Apr 29, 2008

حياتك..هل هي رهن إيقاعك الداخلي؟



بعض الذين فكروا ملياً في هذا الأمر، أشاروا إلى السلام الداخلي بطرق مختلفة. وقد عبّر عن ذلك أحد الشعراء قائلاً:"كما أو أن ثمة طبولاً مكتومة تقرع!!" كذلك هو إيقاعك الداخلي الذاتي..." إنه وقع خطواتك الخاصة والمميزة جداً" بينما أنت تمشي صوب مصدر الصوت" إن هذا الإيقاع الشخصي، الذاتي، المميز، هو ما يضفي الاستمرار والاستقرار على حياتنا. أن نتخطى سرعة هذا الإيقاع، يعني أن نثير اضطراباً داخلياً. كما أننا لو تخلفنا أو تباطأنا عن الإيقاع، فإننا سنتسبب بإصابة شخصيتنا بالتآكل والتضاؤل. ليس من الحكمة تسريع هذا الإيقاع ولا تخفيض وتيرته!.. إنه طلبك المكبوت الخاص.. إنه إيقاعك الداخلي الخاص.. إنه وقع خطواتك الشخصية المميزة!!. ويطرح السؤال :هل أن "دوزنة" حياتك بحسب إيقاعك الذاتي الداخلي الذي خصتك وميزتك به الطبيعة، هي نزوع نحو المحدودية؟ الجواب، بالطبع: لا إلا إذا شئنا أن نعتبر أن الثبات محدودية. وأن السكينة والاتزان والهدوء الداخلي هي أمور تدل على المحدودية !! والحقيقة تقول أن لا علاقة بين هذه الأشياء وأن يكون المرء محدوداً. في خضم هذه الدنيا التي تلطمنا مرة برفق، ومرة بقسوة، لا ترحم ولا تلين، مالم نتعود على تقبل هذه القوى بهدوء.. وكلنا يقين أننا سوف نتابع المسيرة في السراء كما في الضراء، وحسب إيقاعنا الداخلي الخاص، تماماً مثل الساعة الحائطية التي تحتفظ بسرعة دقاتها ووتريتها، غير آبهة بالعاصفة، هكذا تحافظ حياتنا على استقرارها



إن هذا السير في دروب الحياة دون إسراع أو تسرع أو اختلاج، باتجاه صوت الطبول المكتومة البعيدة، ووفقاً لسرعة خطواتنا الخاصة وإيقاعها، إن هذا السير على هذه "الشاكلة"، هو ما يسعفنا للبقاء على الصراط، مهما تألبت علينا القوى غير المؤاتية. أن نحقق هذا الاستقرار، وأن نمشي خلال تقلبات الحياة بثبات وإصرار، يقتضي منا أولاً أن نقر ونقبل لمعدل سرعة خطانا الداخلية، وعندما نضبط حياتنا وفقاً لمعدل سرعة خطانا الداخلية. فإننا نجد السلام الداخلي. إنها غاية يجب أن نجد في طلبها بدأب واجتهاد. ولكن كيف لنا أن نجد في طلبها؟ كيف نجد ضالتنا المفقودة هذه؟ السؤال يشبه سؤالنا عن كيفية معرفة الله. وفي الحقيقة والواقع، فإن السؤالين مترابطان، لأن الإيقاع هو جزء من العالم. فالضوء مثلاً، هونتيجة إيقاع ترادف الموجات الضوئية! والصوت إلا نتيجة لإيقاع ترادف الموجات الصوتية! أما الطاقة الكهربائية فهي سوى نبضات إيقاعية متلاحقة



إن الكون بأسره، يتألف من عدد لا متناهي من الكواكب التي تدور بسرعة دقيقة حول شموسها، وكأنها مثال على ما يتوالد عنها في هذه المنظومة اللانهائية التي تتشكل من أشكال المادة والطاقة. فابتداء من أكبر أجزاء هذا الكون اللامتناهي وانتهاء بأصغر أجزائه، لا يوجد هناك سوى الحركة المتكررة.. سوى الخطوة الثابتة المحسوبة.. سوى الإيقاع !!. أن تدرك وأن تقبل هذه الحقيقة الكونية، هو أن تعرف أنك – بوصفك جزء من هذا العالم – مزود أيضاً بإيقاع داخلي. والوعي بوجود هذا الإيقاع، هو شرط مسبق للعثور عليه. إنها حقيقة بديهية كما هو الحال مع إيقاع نبضات القلب أو التنفس. مع أن هذه الأعراض الجسدية، مضافة إلى درجة توترك وإجهادك وإرهاقك، هي كلها مؤشرات على ما إذا كنت تعيش ضمن إيقاعك الداخلي أو لا، تماماً مثلما هو الحال مع المحرك، فإن القطع المتحركة التي لا تتحرك وفق إيقاع متزامن، سوف تأكل نفسها، لا محالة، خلال الصدمات المستمرة الناتجة عن الارتجاجات الزائدة. هكذا أنت أيضاً يمكن أن تدمر نفسك مالم تعش حياتك وفقاً لإيقاعك الداخلي الذي ينتج السلام الداخلي. وهاك هو الاختبار، إذا كنت في العادة لا تحافظ على السكينة الداخلية، فإن هذا هو إنذار لك بأنك لا تعيش جسدياً ذهنياً أو روحياً، في توافق إيقاعك الخاص. كل ما يمكنك فعله، هو أن تقوم بالإصلاحات اللازمة في حياتك الخاصة. لكنك عندما تفعل ذلك، فإنك ستشعر بالهدوء الداخلي، وستعرف "السلام" الذي يجلب الفهم


م.ر.كومباير

Apr 28, 2008

عوّد عقلك الانتاج



ملايين من الناس ينفقون العمر جامدي الذهن، مع العلم أن كل إنسان متوسط الطاقة، عادي الطموح، قادر على إعمال الفكر، ولكن الماساة في أن الذين يفكرون قلائل جداً، وأقلّ منهم الأولى يُحمّلون أنفسهم عناء التفكير، لأن أكثر الناس لم يروّضوا أنفسهم على هذا العمل العقلي. أنا شخصياً مقتنع بفائدة المران في هذا الحقل.. فالمخيلة الخلاّقة تحتاج إلى وسائل الإنماء والصيانة كي تواصل الخلق. وقد عملت ثلاثين عاماً في أدق الحرف الفكرية، النشر والإعلان، وعلمتني اختباراتي أن المخيلة ليست موهبة، إنها تُكتسب بتعويد العقل الانتاج. ولست أكتم القارئ أني مدين بنجاحي لمخيلتي النشيطة، فبفضل الأفكار الجديدة التي أطلع بها الفينة بعد الفينة (وقد أصبح التفكير عندي عادة يومية) فرضت نفسي على الناس رجلاً ذا موهبة فذّة. يمكنك أن تحذو حذوي وأن تبلغ شأوي أو تبزني، ولكن حذار الإفراط في كد الذهن، لئلا يصاب عقلك بالعُقم. فالأفكار الجديدة تأتي بسهولة ويُسر، إن أنت تركت لعقلك الحبل على الغارب. دعه يلهو بأفكار عابرة ولو لم يكن لها، في الظاهر، علاقة واضحة بالمسألة التي تشغل بالك. اطلق لميخلتك العنان دون أن تدعها تبتعد بك عن الهدف، ويحسن بك أن تستجمع أفكارك لتوجهها جميعاً نحو هذا الهدف، لقد قال "ويلسون" رئيس الولايات المتحدة السابق: إن أكثر البشر من الحالمين. وكان مخترع الكهرباء يقضي ساعات من وقته الثمين متأملاً انسياب المياه في الجداول. واعلم أن السهوم ليس تنزيهاً للعقل، ولا يشكّل ترويحاً عن الذهن المكدود. فالسبيل إلى هذا وذاك هو أن تغمض عينيك، وأن تسبر أغوار عقلك باحثاً عن ذكريات.. لأن ذكريات ما عرفته بالأمس مضافة إلى انطباعات اليوم هي التي تولّد الأفكار الجديدة


سُئل المخترع الأشهر "أديسون": (أتفكر وأنت جالس أم تؤثر وضعاً آخر هو الاضطجاع؟) فأجاب متضاحكاً: إن الأفكار تمرّ في رأسه من تلقائها، سواءً كان جالساً أو واقفاً أو مضطجعاً. وروى "أديسون" أنه قضى ذات يوم بضع ساعات في تفكير متواصل بحثاً عن طريقة تضاعف سرعة الانتقال البرقي، فمرّت بخاطره فكرة عارضة ما لبثت أن بدّلت اتجاه تفكيره، وكان الفونوغراف هو الاختراع الذي توصّل إليه بعد أن تبدل الاتجاه. ومما يساعد على التفكير أن يدوّن المرء ما يمرّ في رأسه على الورق، فالفكرة توّلد الفكرة، فإذا دونت فكرة ما على ورقة أمامك تتبعها ثانية فثالثة فرابعة إلى أن تمتلئ الصفحة. وكل هذا لا يصل بك إلى أغوار عقلك، ولا يستنفد ما فيه من أفكار. بيد أن هذا الأسلوب كثيراً ما يبتعد بمتبعه عما يحيط به، فلا يشعر إلا وهو يدور في حلقة مفرغة تفصلها عن عالم الواقع حواجز من الأحلام والتخيلات. وقد وجدتني أدور في هذه الحلقة أكثر من مرة، فكنت ألجم مخيلتي وأنفر إلى خارج منزلي لأجوب الشوارع متفرجاً على واجهات المخازن، مصغياً إلى ما يُقال حولي، وكثيراً ما كانت الفكرة الصالحة التي بحثت عنها في عزلتي تمرّ في رأسي وأنا أبعد الناس عن التفكير


