Nov 13, 2007

الآخر


حدث لي مرة موقف معين أثار فضولي وجعلني أُدقق النظر داخل نفسي بحدة أكثر وبعمق أكثر . . . خاصة بعد أن لاحظت تكرار هذا الموقف الغريب . فقد كنت أنوي أن أُخفي شيئاً ما بداخلي، شيئاً أحببت أن أكتمه عن محدثي . . كان هذا قراري. وكان ذاك رأيي . . رأيي أنا النابع من ذاتي دون إجبار من أحد
وفجأة . . . وجدتني أندفع في الكلام كالرشاش، وألغي تماماً تلك الاتفاقية الفردية الذاتية الخاصة جداً ! وتعجبت ! كيف حدث ذلك؟ ألم أتفق بيني وبين نفسي أن أكتم هذه الكلمات وأن أحول دون تسربها إلى لساني !؟ أمعنت النظر حولي، واسترجعت أحداث الموقف .. ولاحظت أنني كنت منفعلاًً إلى درجة لم أشعر بروحي وأنا أنطق تلك الكلمات واكتشفت شيئاً عجيباً . . اكتشفت أن هناك شيئاً ما في داخلي يتكلم أحياناً رغماً عني، رغماً عن إرادتي .. وكأن هذا الشيء هو الأنا (الآخر)، له وجهة نظر أُخرى، فتفاجئني بقرارات وانفعالات لا أتوقعها ولا أنتظرها منها أبدا !! ودهشت وأنا ألحظ وأفهم أشياء كثيرة وعجيبة، جعلتني أعيش بين الناس، وأنا أحس وأشعر بـ (الأنا) الآخر داخلي، وكأنه واحد آخر غريب، يختلف تماماً عن الشخصية التي أراها في المرآة ! ! وتحدثت مع ذاتي، تناقشت معها في هدوء، بعد أن أيقنت بوجود (الآخر) معي، وحاولت أن أعيش في سلام، ولكننا أحياناً ما كنا نختلف!. ومع الوقت .. فهمت شيئاً جديداً! فهمت أن أسعد إنسان . . هو ذاك الإنسان القادر على أن يتعايش مع نفسه بسلام، دون معارك تتقد تحت جلده. فالتناقض الذي يصيبنا أحياناً يجعلنا نقف حيارى أمامه، ويتركنا عاجزين عن التصرف حياله.. حتى يباغتنا بتلك القرارات المتضاربة.. المتعارضة ! . . وكي لا تصل إلى هذه النقطة، يجب أن نحرص دوماً على أن يبقى داخلنا هو خارجنا. يجب ًأن نبذل الجهد من أجل إيجاد ذلك التناسق والتناغم بين الداخل والخارج. فلا نقول غير ما نفعل . . ولا نفعل غير ما نقول . . ولا نقول غير ما نؤمن به ونقنع ونقتنع، حتى لا نقع فريسة السقوط بين مسننات التروس . . تلك التي تطحن الإنسان لحظة ما يغفل عن صدق ذاته، ولحظة ما يُهمل إثراء حياته .. بتلك السعادة الخفيّة التي تشع جمالاً مرئياً تبثه ألحان الروح.. حتى تُعزف موسيقى التوازن النفسي بين العقل والنفس والبدن

No comments: