يتوق الناس لمعرفة الغيب .. يتلهفون على كشف أسراره، وما يمكن أن يحدث لهم في المستقبل .. فنرى من يذهب منهم إلى المنجمين، ومن يحملق في فنجان قهوة كان مقلوباً .. أو يركض إلى ضاربي الودع .. وقارئي الكفوف
.. ونسمعهم يشهقون فرحاً أو حزناً، وهم ينبهرون بما يسمعون من أخبار تتعلق بغيب المستقبل .. لكن .. ماذا يمكن أن يحدث لو عرف الإنسان أسرار الغيب ؟
هل فكرنا في ذلك ؟
وهل تخيلنا كيف يكون حالنا لو عرفنا مقدماً آتي أخبارنا .. وكشف غيب أيامنا .. وأطلعنا على أسرار مستقبل زماننا ؟
ماذا يحدث للطالب لو عرف بطريقة الغيب أنه سينجح آخر العام ؟! وماذا يمكن أن يحدث لو عرف أنه سيرسب آخر العام ؟
وأنت .. ماذا يكون شعورك .. وكيف يكون موقفك تجاه صديق لك أخبرك الغيب أنه سيخونك بعد أعوامِ طويلة من المحبة والصداقة ؟
أيضاً .. ماذا يكون إحساسك .. وأنت تعرف أنك ستموت – لا قدر الله – يوم كذا .. في حادث سيارة عارض .. أو في كارثة سقوط طائرة عابرة ؟
هل ستستطيع بعدها أن تركب سيارة .. أو تمتطي متن طائرة ؟
أو .. كيف سيصبح حالك لو علمت أنك ستنعم بثروة طائلة تهبط عليك فجأة من السماء، بعد الفوز بإحدى الجوائز المالية .. أو إثر وفاة أحد الأقرباء الأثرياء ؟
هل ستبقى رغبتك في العمل البسيط الذي تمارسه كما هي ؟! وهل ستطيق صبراً سنوات الفقر النسبي هذه التي تعيشها .. إلى أن يحين موعد هبوط الثروة الخارقة عليك ؟
لا أعتقد أبداً أنك ستسعد عبر أيام الترقب، وخلال ليالي الانتظار .. انتظار الثراء الواعد المرتقب
وهنا .. نصل إلى احتمالين لا ثالث لهما، احتمال الحزن، واحتمال الفرح، فالغيب لا يستطيع أن يمنحنا إحساساً ثالثاً محايداً، جامداً، خامداً، باهتاً .. لا لون له، فإما شيء مؤسف يشقى به الإنسان ويحزن، وإما شيء مبهج يسعد به ويفرح
فإذا حدث أن علمنا بعد كشف أسرار الغيب، أن شيئاً ما مؤلماً سيحدث بعد فترة زمنية معينة .. فماذا يكون شعورنا إذن؟
من المؤكد أننا سنعيش فترة خوف وحزن وقلق وهموم طوال الوقت .. أما إذا لم نعلم الغيب، فيمكننا أن نعيش حياة طبيعية عادية، يتخللها الفرح والمرح، إلى أن يقع هذا الحادث المحزن
وهنا .. قد نعاني الجزع والحزن بضعة أيام إلى أن تزول وتُمحى آثاره
إذن .. معرفتنا بالغيب، أدت إلى زيادة حزننا، ومضاعفة ألمنا .. ولم تفدنا بشيء
وفي الحالة الثانية
إذا أخبرنا الغيب مثلاً أن شيئاً ما مبهجاً مفرحاً، سيحدث لنا خلال عام على الأكثر .. سنجد أننا لن نحاول تحقيق أي شيء كان، بالذات هذا الشيء السعيد المفرح، لأننا سنبقى واثقين متأكدين من حتمية حصولنا عليه .. فلماذا إذن نحاول تحقيقه ؟
فمثلاً .. إذا عرف الطالب مسبقاً، عن طريق كشف الغيب أنه سينجح هذا العام، وسيكون مجموع درجاته 99% .. هل سيرغب هذا الطالب فعلاً في المذاكرة ؟! وهل سيقدر على تحقيق هذا النجاح ؟! أم سيتواكل ويتكاسل وينتظر جامداً هامداً .. حتى تظهر نتيجته المرجوة .. دون جهد .. دون بذل .. دون عطاء؟
فعلاً .. إن معرفة الغيب هنا تفقدنا الشعور بالنشوة، وتسلبنا الإحساس بالسعادة، بالانتصار .. حين يتحقق حلم الإنسان. وإذا حدث أن عرفنا عن طريق الغيب، ما يمكن أن يحدث لنا .. سواء كان شيئاً سيئاً أو جميلاً، سنرى في كلتا الحالتين أن الإنسان هو الخاسر
نعم .. سيخسر الإنسان متعة الأمل، وبهجة الأمنية، وفرحة الحلم .. ولذة الطموح .. وسيبقى يعيش حياة باهتة، جوفاء المعنى، خالية المغزى .. فهو يدرك أن حلمه لن يتحقق، وأن أمله سيكون، فلن يشعر بتلك المشاعر التي يشعر بها الإنسان بعد الكفاح والنضال والعمل من أجل تحقيق أمل ما
وهنا ...