إن الظفر بفكرة جديدة في عصرنا هذا، لمن أندر الأمور. يبقى علينا والحالة هذه، أن نجمع الأفكار القديمة ونتوسع في تفسيرها وتطبيقها. من ذلك ما فعله منتج شفرة الحلاقة ماركة (شيك)؛ فقد كان الرجل عاملاً في مصنع للسلاح قبل أن يصبح من منتجي شفرات الحلاقة. فاستوحى من عمله الأول فكرة تجهيز ماكنة الحلاقة (شيك) بنتاش كنتاش البندقية يقذف بالشفرة المستعملة، ويحل محلها أخرى جديدة، دون أن يكون ثمة حاجة للمس الشفرتين. من أقوال "أديسون" التي تكرّس النظرية السالفة الذكر: (العقل في عمله السلبي يكتفي بجمع التجارب والاختبارات، وفي عمله الإيجابي يعيد خلق التجارب والاختبارات). حاول أن ترى بعيني سواك: توفي أحدهم وخلف لأولاده الأربعة مشروعاً تجارياً يوشك أن ينهار أمام منافسة مشروعات جديدة توافرت لها مقومات البقاء وأسباب النجاح والازدهار. فجمع الولد البكر أشقاءه وقال لهم: (لا قبل لنا بالوقوف في وجه منافسينا الأقوياء على صعيد المضاربة لأن رأس مالنا ضعيف، وعندي أن نجتهد في استمالة السكان بحسن تصرفنا). ولما استزاده أشقاؤه إيضاحاً قال: (ينبغي لنا أن نغزو قلوب المستهلكين قبل جيوبهم، وهذا يكون بالنظر إلى الأشياء بعيونهم، بحيث نقدّم إليهم ما يشتهون، وبأسلوب يجعل إقبالهم على أصنافنا أمراً لا شكّ فيه). لا جدال في صعوبة إلزام النفس بهذه القاعدة؛ لأن حب الذات متأصل في نفوس البشر. ولم تفت أكبر الأولاد الأربعة هذه الحقيقة، ولكنه ما زال بأشقائه حتى أقنعهم بصواب رأيه، فجعل المشروع شعاره إرضاء الجمهور بأي ثمن واجتذابه بجودة الأصناف وحسن المعاملة، وسرعان ما ثبت أقدامه في وجه المزاحمة، وفي غضون ستة أشهر برز إلى المقدمة، وتابع تقدمه مذ ذاك باطراد، كلّ هذا بفضل مخيلة أحد أصحابه وسلامة تفكيره وبعد نظره. كان لنكولن يقول: (المقدرة كل المقدرة في أن تحيط نفسك بأكبر عدد من الأصدقاء). ومن أقوال "كونفوشيوس": إن الذين لا أصدقاء لهم، هم فئة من البشر لا تمكنها مصادقة الناس. أي أن من لا أصدقاء له، هو المسؤول عن عزلته، فهو لا يهتم بشؤون الآخرين، ويتنكب السبل المفضية إلى كسب ودّهم


عرض: لويس الحاج

Apr 27, 2008

مهارات التواصل الاجتماعي تمنحك الثقة بالنفس




من منا يحتاج إلى مهارات التواصل الاجتماعي؟ بالطبع جميعنا يحتاجها.. بغض النظر عن المستوى التعليمي، أو مستوى الدخل، أو المهنة، أو السن؛ نحن نحتاج إلى المهارات التي تمنحنا الثقة بالنفس، والقدرة على التخفيف من قلق الآخرين عند التعرض لمواقف حرجة. كلنا نذكر تلك التوجيهات التي كنا نتلقاها في طفولتنا، مثل:"لا تتكلم مع الغرباء" و"السلامة خير من الندامة"، والتي قد تشكّل عندنا في فترة لاحقة حواجز من شأنها أن تحدّ من مهاراتنا الاجتماعية في التواصل مع الآخرين.. إن الإنتقال إلى دور قيادي على مستوى العلاقات الاجتماعية؛ من تعريف الآخرين بالنفس، وتعريف الآخرين ببعضهم، والمبادرة في فتح الحوار في جلسة ما (ببساطة "كسر جمود الجو العام")، قد يحمل معه جانباً من المجازفة. ورغم أن الإلتقاء بأناس جدد يسبب لمعظمنا شعوراً بالحرج، إلاّ أنه باستطاعتنا تجاوز ذلك بسهولة من خلال تطوير المهارات التالية


التعريف بالنفس: أول خطوة في الوصول إلى الثقة بالنفس، تكمن في قدرتك على تقديم أو تعريف الآخرين بنفسك عند لقائك بهم للمرة الأولى. والمسألة غاية في البساطة.. امش باتجاه أحدهم مبتسماً وانظر إليه، ثم قل: "مرحباً، أنا فلان". ومن يتبع ذلك سواءً في مناسبات رسمية أو غير رسميّة، وبغض النظر أكان شاباً أم كبيراً في السن، سيكون قادراً على تشكيل صداقات بشكل سريع. مد يدك واظهر مودتك.. وبالطبع هذا لا يعني مطلقاً أنه يمكنك تجاوز حدود اللياقة وإبداء الكثير من الحميمية؛ فمن شأن هذا أن يثير اللغط والشائعات في لمح البصر. ومن الضروري أيضاً أن تكون واثقاً من رغبتك في لقاء الطرف الآخر


التعريف بالآخرين: بعدما تنتهي من التعريف بنفسك، سيكون عليك تقديم صديقك الجديد إلى الآخرين.. وهنا، لابد من مراعاة القواعد الآتية: عند التعريف بشخصين، يجب الانتباه إلى ذكر اسم الشخص الأهم أولاً؛ أي ذكر اسم الشخص الذي يُفترض أن يلقى الاهتمام الأكبر من المجموعة. يتم تقديم الشخص الأصغر سناً إلى الأشخاص الأكبر منه سناً. يتم تقديم الرجال إلى النساء. يتم تقديم الموظفين إلى المديرين


مهارات المحادثة: بعد الانتهاء من التعارف ننتقل إلى كيفية البدء في حوارات مع الآخرين.. فبعد بضعة تعليقات مختصرة يحين وقت الحوار الحقيقي.. لكن كيف؟ يحب الناس - عادةً - التحدث عن أنفسهم، وكل ما تحتاجه هو طرح بعض الأسئلة على الآخرين في الوقت المناسب كي تجرهم إلى ذلك، لكن هنا يجب الحرص على أن تكون الأسئلة المطروحة تتناسب مع طبيعة اللقاء، والابتعاد عن طرح قضايا حساسة (مثل السياسة، الدين، الصحة، المال ... الخ). إن اطلاعك على آخر التطورات في مختلف الميادين - من خلال الجرائد والصحف والنشرات الاختصاصية - له أن يمدك بموضوعات جيدة لحوارات متنوعة. يحتاج الأمر إلى بعض الجرأة، لكن القارئ الجيد والمطلع بإمكانه محاورة أي شخص في أية مناسبة. والآن، بعد أن تمكنّا من فتح الحوار، من المهم معرفة كيف ننهيه.. كل ما عليك فعله هو أن تقول: "عذراً، سررت جداً بلقائك.." ويمكن إضافة "أظنني أرى زوجي، عميلي، مديري ...الخ


الانتقال من حالة "الضيف" إلى حالة "المضيف": إذا كنت مدعواً إلى حفلة استقبال، أو اجتماع عمل، تكون أنت الضيف، لكن أن تتمكن من القيام بدور المضيف فهذا شيء رائع حقاً. يكون "المضيف" (سواء كان شخصاً أو أكثر) متفائلاً وحماسياً، بحيث يقوم بتعريف الآخرين بنفسه، يعرِّف الآخرين ببعضهم، ويستخدم مهارات الحديث، ويدير اللقاء بشكل جيد.. إضافة إلى ذلك، فإنه يعكس ثقته بنفسه، وطبيعته القيادية، من خلال مهاراته الاجتماعية. ورغم أنها قد لا تكون من طبيعته، لكن باستطاعته أن يجعل سلوكه الرفيع ودماثته يبدوان حقيقيين عندما يفضِّل الآخرين على نفسه. أما الضيف فيكون متردداً في الاختلاط مع الآخرين، ينتظر جانباً كي يقدمه المضيف إلى باقي الضيوف. إنه ينتظر المبادرة من الآخرين، ويفتقر بشكل عام إلى الجرأة والمبادرة. ويمكن أن يفسر الآخرون تصرفه هذا على أنه تكبُّر أو إنطوائية. التصرف "كمضيف" يتطلب منا الخروج من دائرة راحتنا الخاصة، ومحاولة تقديم الراحة للآخرين بعيداً عن الأنانية بحيث ينظر الجميع إلى أولئك " المضيفين" على أنهم قياديين وواثقين بأنفسهم، ويتمنون ضمناً أن تكون لديهم القدرة مثلهم على نشر السرور والراحة في تلك الملتقيات


