بعض الذين فكروا ملياً في هذا الأمر، أشاروا إلى السلام الداخلي بطرق مختلفة. وقد عبّر عن ذلك أحد الشعراء قائلاً:"كما أو أن ثمة طبولاً مكتومة تقرع!!" كذلك هو إيقاعك الداخلي الذاتي..." إنه وقع خطواتك الخاصة والمميزة جداً" بينما أنت تمشي صوب مصدر الصوت" إن هذا الإيقاع الشخصي، الذاتي، المميز، هو ما يضفي الاستمرار والاستقرار على حياتنا. أن نتخطى سرعة هذا الإيقاع، يعني أن نثير اضطراباً داخلياً. كما أننا لو تخلفنا أو تباطأنا عن الإيقاع، فإننا سنتسبب بإصابة شخصيتنا بالتآكل والتضاؤل. ليس من الحكمة تسريع هذا الإيقاع ولا تخفيض وتيرته!.. إنه طلبك المكبوت الخاص.. إنه إيقاعك الداخلي الخاص.. إنه وقع خطواتك الشخصية المميزة!!. ويطرح السؤال :هل أن "دوزنة" حياتك بحسب إيقاعك الذاتي الداخلي الذي خصتك وميزتك به الطبيعة، هي نزوع نحو المحدودية؟ الجواب، بالطبع: لا إلا إذا شئنا أن نعتبر أن الثبات محدودية. وأن السكينة والاتزان والهدوء الداخلي هي أمور تدل على المحدودية !! والحقيقة تقول أن لا علاقة بين هذه الأشياء وأن يكون المرء محدوداً. في خضم هذه الدنيا التي تلطمنا مرة برفق، ومرة بقسوة، لا ترحم ولا تلين، مالم نتعود على تقبل هذه القوى بهدوء.. وكلنا يقين أننا سوف نتابع المسيرة في السراء كما في الضراء، وحسب إيقاعنا الداخلي الخاص، تماماً مثل الساعة الحائطية التي تحتفظ بسرعة دقاتها ووتريتها، غير آبهة بالعاصفة، هكذا تحافظ حياتنا على استقرارها
إن هذا السير في دروب الحياة دون إسراع أو تسرع أو اختلاج، باتجاه صوت الطبول المكتومة البعيدة، ووفقاً لسرعة خطواتنا الخاصة وإيقاعها، إن هذا السير على هذه "الشاكلة"، هو ما يسعفنا للبقاء على الصراط، مهما تألبت علينا القوى غير المؤاتية. أن نحقق هذا الاستقرار، وأن نمشي خلال تقلبات الحياة بثبات وإصرار، يقتضي منا أولاً أن نقر ونقبل لمعدل سرعة خطانا الداخلية، وعندما نضبط حياتنا وفقاً لمعدل سرعة خطانا الداخلية. فإننا نجد السلام الداخلي. إنها غاية يجب أن نجد في طلبها بدأب واجتهاد. ولكن كيف لنا أن نجد في طلبها؟ كيف نجد ضالتنا المفقودة هذه؟ السؤال يشبه سؤالنا عن كيفية معرفة الله. وفي الحقيقة والواقع، فإن السؤالين مترابطان، لأن الإيقاع هو جزء من العالم. فالضوء مثلاً، هونتيجة إيقاع ترادف الموجات الضوئية! والصوت إلا نتيجة لإيقاع ترادف الموجات الصوتية! أما الطاقة الكهربائية فهي سوى نبضات إيقاعية متلاحقة
إن الكون بأسره، يتألف من عدد لا متناهي من الكواكب التي تدور بسرعة دقيقة حول شموسها، وكأنها مثال على ما يتوالد عنها في هذه المنظومة اللانهائية التي تتشكل من أشكال المادة والطاقة. فابتداء من أكبر أجزاء هذا الكون اللامتناهي وانتهاء بأصغر أجزائه، لا يوجد هناك سوى الحركة المتكررة.. سوى الخطوة الثابتة المحسوبة.. سوى الإيقاع !!. أن تدرك وأن تقبل هذه الحقيقة الكونية، هو أن تعرف أنك – بوصفك جزء من هذا العالم – مزود أيضاً بإيقاع داخلي. والوعي بوجود هذا الإيقاع، هو شرط مسبق للعثور عليه. إنها حقيقة بديهية كما هو الحال مع إيقاع نبضات القلب أو التنفس. مع أن هذه الأعراض الجسدية، مضافة إلى درجة توترك وإجهادك وإرهاقك، هي كلها مؤشرات على ما إذا كنت تعيش ضمن إيقاعك الداخلي أو لا، تماماً مثلما هو الحال مع المحرك، فإن القطع المتحركة التي لا تتحرك وفق إيقاع متزامن، سوف تأكل نفسها، لا محالة، خلال الصدمات المستمرة الناتجة عن الارتجاجات الزائدة. هكذا أنت أيضاً يمكن أن تدمر نفسك مالم تعش حياتك وفقاً لإيقاعك الداخلي الذي ينتج السلام الداخلي. وهاك هو الاختبار، إذا كنت في العادة لا تحافظ على السكينة الداخلية، فإن هذا هو إنذار لك بأنك لا تعيش جسدياً ذهنياً أو روحياً، في توافق إيقاعك الخاص. كل ما يمكنك فعله، هو أن تقوم بالإصلاحات اللازمة في حياتك الخاصة. لكنك عندما تفعل ذلك، فإنك ستشعر بالهدوء الداخلي، وستعرف "السلام" الذي يجلب الفهم
م.ر.كومباير
No comments:
Post a Comment