تتجلى نعمة الخالق سبحانه وتعالى، في أنه لم يمنح الإنسان هذه المقدرة على كشف أسرار الغيب
ولا شك أن الله قادر على ذلك، فلو أراد سبحانه أن يهب الإنسان تلك القدرة لكان له ذلك .. لكنها رحمة الله بعباده أن يحجب عنهم معرفة الغيب، وهو وحده جل جلاله عالم الغيوب.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: لو أطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع
وهنا .. قد نعاني الجزع والحزن بضعة أيام إلى أن تزول وتُمحى آثاره
إذن .. معرفتنا بالغيب، أدت إلى زيادة حزننا، ومضاعفة ألمنا .. ولم تفدنا بشيء
وفي الحالة الثانية
إذا أخبرنا الغيب مثلاً أن شيئاً ما مبهجاً مفرحاً، سيحدث لنا خلال عام على الأكثر .. سنجد أننا لن نحاول تحقيق أي شيء كان، بالذات هذا الشيء السعيد المفرح، لأننا سنبقى واثقين متأكدين من حتمية حصولنا عليه .. فلماذا إذن نحاول تحقيقه ؟
فمثلاً .. إذا عرف الطالب مسبقاً، عن طريق كشف الغيب أنه سينجح هذا العام، وسيكون مجموع درجاته 99% .. هل سيرغب هذا الطالب فعلاً في المذاكرة ؟! وهل سيقدر على تحقيق هذا النجاح ؟! أم سيتواكل ويتكاسل وينتظر جامداً هامداً .. حتى تظهر نتيجته المرجوة .. دون جهد .. دون بذل .. دون عطاء؟
فعلاً .. إن معرفة الغيب هنا تفقدنا الشعور بالنشوة، وتسلبنا الإحساس بالسعادة، بالانتصار .. حين يتحقق حلم الإنسان. وإذا حدث أن عرفنا عن طريق الغيب، ما يمكن أن يحدث لنا .. سواء كان شيئاً سيئاً أو جميلاً، سنرى في كلتا الحالتين أن الإنسان هو الخاسر
نعم .. سيخسر الإنسان متعة الأمل، وبهجة الأمنية، وفرحة الحلم .. ولذة الطموح .. وسيبقى يعيش حياة باهتة، جوفاء المعنى، خالية المغزى .. فهو يدرك أن حلمه لن يتحقق، وأن أمله سيكون، فلن يشعر بتلك المشاعر التي يشعر بها الإنسان بعد الكفاح والنضال والعمل من أجل تحقيق أمل ما
وهنا ...
تتجلى نعمة الخالق سبحانه وتعالى، في أنه لم يمنح الإنسان هذه المقدرة على كشف أسرار الغيب
ولا شك أن الله قادر على ذلك، فلو أراد سبحانه أن يهب الإنسان تلك القدرة لكان له ذلك .. لكنها رحمة الله بعباده أن يحجب عنهم معرفة الغيب، وهو وحده جل جلاله عالم الغيوب.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: لو أطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع
No comments:
Post a Comment