إن اتباع تلك الخطوات الأربع يمكّننا فيها "كسر جمود" مثل هذه الملتقيات - أكان هدفها العمل أو الترفيه. وإن القدرة على التواصل مع الآخرين ببعض المرح والانطلاق هو مظهر من مظاهر السلوك الجيد الذي يتمثل في تحقيق الراحة للآخرين بتفضيلهم على أنفسنا. ربما يتطلب التحول من سلوك "الضيف" إلى سلوك "المضيف" أو المبادرة بتعريف الآخرين بأنفسنا جهداً خاصاً، إلا أننا بالتمرين، سرعان ما سنمتلك الثقة بأنفسنا التي كنا نحاول تصنّعها أمام الآخرين



ياسمين دبسي
بسام علي درويش

Apr 26, 2008

قوة الإيحاء الذاتي في تحقيق طموحاتك




الإيحاء يعتمد على مبدأ أن ما نتمسك به بعقلنا الواعي الظاهر يميل أن يصبح حقيقي بالنسبة لنا، ويميل إلى أن يُعاد استدعائه في حياتنا من خلال العقل الباطن. إنه واسطة المراسلة بين مستوى العقل الواعي الظاهر والعقل الباطن. ومن خلال الأفكار المسيطرة التي نسمح ببقائها في العقل الواعي، فإنه بمبدأ الإيحاء الذاتي تصل إلى العقل اللاواعي وتؤثر عليه


إن جميع المؤثرات الحسيّة التي يتم إدراكها بواسطة الحواس يوقفها العقل الواعي الظاهر، وربما يسمح لها بالمرور إلى العقل الباطن الواعي، وربما يرفضها العقل الواعي الظاهر بإرادته. وعليه، فأن الملكة الواعية الظاهرة تخدم كحارس خارجي للعقل الباطن. لقد خلق الله الإنسان بصورة جعلت له السيطرة الكاملة على كل مادة تصل إلى عقله الباطن بواسطة حواسه الخمسة، ولكن الإنسان غالباً ما لا يستعمل هذه السيطرة. الإيحاء الذاتي، هو الواسطة التي بواسطتها يمكن للإنسان إرادياً أن يغذي عقله الباطن أفكاراً من طبيعة خلاّقة، أو أنه باهماله يمكن أن يسمح للعقل الباطن أن يتغذى على الأفكار ذات الطبيعة الهدامة. إن عقلك الباطن يعرف ويعمل فقط على الأفكار التي امتزجت بالعاطفة والشعور. الأفكار الغير مصحوبة بالعاطفة لا تؤثر على العقل الباطن، إنك لن تحصل على نتائج ملموسة، حتى تتعلم كيف تصل إلى عقلك الباطن. فالإيحاء باستمرار وسرعة يصبح تكليفاً مستمراً للعقل الباطن، الذي يعرف كيف وأين يستعمل وسائله لتحقيقق التكليف (الهدف)، ويزداد الإيحاء تأثيراً في حالة الاسترخاء؛ لأنها تريح وتهدئ الجسم والنفس بوجه عام وتساعد على التركيز

حدّد هدفك الصحيح.. لتحقيق رغباتك وطموحاتك وبسرعة، عليك أن تمارس تصوّر هذه الأهداف، كن إيجابياً ومتفائلاً بتحقيق هذه الاهداف. إن كل ما ترغب فيه وتطمح بتحقيقه، باستطاعتك الحصول عليه، وذلك بأمرك وإيحائك إلى عقلك الباطن. العقل الباطن بامكانه جلب وتحقيق هذه الأهداف المادية أو المعنوية، لكن أول خطوة يجب اتباعها، هي تحديد الهدف، فإذا كان هدفك الصحة الجيدة والشباب الدائم وقهر الشيخوخة والعيش متمتعاً بالجسم السليم والعقل السليم، فما عليك إلا أن تتسلح بالمعرفة الصحيحة للجسم – وظائف أعضائه، والعقل وقوته، ومستوياته من عقل واعي وعقل باطن والغذاء وخصائصه وتناوله بصورة متوازنة، وتجنب الإرهاق والتوتر. تذكر أن عمرك ليس فترة من الحياة و الزمن بل طريقة تفكيرك، وأن تفكيرك يؤثر على جسمك إيجابياً، شباب دائم وصحة وحيوية أو سلبياً، مرضا وهرم. فالشباب.. الشباب الخالد حالة عقلية ذهنية.. الشباب جذوره في اللانهاية، ولا يشيخ ويعجز الإنسان إلا بمنع روحه من الإنطلاق، وسيطرة الخوف، والحسد، والغضب، والتعصب، والشك، والعواطف الهدّامة بدل الإتجاه الإيجابي من أمل، وتفاؤل، وحب، وتسامح، وفهم، وشجاعة، وحماس. فكّر كل يوم من حياتك أنك تنمو شاباً صحيحاً ومعافى.. إنه تحسين كبير أنك ستكون شاباً بصحة جيدة وعافية، حتى عندما يصبح عمرك أكثر من مئة، فالبقاء شاباً فن، وسر هذا الفن في الغذاء المتوازن، العيش الصحيح بعدم مخالفة قوانين الطبيعة، والإتجاه الصحيح للعقل والتفكير. الإرادة تنسبب وتخص العقل الواعي، وبالإرادة تستطيع أن تضبط بدرجة كبيرة ما يسجله العقل الباطن، وكم مدى التأثير المسجل عليه، هذا أمر مهم، وذلك لأنك بإرادتك تستطيع السيطرة على ما يدخل إلى عقلك الباطن، وتستطيع السيطرة على ما يخرجه العقل الباطن من داخله. وعندما تجمع طاقة وسعة العقل الواعي والعقل الباطن فإنك تحصل على إنجازات غير محدودة


ما فوق الوعي.. إن ما فوق الوعي من العقل الباطن، مركز الشعلة المقدسة في الإنسان، وهذا المستوى من العقل على اتصال مباشر مع العقل الكوني، والذكاء اللا نهائي. الإلهام المفاجئ، البصيرة، الكشف، الحدس، الإدراك عن بعد، كل هذه القوى من هذا المستوى من العقل ما فوق الوعي. إن نشاط مستوى ما فوق الوعي من العقل الباطن، يوقظ وينشط أعلى نوع من الطاقة في العقل والجسم الإنساني. عندما ينشط هذا المركز من الذكاء القدسي، غالباً، ما تظهر معجزات عند معرفتك الواعية بوجوده في الوجود الداخلي للإنسان، ويظهر أن هذا المركز يطلق مستويات عميقة من العقل والروح، باستطاعتها أن تعكس قوانين الجسم عند الضرورة، ويشفى الغير قابل للشفاء، ويتم الحصول على الإنسان الصحيح الكامل الذي خُلق في أحسن تقويم

Apr 25, 2008

أشـباح الخـوف السـتة



توجد ست مخاوف أو حالات خوف أساسية يعاني منها الإنسان، فردية أو مركبة، في أي وقت من الأوقات، والأشخاص المحظوظون هم الذين لا يعانون من هذه المخاوف مجتمعة كلها. وهذه المخاوف وفقاً لترتيب ظهورها هي: الخوف من الفقر، الخوف من انتقادات الآخرين، الخوف من المرض وتدهور الصحة (هذه المخاوف هي أكثر ما يقلق الإنسان). الخوف من فقدان حب شخص ما، الخوف من التقدم في السن، الخوف من الموت، وكل المخاوف الباقية ثانوية، ويمكن إدخالها ضمن أي من المخاوف الرئيسية الستة


وليست المخاوف أكثر من حالات ذهنية، والحالة الذهنية لكل إنسان خاضعة للسيطرة والتوجيه، ولا يمكن للإنسان أن يصنع شيئاً لا يتصوره مسبقاً على شكل دافع فكري. ويلي هذه الحقيقة قول أكثر أهمية، وهو أن الدوافع الفكرية للإنسان تبدأ فوراً بترجمة نفسها إلى واقع مادي، سواء كانت تلك الأفكار طوعية أو لا إرادية. والدوافع الفكرية التي تحصل بفعل الصدفة (مثل الأفكار التي تطلقها عقول أخرى) يمكن أن تحدد المصير المالي والمهني والاجتماعي للشخص تماماً مثل فعل الدوافع الفكرية الذاتية التي يصنعها الإنسان عمداً بذاته وبتصميمه. ونحن هنا نضع الأسس لتقديم حقيقة ذات أهمية كبيرة للشخص الذي لا يفهم، لماذا يبدو بعض الأشخاص "محظوظين"، بينما يمتلك سوء الحظ أشخاصاً آخرين يملكون القدرة ذاتها، والتدريب ذاته، والخبرة والعقل ذاتهما. ويمكن شرح هذه الحقيقة بالقول إن كل إنسان يملك القدرة على السيطرة على عقله وتوجيهه، وأنه بذلك وبوضوح يمكن له ولأي شخص أن يفعل الشيء ذاته، أن ينفتح على الدوافع الفكرية "المتسوّلة" التي تنطلق من عقول الآخرين، أو أن يقفل عقله كلياً ولا يقبل سوى الإندفاعات الفكرية التي يختارها. ولقد منّت الطبيعة على الإنسان بالسيطرة الكاملة على كل شيء، باستثناء شيء واحد، هو الفكر، وهذه الحقيقة مُضافاً إليها الحقيقة الإضافية، بأن كل شيء يصنعه الإنسان يبدأ على شكل فكرة تقوده أقرب إلى المبدأ الذي يمكنّه من التغلب على الخوف. وإذا كان صحيحاً، أن كل الأفكار تملك نزعة تغطية نفسها بواقع مادي يماثلها (وهذا صحيح دون أدنى شك)، فالصحيح أيضاً، هو أن الدوافع الفكرية للخوف والفقر لا يمكن أن تُترجم إلى شجاعة وكسب مالي



