No comments:
Post a Comment