فيليكس جاكبسون

Apr 23, 2008

كيف تتخلص من وجهة نظر تزعجك؟



إذا ما رغبت في أن تنسى وجهة النظر المزعجة، فاعمد إلى أن تفعل ذلك بأيجاد البديل الأكثر قبولا لديك، وحالما تجد واحداً مناسباً فاستمسك به، وإذا ما جعلت الظروف المتغيرة من إعادة التكيف أمراً ضرورياً، فعليك باستشارة مرشدك، ما لم تشعر مطمئناً بأن الحالة لا تستدعي ذلك، لأنك في وضع أفضل، وأنك تستطيع مواجهة الموقف من غيرعون ولا مساعدة، أما إذا كان لديك أدنى شك فيما يتصل بحالتك، فعليك أن تسعى إلى التماس لمساعدة ثانية، وبخلاف ذلك فإنك ستقع في نفس العادة القديمة، إذ تجد نفسك في هذه اللحظة تفكر بطريقة ما وفي اللحظة التي تليها تفكر بما يجافيها. وليست ثمة ضرورة إلى أن تتخذ قرارك في هذه المرحلة، إذ إنك لن تجني فائدة تُذكرعندما تحاول، لأن تفعل ذلك، وفوق ذلك كله، فلا تبدد وقتاً بالإبتئاس، لأنك لا تستطيع إتخاذ قرار الآن. عليك أن تدرك أنك أنت على هذه الحال، بسبب ما أنت فيه من تعب أضناك، لا تفكر باتخاذ القرار حالياً، وإنما المهم لك ولمرشدك أن تفكر بمشكلتك، والتوصل إلى قرار بشأنها. ولأضرب مثلاً، حالة رجل كان يشكو من أنه لم يكن قادراً على إتخاذ القرارات التي يريدها، وقد نُصح ببذل جهد فائق للتوصل إلى قرار، وأن مشكلته حينذاك ستنتهي، وأنه سيفوز بالنصر في معركته مع ذاته، ومنذ ذلك الوقت وما بعده، كما ذكر مرشده، أنه لم يتعرض بعدها إلى أي اضطراب بشأن محاولته لأتخاذ أي قرار، إن النصيحة هذه كانت مضللة، فلعل هذا الشخص يبذل جهداً كبيراً، وقد يتوصل إلى قرار بنجاح، لكن هذا لا يغير من حقيقة الأمر شيئاً، ذلك لأن العقل لا يزال مجهداً وغير متوازن، وأن جهازه العصبي مرهق، وهو لذلك، قد يتعرض في المستقبل القريب إلى نفس الصعوبات التي كان قد وقع فيها من قبل في سبيل إتخاذ قرار، فلم إذن نرسي بمثل هذه الأهمية على ذهن مرهق ليقوم بإتخاذ القرارات ؟؟ فعندما يرتاح العقل، ويحظى بالراحة من الخوف، فإن إتخاذ القرار آنذاك سيكون أيسر تنفيذاً



كلير ويكس
ترجمة : د .عبد العلي الجسماني

Apr 22, 2008

المدارج الخمس لتغيير النفس



حتى يغيّر الإنسان الآخرين، فلا بد أن يبدأ بنفسه فيغيرها، ليكون صادقاً في زعمه، مؤثراً في دعواه، ولذلك يقول الله تعالى: ذلك بأن الله لم يكُ مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم


ـ كن جاداً وقوّم نفسك: ذلك لأن أي تغيير لا يكون صاحبه جاداً فيه، فهو تغيير هش لا قيمة له. هذه الجدية ينبغي أن يتبعها تقويم لواقع النفس وذلك من عدة جوانب، لعل من أهمها : * قدرات الفرد ومهاراته. * رغبات الفرد وميوله وهواياته. * الإمكانات المتاحة للفرد (مادياً ومعنوياً)، * نقاط القوة ونقاط الضعف. * الفرص المتاحة والمخاطر المتوقعة


ـ تأمل المستقبل: بعد تقويم واقع الذات، لا بد له بعد ذلك أن ينظر إلى الأمام، وأن يحدد ماذا يود أن يكون في المستقبل، ولذا فإن عليه القيام بالأمرين التاليين: * تحديد الرؤية: الرؤية هي الحلم بالمستقبل، أو الصورة التي يرسمها الإنسان لنفسه، وما يود أن يكون عليه بعد سنوات عديدة، ولتكن عشر سنوات مثلاً. * تشكيل الرسالة: الرسالة هي عبارة أو أكثر تعبّر عن غاية الفرد، وماهيته، وما المجال الذي يود التميز به، والخدمة التي يرغب في تقديمها، والجمهور الذي سيتعامل معه


ـ خطط لنفسك: بعد أن تتضح الرؤية، ويتم تشكيل الرسالة، ويعرف الإنسان غايته وما يود الوصول إليه في المستقبل، فإنه يبدأ بالتخطيط للوصول إلى غايته تلك، وتحقيق آماله وطموحاته، وهنا ينبغي تحديد التالي : * الأهداف المرحلية قصيرة المدى. * الوسائل الموصلة إلى هذه الأهداف. * الأنشطة مع برمجتها زمنياً. * السياسات الحافظة والضابطة للأهداف والبرامج


ـ ابدأ التغيير متوكلاً على الله: إذ أن آفة كثير من الناس أنهم يترددون كثيراً في تنفيذ ما يخططونه لأنفسهم، لذا ينبغي أن يعزم الإنسان على بدء تنفيذ الخطة، وأن يتوكل على الله ولا يتردد، كما قال الله تعالى: (فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين). وينبغي كذلك أن يهيئ المغيّر لنفسه، ويوفر كل ما تستلزمه الخطة من إمكانات بشرية أو مادية أو معنوية


ـ قوّم وعالج واستمر: حيث أن واقع التنفيذ قد لا يتطابق مع الخطط المرسومة، لذلك ينبغي أن يراقب الإنسان أداءه، ويقوّم واقعه بعد بدء التنفيذ، ثم يتعرف على الفجوة بين الواقع الحالي والأمل المنشود. وبعد كل ذلك فإن على المغير لنفسه أن يصلح كل اعوجاج، وأن يعالج كل انحراف، مع الاستمرار ومواصلة السير حتى يتم التغيير المنشود. وقبل هذا وذاك ينبغي للإنسان أن يُكثر الدعاء والاستعانة بالله تعالى ليرزقه التوفيق والسداد، ولييسر له طريق التغيير، فالموفق مَن وفّقه الله، والخاسر مَن خذله الله



د. علي الحمادي

Apr 21, 2008

أقصر الطرق المؤدية إلى التعاسة





إن "شوبنهاور"، فيلسوف الويل والثبور، قد أرسى لنا القاعدة لواحدة، على الأقل، من أساليب قبول الناس للسعادة عندما قال:" قلّما يفكر الناس فيما يمتلكون من نعم.. لكنهم دائموا التفكير في كل ما ينقصهم ". إن أسهل الطرق إلى التعاسة هي أن نمضي سحابة حياتنا كلها، أو يوماً واحداً، أو ساعة، أو حتى دقيقة واحدة منها، ونحن نتندم على ما ما ليس في حوزتنا. لا بل إنها أقصر الطرق المؤدية إلى التعاسة أيضاً.. لأن ذلك هو دائماً أمر متيسر لكل واحد من رام ذلك. والمادة اللازمة مطروحة ووفيرة، فكل واحد منا، بالغاً ما بلغ به من الحظ والنجاح، قادر، إذا شاء، أن ينغص نفسه بالتفكير بعدد لاحصر له من الأشياء التي يرغب في امتلاكها وتحقيقها لنفسه، دون أن يكون ذلك متوفراً له في الواقع. وهكذا، لو أننا اخترنا، لتحقق لنا أن نصرف العمر كله ونحن نقاسي مرارة التندم، مثلما يتحقق لنا في هذا الأمر وقتاً أقل من ذلك، ذلك أن الاختيار في النهاية هو في متناول أيدينا. لكن من منا يرغب حقاً في إتعاس نفسه ؟ هل هذا هو حقاً ما تريده عزيزي القارىء؟ إذا كان الأمر كذلك! فما عليك سوى أن تهرع بسرعة الى أقرب عيادة للطب النفساني


إن الأفكار المتندمة على الأشياء التي لا نملكها، ليست هي أسهل الطرق لفقدان السعادة فحسب، بل هي أيضاً السبب الأوحد للتعاسة التي يمكن محوها بكل سهولة. وهكذا، وبما أن معظمنا يمتلك هذه العادة السيئة بدرجة أو بأخرى، دعونا الآن نتلمس الطريق إلى هذا العلاج البسيط. قلّص رغباتك، حدّد هذه الرغبات لتحصر نطاقها، فقط، في ما هو ضرورة ماسّة للحياة. كن متيقظاً، وشديد الإيمان في قناعتك، أنك لا ترغب فعلاً، ولا تريد فعلاً، سوى الأشياء الأساسية الضرورية لك، والتي هي في النهاية إما ملك يديك في الحقيقة والواقع، أو أنها سهلة المنال. إن "إدي ريكنبلر" ورفاقه قضوا واحداً وعشرين يوماً من حياة كل منهم، وهم هائمون على وجوههم، بلا أمل، على صفحة المحيط الهادىء، فوق قوارب النجاة. وعندما سئل الرجل عن أكبر درس تعلمه، من هذا العذاب، ومن هذه التجربة المريرة في حياته، فإنه قال : " إذا تيسر لك كل الماء العذب الذي تحتاجه للشرب، وكل الطعام الذي تحتاجه للقوت.. فليس يحق لك. والحال كذلك، أن تشتكي من أي أمر". هل يعني ذلك أن عليك أن تكتفي من الحياة بما لا بد منه من شراب وطعام، لإطفاء الضمأ وسد الرمق؟ بالتأكيد لا.. لكنه يعني أن بإمكانك اجتناب التعاسة، والحصول على السعادة، عن طريق اختصار لائحة المقومات الأساسية، لحياة قانعة سعيدة، إلى أقل الأشياء الضرورية لذلك وأبسطها. ثم بعد ذلك: يكون كل ما يفوق أشياء هذه اللائحة : قيمة إضافية تضيفها إلى أسباب سعادتك


إن الأمر هو في هذه البساطة واقعاً وفعلاً.. هكذا تستطيع أن تتقدم في الحياة فيما أنت تضيف إلى أسباب سعادتك شيئاً جديداً، وربما أشياء كثيرة جديدة، يوماً بعد يوم.. فكل شيء جديد تحصل عليه- مهما كان قليل الشأن- سينضاف إلى أسباب سعادتك.. وهكذا تتعاظم سعادتك وتنمو.. لأنك لا تكون قد امتلكت أساسيات السعادة التي وطنت نفسك عليها فحسب، بل تكون قد حصلت في واقع الأمر : على أسباب إضافية للسعادة، وقد تم لك اكتسابها لتحسين أوضاعك ورفع شأن نفسك بعيداً من الضغوطات المنغّصة التي يخلقها الشعور الماس بالحاجة، ثم رسخ شعورك بالسعادة، الناتجة عن سخاء الحياة عليك، برسم هذه الصورة السعيدة على محياك، عبّر عن شخصيتك السعيدة هذه من خلال الشعور بالشكر والامتنان للحياة.. سلّط الضوء على النعم التي حباك الله بها، لا على رغباتك التي لم يجر تحقيقها وإشباعها


تذكر نعم الله عليك.. بترسيخ صورة ذهنية وعاطفية تضفي على شخصيتك إشعاع الفرح بالحياة ذاتها


تذكر نعم الله عليك.. لأن علماء النفس يعتبرون ذلك أسهل وأفعل وأقصر طريقة لعلاج العقل والنفس والجسد معاً


تذكر نعم الله.. – ليس عندما تأوي إلى الفراش، أو تنهض من النوم فحسب – بل في خلال السوانح القصيرة الكثيرة التي تُتاح لك في كل يوم تعيشه


تذكر نعم الله عليك.. وكن حامداً شاكراً من أعماقك له عليها، بل كن مصدراً مشعّاً للسعادة بسبب هذه النعم


تذكر نعم الله.. بكل شكر وامتنان، لأن هذه النعم إنما هي هبات إلهية أهدتها الحياة إليك



م.ر.كوبماير

Apr 20, 2008

يدك..هل هي أداة لشخصيتك؟



في الواقع، يقول الدكتور "بيرل"، (يدنا لا تكتب، إنما هي الاداة التي نستخدمها لهدفين، أحدهما، توصيل الفكره بوعي والثاني، التعبير عن الشخصية من غير وعي). وهذه عملية شببيهة بعملية الآلة الكهربائية مرسمةً موجات الدفاع الكتروانسيفالوغراف، التي تسجل على الورق تموجات الدماغ. فمثلاً، شخص لم يعُد باستطاعته استعمال يده اليمنى، يكون له بعد مدة من التمرين، نفس الخط لو كتب باليد الأخرى، أو حتى إذا كتب ممسكاً بالقلم بأصبع قدمه أو بفمه. نماذج من خط "اللورد ويلسون" المكتوبة بيده اليمنى وأخرى من التي كتبها بعد فقدانه لهذه اليد في معركة بحرية، تدل على تقارب مميز بين الكتابتين، مع أنه لم يكن فيها كثير من التشابه الظاهر. الصفة المميزة تظهر لنا في الخط منذ الدروس الاولى. ولد يملأ الفراغ على الورق بخطوط جريئة، بينما آخر يكتفي بخط بعض العلامات في أحد الزوايا. وولد بالغ الوعي يكتب عن مسألة بدقة متناهية، بينما يقدمها الآخر بدون اعتبار للتفاصيل ببعض الخطوط المشوشة. التعبير الأول عند البالغين، ينخرط الناس في الكتابة بطريقة مسلية. فعندما تنزلق ريشة "ولت دزني"على الورق، تنجز نفس الخطوط ذات الزوايا التي تتميز بها رسومه المتحركة. فالنقطة التي يضعها على اسمه ليست سوى تصغيراً لوجه فأره ميكي و((الدال)) التي يبدأه بها، لا تشبه الدال بقدر ماهي تشبه ذنب كلبه (( بلوتو)). صانع الفراء العالمي الشهير المتوفي، (ا . ج . فوكس)، كان يعرف نفيه بصنعته، بزيادة ذنب ثعلب على توقيعه، ومع ذلك فقد دهش عندما لفت نظره إلى ذلك أحد علماء النفس


نمط الكتابة، كنمط السير طبيعة حصول الكتابة هي بتقليص وارخاء العضلات. والعلاقة ما بين التقليص والإرخاء تعطي للخط مزايا شخصية، في العرض والسماكة والإنحناء. وعدم إنتظام نمط الكتابة، الذي هو قبل كل شيءالتوازن بين ضغط وإرخاء العضلات، يمكن أن يظهر الحالة العقلية عند المريض للمراقب العارف. وبدراسة عدم الإنتظام في مجرى نمط الضغط والإرخاء العضلي، يستطيع عالم النفس كشف الإنطواء الفصامي ((شيزوفرين)) الذي يسببه الضغط العضلي عند المصاب بهوس الكآبة أوقات الراحة


أنت تعرف الآن أن كتابتك تعبير عن شعورك، تستطيع تغييرها كما تستطيع تغيير شعورك، أو بتغيير شعورك يمكنك تغييرها، احعلها بالاتجاه الذي يناسبك، إلا أنه لن يكون بإمكانك تغببر الواحدة دون الاخر، لذا وُجدت السنكرومانطيقية لمساعدتك على خلق شعور الثبات والوضوح في نفسك، مما يزيح عن عنك الشعور بالقساوة، الذي يُعبر عنه بالكتابة ذات الزوايا الحادة، وكذلك الشعور بعدم الثقة الذي يُعبر عنه بخطوط متعرجة ومرتجفة، أو تلك المُعبرة عن تناوب الشعور التي تكون مرتفعة ومنخفضة. كما أنك لا تريد أن تظهر عشوائياً وبدون تنظيم، تذكر أنك بالكتابة ترسم نفسك، وأنت طبعاً تريد أن تكون في أحسن حالاتك.. أليس كذلك؟ إلا أنه لن يكون بإمكانك أن تظهر إلا كما تشعر.. وبأمكانك أن تشعر بأنك الشخص الذي تريده، إذا تصرفت على أساس أنك هو.. أعرف كيف تحب نفسك عندما تكتب حروف ال الكبيرة (العالية)، اكتبها ببالغ الاحترام للمفهوم الداخلي، واكتبها أعلى بقليل من بقية الحروف الكبيرة. وطبعاً، إذا كنت تكتب بأحرف الطبع، فأنت على طريق الصواب، أبق عليها.. فيدك وسيلة للتعبير عن شخصيتك كما يقول "ريتشارد رامبول": لم أكن لأصدق أن العناية الإلهية قد خلقت رجالاً يحتذون جزمة ومهمازاً، وملايينا آخرين يلبسون سرجاً ولجاماً كي يمتطي أحدهم الأخر


ادوارد ل . كرامر

Apr 19, 2008

هل تتصف شخصيتك بالنضج العاطفي؟



ًأحيانا نتعرض لأحد المواقف الصعبة والمفاجئة التي نقابلها بطريقة ورد غير لائقين وغير مناسبين،‏ مما يسبب غضبا وحرجاً للطرف الآخر‏..‏ وبعدها بفترة نسأل أنفسنا‏:‏ هل كان الرد والتصرف مساوياً للحدث؟ أم كان رد الفعل عنيفاً وبعيدًا عن الذوق واللياقة واللباقة؟ وحسب صحيفة "الأهرام" المصرية تقول "د‏.‏ مايسة المغني" أستاذة ورئيسة قسم علم النفس بجامعة عين شمس‏:‏ هناك عدة مقاييس للحكم على الشخصية الناضجة‏،‏ من أهمها، السيطرة على التصرفات‏،‏ وعلى سبيل المثال، إذا ما نشب خلاف بين الشخص غير الناضج مع أحد أفراد عائلة‏،‏ فإنه بالتالي ينقل إنفعاله وغضبه إلى علاقاته مع أصدقائه وزملائه في العمل‏، على عكس الشخص الناضج‏، فهو يقوم بحصر مشاجراته مع من تشاجر معهم‏. ‏وينطبق هذا على الحد من ثورة الأعصاب‏..‏ فغير الناضج، يفتقر إلى العامل الذي يوقف تصرفاته، ويجعله يدرك مدى الأثر السيئ الذي تتركه تصرفاته الثائرة على الآخرين‏، بل أحيانا ما يشعر بأن تصرفاته الثائرة تحظى بالتأييد ولها أثر فعاّل‏، كما يحس في بعض الأحيان، بأنه المحور الذي تدور من حوله الدنيا، بينما يحس الناضج في حق الآخرين أن تكون لهم وجهات نظرهم الخاصة‏.‏ ويتمتع غير الناضج بسمات من أهمها أنه متقلب المزاج بلا سبب معين‏، فاقد لأي تقدير للأولويات في تصرفاته، ويدرك الشخص الناضج موطن قوته وضعفه ويتصرف حسب ذلك‏،‏ وبالتالي فهو ليس بحاجة للحماية من قبل أي شخص‏. ‏وتؤكد "د‏.‏ مايسة" أن كل هذه التصرفات تنطبق على الرجل والمرأة‏، سواءً دون تفرقة‏،‏ وإن كانت بعض السيدات تستعمل العقل أكثر من الرجل عند مواجهة أي عواصف يمكن أن تهدم بيتها‏
والنصيحة التي أقدمها للشخص الذي يحس بأنه يتمتع بشخصية ناضجة إلى حدٍ ما، أن يحمل نفسه فوق طاقتها، ويحاول أن يحمي نفسه من مشاعر القلق وعدم الارتياح عند اضطراره لاتخاذ قرار مهم‏، أما بالنسبة للشباب، ألاّ تكون التجارب العاطفية الفاشلة بالنسبة لهم نهاية العالم‏. ومع تقدم العمر يحسون كيف كانت هذه المعاناة أحد أهم أسباب النضج العاطفي

Apr 18, 2008

إدعم نجاحك بالمشاركة الوجدانية




ما سبب اهتمام الفرد برأي الناس؟ وما سبب محاولته كسب رضاهم؟ إن بعض الباحثين يعتبر السبب "السلطة".. سلطة من بيدهم الثواب والعقاب كالوالدين، أو المشاركة الوجدانية التي تجمع الأفراد في حالات الأفراح والأحزان، ولذا (يجب المرء أن يتأكد عادة إن كان مرضياً عنه أم لا.. أي إن كانت لديه المؤهلات الإنسجامية أم لا.. فإن لم يكن حائزاً على الرضا - الذي هو أهم المؤهلات الإنسجامية – كان مهدداً بالعقاب أو بالفصل أو بالنبذ). والعامل المهم في أن يندفع الإنسان في سبيل الحصول على رضا الناس، كما يبدو، هو حبه لذاته.. فإنما يهتم بآرائهم عنه، لأن رضاهم يعني حصوله على المكانة اللائقة والاحترام لشخصيته.. والانسان، كما تراه الفيلسوفة الفرنسية "سيمون دي بوفوار"، لا يمكن أن ينفصل عن الناس، لأن (الحياة علاقة بالعالم، وأن الفرد يحدد نفسه بما يصطفيه لنفسه.. وينبغي لنا أن نلتفت صوب العالم لنجد الحلول للأسئلة التي تشغلنا.. ). كما يُنوّه "انتوني ستور" بأن الناس بحاجة إلى العلاقات مع بعضهم البعض، وعلى قدم المساواة، من أجل أن يدركوا إمكاناتهم الكاملة.. فالمرآة التي يرى فيها الفرد شخصيته، هي المجتمع، وحريٌّ بالفرد أن يرجع إلى تلك المرآة لتعكس له نفسه.. والصفات الكريمة إنما تظهر على وجه تلك المرآة نتيجة الإنسجام والتوافق مع الناس.. أما "هيلين شاكتر"، مؤلفة كتاب (كيف تتكامل الشخصية)، فإنها ترى أن رضى الناس راحة للنفس.. وسعادة، والتجانس معهم حاجة اجتماعية.. والإنسان، والحيوان أيضاً، يوصف بأنه ذكي: (إذا كان قادرا على تكييف نفسه لمحيطه)، فالقدرة على مسايرة الآخرين، وجه من وجوه الذكاء الاجتماعي، وهذه المسايرة أو معاملة الناس بالحسنى، و ليست بموهبة يرثها البعض، ويُحرم منها البعض الآخر، بل هي ضرب من المهارة يكتسبها الإنسان بالتدريب والممارسة، كلعب الكرة، وركوب الدراجة، والسباحة، وغير ذلك من المهارات.. وقد أصبح من البديهي في هذا العصر: ( أن المهارات تحتاج إلى معلومات أساسية وكثير من التدريب).. ومتى أضطلع الإنسان من آراء المجربين والخبراء، اتضح له الطريق، وحصل على تلك المعلومات الأساسية، وظهر له أن ليس هناك شخص مكروه، لأن الله تعالى قد خلقه مكروهاً، أو آخر محبوب، لأنه وُلد ووُلد معه حب الناس له، دونما جهد أو تدريب.. حب الناسيوجه كما يذكر البروفيسور "هبنر" نصيحته إلى الراغب في الحصول على حب الناس وكسبهم قائلاً : - افترض أن الناس يحبونك، واتصل بهم وأنت مشبع بهذه الروح.. فلئن افترضت العكس، وحاولت الابتعاد عنهم، ظنوا أنك لا تريد أن يقترب منك أحد، وأنك تفضل العزلة والخلو مع نفسك، لذا فإنهم سيتركونك ونفسك. - حينما تحيي أحداً، لا تحييه بلسانك فقط، بل أضف إلى تحيتك إبتسامة، وإشارة يد، أو مصافحة، فلئن شعرت بأنك تبالغ بالمجاملة وتتظاهر بالود، فاستمر على المبالغة بالمجاملة، والتظاهر بالود إلى أن تصبح هذه الصفات طبيعية لا تكلف فيها ولا مبالغة. -اعترف بخطئك وسوء تصرفك، حينما يحصل منك سوء تصرف، وليس القصد من وراء هذا أن تجعل من نفسك اضحوكة وموضع سخرية، ولكن ليكن لديك من سعة الصدر وحب المرح ما يسمح لأصحابك بالضحك من سوء التصرف الذي وقعت فيه.. إن ذلك يجعلهم يشعرون بسمو المكانة والارتياح، ويجعل شخصيتك مرنة مرحة. - فكر بالشخص الآخر، واهتم بما يطيب له من أحاديث، فسيعتبرك ذا شخصية مهمة ومحبوبة، لأن ((الشخص الذي يفتقد الاهتمام بالناس، لا يُؤمل أن يبني علاقات طيبة في مجتمعه)). وأن ((التطور الحر للشخصية يستبعد الاهتمام بالذات)). بالأضافة إلى أن الالتفات نحو الناس -بدل الاهتمام بذواتنا - نوع من التواضع الجميل. يعزو الفيلسوف "رسل" أعظم الفضل في سعادته إلى أنه استطاع أن يخفف، شيئاً فشيئاً، ومن استغراقه في ذاته والمبالاة بنفسه، وأن يلتفت نحو العالم الخارجي . قد يبدو للوهلة الأولى أن العزوف عن الذات – وهي عالمنا الداخلي – والالتفات نحو العالم الخارجي، أمر ليس ببالغ الأهمية، لكنه يعني التغيير الجذري لنظرتنا في الحياة، والتحول من الإعجاب والفخر بأنفسنا، إلى الإعجاب بمفاخر الناس.. من الركض وراء النهم النفسي، إلى القناعة بالقليل. من التطاول والكبرياء، إلى التضاؤل والتواضع


أن الناجح يرتفع إلى مكانته السامية، بالتخلي عن المكانة السامية، ويكبر في عيون الناس، قدر ما يتضائل ويتواضع.. وليس في التاريخ من إنسان عظيم لم يتصف بالتواضع خلقاً، ولم تخلد شخصية لا تصفها بالكبرياء والجبروت.. وسير قادة المجتمعات ومصلحي البشر تفيض بالأمثلة الناطقة، والكتب السماوية المقدسة – التي هي قائدة الكتب الاجتماعية وحاملة لواء الاصلاح – تضع التواضع أساساً أولاً للخلق العظيم. ومن يريد التواضع عليه ألا يحاول تعليم الناس – تبرعاً – إلا إذا طلبوا منه ذلك، خصوصاً إّذا علم مقدماً بأن تبرعه بالتوجيه والنصيحة لن يثمر شيئاً


إن اكثر المفكرين في العصور القديمة – ولا زال بعضهم حتى يومنا هذا - (يحسبون أن الإنسان يتأثر كل التأثر، في عقيدته أو اخلاقه، بالموعظة والكلام المجرد.. إنهم يجهلون حقيقة الإنسان، وكيف أنه يتأثر بظروفه الواقعية أكثر مما يتأثر بالأفكار المثالية التي يُوعظ بها. فالموعظة لا تجدي نفعاً إلا إذا كانت ملائمة للظروف الواقعية ومنسجمة معها). يقول "برنارد شو": (إن كنت تُعلّم الإنسان أي شيء، فلم يتعلم أبداً). لذا فإن من يُعلّم الناس يتعب، لأنهم لا يتقبلون الإرشاد، كما اتضح، ولأن تقبلهم التعليم والتوجيه معناه الاعتراف الضمني بقلة إطلاعهم، أو ضعف ذكائهم، وثم اعترافهم بسبق من يقوم بالتعليم، وبامتيازه عليهم.. فليكن شور الآخرين نصب أعيننا، ولنحاول أن نجد المناسبة التي نرفع فيها من شأنهم، ونشعرهم أنهم أرفع مما يتصورون، لا بالتحدث عنهم مباشرة، بل بالتحدث عن مواطن اللباقة والذكاء في فعل من أفعالهم. قال الفيلسوف الألماني المشهور "شوبنهاور" : (إن المجاملة كالمقاعد المطاطية للعربة، لا تحتوي غير الهواء، لكنها تخفف من عثرات الحياة). ولكي نتأكد مما تفعله المجاملة ،عملياً، باستطاعتنا أن نجربها مع اللذين لا تربطنا وإياهم روابط ودية قوية.. ولنحاول، مثلاً، أن نجد في ملابس أحدهم قطعة حسنة – وليس من المعقول أن تخلو جميع ملابسه من شيء حسن – فنقول له بلهجة العجب: حقيقة أن الخياط الذي فصل هذا الثوب قد أجاد تفصيله..! من أي مخزن اشتريته؟ ولننظر ما سيكون رده.. فقد ثبت بالتجربة أن الفرد - حتى وان كان قلبه ممتلئاً غيظاً وحقداً – لا بد أن يراجع ذهنه قليلاً، ويقول في نفسه: إن هذا الإنسان يمدح ذوقي، ويحب شخصيتي، إنه ليس مكروهاً إلى الدرجة التي كنت أتصورها.. يظهر أن فيه بعض النواحي الطيبة. وقد قال المفكر "إيمرسن" :(إن المدح هو الهدية الوحيدة التي يشعر المرء إزاءها بالامتنان).. وأن بعض المفكرين يحذرون من (أن المجاملة تفشل، حالما تنكشف للناس). نعم تنكششف وتفشل إذا كانت مرتدية ثوب الرياء.. ولكن، كيف يمكن أن تنكشف المجاملة وتفشل، إذا كانت صادرة عن قلب صادق؟!.. قال بعضهم، إن الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، وإذا خرجت من اللسان، لم تجاوز الآذان). وقال بعضهم أيضاً (إثن على الأصحاب من غير إسراف يخرج بك إلى الملق الذي يمقتونك عليه، ويظهر لهم منك تكلف.. وإنما يتم لك ذلك إذا توخيت الصدق في كل ما تثني به.. والزم هذه الطريقة حتى لا يقع منك توان منها بوجه من الوجوه، وفي حال من الأحوال.. فإن ذلك يجلب المحبة الخالصة، ويكسب الثقة التامة..). فلكي تكون المجاملة صادقة، علينا أن نبحث عن المحاسن – وما أكثرها عند الناس لو فتشنا عنها بإمعان وتروّ- ولو كففنا النظر عن أنفسنا قليلاً.. ولكي نجعل المجاملة مدعومة بالصدق، علينا أن نجعلها تتنوع، ونجعل أسلوبها يتغير من مرة إلى أخرى.. فإذا استعملنا الفكرة نفسها مع كل الناس، تنكشف لا محالة وتطعنا بطابع الملق، وإذا جمدنا على الثوب، وجاملنا به مرات، فقد يثير ذلك شكوك صاحبنا وقد نلاقي عكس ما نتمنى. فلنغض النظر عن مساوئ الناس، من أجل كسب رضاهم، ولنذكر حسنة واحدة فيهم بالخير، بعد أن تيقنّا أنها حسنة، ولنطمئن بأن المجاملة لن تفشل حتى مع غير البشر


د . عباس مهدي

Apr 16, 2008

ماذا لو كنت الشخص المتردد



لست متأكداً من أن هذا هو سؤالي، لكن هل كنتم تريدون منا أن نرفع أيدينا عندما سألتم عن عدد المماطلين في الفريق؟ وقبل أن أتأكد من ذلك، كنتم قد استمريتم ولم يسبق لي أن رفعت يدي عالياً، لكن تلك هي حقيقتي، على الأقل، في بعض الأحيان، وعلى كل حال فكرت في أنه كان يجب علي أن أقول لكم بأنه كان في الفريق مماطل آخر غيري على الأقل، أكثر مما كان في واقع الأمر. لقد ارتفعت الأيدي عالياً، ما لم يكن بينها يد من لا يعتقد أنه مماطل، فهل يحدث ذلك؟ إن لدينا الكثيرين ممن يقولون لا، وهنا نود أن نسدي لك نصيحة صغيرة، وهي أن تذكر نفسك دائماً بقواعد الحساب التقريبي المبنية على التجربة العملية، لا على المعرفة العلمية : لا يوجد هناك قرار متقن وكامل، لأن لكل قرار ثمناً متأصلاً لا يمكن التنبؤ به - إن أي قرار يُهمل تنفيذه سوف ينفذ نفسه بنفسه ـ إذا ساورك شك بمعطيات القرار، فنفذه الآن


إن ثمانين بالمائة من القرارات التي تواجهها يمكن تنفيذها في لحظة معرفتها، ولن تستفيد بعد ذلك من أي معلومات إضافية، وإن نسبة خمسة عشر بالمائة فقط من القرارات تواجهها تستفيد من المعلومات الإضافية، وإن خمسة بالمائة من تلك القرارات سوف لا تحتاج إلى تطبيق أبداً. وإذا ساورك قلق بأن قراراتك سوف تتسبب في إلحاق الأذى بأي شخص، فعليك أن تصارحهم عندئذ بقلقك من اتخاذ القرار. إن الإعراب عن القلق والحساسية بشعور الآخرين، هي مهارة رائعة ما دام أنها لا تخفيك وراء سلوك معاكس. إننا أيضاً نوصي أن تبدأ بمراقبة القرارات الصائبة التي تقوم بصنعها، مثلاً لقد قررت الكتابة والمتابعة، تقرر أن تنهض في الصباح، وأن تأكل عندما تكون جائعاً، وأن تذهب إلى الفراش عندما تكون نعساً... الخ. لاحظ أين تُحقق نجاحاً، ثم اعمل نظاماً لصنع القرارات من أجل تطبيقه




ريك برينكمان وريك كير شنير

Apr 15, 2008

كيف تتخطى ظروفاً غير ملائمة؟




إذا كانت الظروف العصيبة، والمشكلات التي تمرون بها تثقل عليكم، وترغبون في تغيير أحوالكم وأنفسكم نحو الأحسن، فخذوا النقاط التالية بنظر الاعتبار



ـ فكروا جيداً قبل كل شيء ما الذي تريدون إحلاله محل العادة القديمة، والظروف السابقة، أو بعبارة أخرى، في أي مجال تنشدون التغيير؟

ـ ينبغي أن تكونوا أصحاب إرادة وعزم، لإيجاد التغيير اللازم، فما لم تكونوا مصممين على التغيير، لن يحصل أبداً


ـ يمكنكم استخدام النماذج والخطط المعروفة، من أجل إيجاد التغييرات اللازمة، وربما ساعدتكم في هذا السياق قراءة سير الشخصيات الناجحة



ـ ابتعدوا عن التوّحد، وكونوا مع الناس، وبين ظهرانيهم، واستعينوا بهم على التغيير



ـ توثقوا هل إنكم ستحرزون الرضا إذا ما تم هذا التغيير؟



ـ سيطروا على قواكم، وبدل أن تنفذوا الأعمال بحسب العادة والمألوف، حاولوا إنجازها بوعي وضمن الاتجاهات التي ترغبون فيها

،ـ أحياناً، ربما كان التعب هو الذي يدفعكم إلى التفكير بالتغييرات، في هذا الحال عليكم فقط أن تناموا لفترة قصيرة
فبهذا تستعيدون نشاطكم وحيويتكم


ـ لا تتوقعوا أن تتغيروا بسرعة، فالتغييرات التدريجية المستمرة خير من التغييرات الفجائية وأعمق تأثيراً في الحياة



ـ بدل أن تشعروا بالحزن والبؤس بعد كل عمل خاطئ أو حماقة، اعلموا أن من حقكم الخطأ، وليس ثمة إلا أن تستفيدوا من هذا الخطأ لمزيد من الوعي في المستقبل، وعدم الوقوع فيه ثانية



ـ متّنوا صلاتكم بالله، عن طريق الكلام، والمناجاة، وتأدية الواجبات والمستحبات، ومصارحته بمشكلاتكم، وطلب المعونة فيه، وخاطبوه دائماً .. يا مقلب القلوب والأبصار، يا مدبر الليل والنهار، يا محول الحول والأحوال، حول حالنا إلى أحسن الحال

Apr 14, 2008

مارك توين.. والذاكرة البصرية



إن اكتشاف "مارك توين" طريقة استخدام ذاكرته البصرية، مكنّه من تناسي المذاكرات التي عرقلت خطبه عدة أعوام. وإليك قصته كما رواها على صفحات مجلة (هاربرز). إنه لمن الصعوبة بمكان أن تتذكر التواريخ، لأنها تحتوي على أرقام، والأرقام جامدة، شكلها لايلفت النظر، ولا تعلق بالذاكرة، وهي لا تكون صوراً، ولذا، فهي لا تتيح للعين فرصة اقتناصها، في حين أن الصور تثبت الأرقام، بل تستطيع أن تثبت كل شيء تقريباً ـ وبخاصة إن رسمت أنت الصور بنفسك، والواقع أن هذه هي النقطة الجوهرية ـ ولذا يجب أن ترسم أنت الصورة، فقد عرفت ذلك بالتجربة، فقد كنت منذ ثلاثين عاماً ألقي محاضرة كل ليلة عن ظهر قلب، فكان لا بد لي كل ليلة أن أستعين بمذكرات تملأ صفحات كاملة، حتى لا يختلط علي الأمر. وكانت هذه المذكرات عبارة عن بدايات الجمل، وكان عددها إحدى عشرة جملة، جرت على الوجه التالي: الطقس في ذلك الإقليم... جرت العادة في ذلك الوقت... ولكن لم يسمع أحد في كاليفورنيا أن... إحدى عشرة جملة من هذا الطراز، يتكون منها ملخص المحاضرة لتقيني القفزات، ولكنها كانت تبدو كلها أمامي متشابهة على الصحيفة، لم تكن ممثلة في صورة، وكنت أحفظها عن ظهر قلب، ولكني لم أستطع أن أحفظها متتابعة، ولذلك كنت أحتفظ بهذه المذكرات دائماً بالقرب مني، فألقى عليها نظرة كل لحظة قصيرة، وقد حدث مرة أن افتقدتها، ولا تتخيل مدى المخاوف التي انتابتني في ذلك المساء، حتى أنني أفكر الآن في ضرورة الكشف عن وسيلة أخرى غير المذكرات. ولذلك حفظت عن ظهر قلب الحروف الأولى لثلاث جمل مرتبة ترتيباً متتالياً مثل ك، ج، ل.. وهكذا. وتقدمت إلى المنصة في الليلة التالية، ومعي هذه الحروف مكتوبة بالمداد على أظاهر أصابعي العشرة، ولكنها لم تستجب لي، وظللت أتتبع أصابعي برهة، ثم ضللت طريقي إليها. وبعدئذٍ، لم يتيسر لي التأكد من آخر إصبع استخدمت الحرف المكتوب عليه، كما أنني لم أستطع أن أزيل الحرف عقب استخدامه، وبقيت برهة واثقاً من توفيقي، ولكن ذلك سبّب لي أيضاً كثيراً من حب الاستطلاع والفضول. أما بالنسبة لجمهور المستمعين، فقد حسبوا أن اهتمامي بأظافري كان أعظم من اهتمامي بموضوع المحاضرة. ولقد سألني شخص أو إثنان فيما بعد عن سبب اهتمامي بيدي. ومن ذلك الحين طرأت على ذهني فكرة الصور، وبذلك انتهت متاعبي، وقد استطعت عمل ست صور بقلمي خلال دقيقتين، حلّت محل الجمل الإحدى عشرة وأدت عملها على الوجه الأكمل. وسرعان ما ألقيت بهذه الصور بعد الفراغ من عملها، لأنني كنت واثقاً من قدرتي على إغلاق عيني وتخيل هذه الصورة وقتما أريد... لقد حدث هذا منذ ربع قرن، وقد أمحت المحاضرة من ذهني منذ أكثر من عشرين عاماً، ولكني ظللت قادراً على كتابتها ثانية من الصور التي بيت عالقة بذاكرتي



دايل كارنيجي

Apr 13, 2008

ماذا تقول لنفسك حين تكلمها؟




نحن نتكلم مع ذواتنا دوماً.. فالكلام مع الذات هو ترجمة للتفكير والأفكار الذهنية التي تطوف فى وعينا. ودماغنا هو دوماً في نشاط دائم، وينعكس نشاطه فى أحاديثنا مع ذواتنا، وعلى غرار تأثيرات أحاديث وكلام الناس معنا، فإن أحاديثنا مع ذواتنا تؤثر فيها أيضاً. وعلى حد قول العلاّمة "دونالند ميخومبوم": الكلام مع الذات يوجه العواطف والسلوك ويحددهما. من سوء الحظ، هناك الكثيرمن الناس يُكلمون ذواتهم بما لا يثريهم، ويُدنّي من احترامهم لذواتهم، وقد يكون السبب إنتقاد الوالدين والمعلمين وغيرهم مما يجعلهم أي هؤلاء الناس يؤمنون بوجود سلبيات كثيرة في شخصياتهم. فهل أنت أحد ضحايا هذه السلبيات السلوكية؟ إذن الأحاديث مع الذات عند شرائح كبيرة من الناس تتضمن ما يدني من ذواتهم ويعزّز مثالبهم وعيوبهم، مثلاً قد يقولون لذواتهم : " أنا أحمق " " أنا أناني " " أتصرف كالمعتوه " تعودت أن أذم ذاتي وأصفها بالسوء " إلى ما هناك من أحاديث محقرة للذات توّلد مشاعر النقص والدونية والصغار والأفكار المهزومة للذات


إن الكلام السلبي مع الذات يولّد عادة القلق والإكتئاب، وغير ذلك من النتائج المدمرة للصحة النفسية. ولعل النبوءات التي يخترعها الفرد ضد ذاته تبدو شائعة بين الناس، إذ تبدأ بالإيمان بدعواك وبدعايتك، وتجلب لذاتك ما يخيفها. وعلى نقيض ذلك يكون " الصح " فالكلام الإيجابي مع الذات يقدم نتاجات مرغوبة ويُولد مشاعر جديدة. والسؤال المطروح: هل إن تبديل حديثك مع ذاتك يعطيك عوناً وفائدة ؟ بالتأكيد نعم قل لذاتك مراراً وتكراراً أنك ستفشل فإنك ستفشل

قل لذاتك مراراً وتكراراً أنك ستنجح فسيحالفك النجاح، وبخاصة إذا كان هذا النجاح يصنعه جهدك ومثابرتك " لذا تكلم" مع ذاتك عن ماضي نجاحاتك، وعن الأوقات التي أنجزت فيها أشياء وعن المرات التي تغلبت فيها على الصعوبات، وعن الأيام التي كنت تشعر بالشعور الجيد. ولطالما شعرت بالمزاج الجيد، فستشعر الآن بالشعور الطيب والجيد، وربما أنك تغلبت على الصعوبات سابقاً فستتغلب أيضاً عليها الآن. ومن الجائز أن الناس الذين هم أكثر نجاحاً قد واجهوا الفشل أكثر من غيرهم، ذلك لأنهم حاولوا وجربوا أشياء كثيرة، والأمثلة في الحياة كثيرة عن أمثال هؤلاء الذين على الرغم من فشلهم المتكرر ظلوا يؤمنون ويثقون في ذواتهم وفي ما يرغبون في تحقيقه


لا تركّز إهتمامك على الفشل، إنظر إلى الأخطاء كخبرات تعليمية ولنمو الذات وللمعرفة، ولا تنظر إليها بما يدّني من الذات ويضعفها. لا تنغمس في تجريم ذاتك وتخطئتها، فهذا يؤدي إلى فقدان إعتبارك لذاتك، والتقوقع والإنحسار الحياتي والإكتئاب. تذكر أن الفرق بين الأحمق والحكيم هو : ليس في كون الحكيم لا يرتكب الأخطاء، ولكن في تعلمه من الأخطاء التى إرتكبها، بدلاً من أن يجرم ذاته لأنه إرتكب الخطأ : " أنا غبي ، " أنا سيىء "، " أنا تافه ".. قل لذاتك ما ترغب أن يقوله الناس لك



د. محمد حمدي الحجار

استشاري العلاج النفسي السلوكي
وأستاذ علم النفس السريري سابقاً

Apr 12, 2008

كي تحصل على ما تريد



حدّد ما تصبو إليه، واسأل نفسك : ماذا أريد فعلاً ؟ لماذا أريده ؟ ما نتيجة الحصول عليه ؟ هل هو الأمان، الإكتفاء، الحب، الصحة، السعادة أو النجاح ؟

اتخذ الآن موقفاً وكأنك نلت ما تريد أي : الأمان، الحب، السعادة أو النجاح. وبهذا الموقف أعني -المسعى- والكلام- نبرة الصوت- فلو كان لديك ما تمنيت تكون فرحاً، واثقاً.. أليس كذلك ؟ بالتأكيد. تصرف إذاً على هذا الأساس

لا تجهد نفسك.. لا تركز.. وستأتيك حلول المصاعب من الضمير الذي يدعوه البعض (( الهوى )) أو ((الحس)) أو الصوت الداخلي. يقول "أديسون" : وهذا ياتيك كالبرق، فلا بد أنك مررت بتجربة أو بتجارب مماثلة، كأن تكون قد نسيت مثلا ًاسماً أو حادثاً، ثم فجاة رأيته يعود إليك كالبرق
ضع بطاقات الورق المقوى التي تحمل كلمة (( اصغٍ )) في مكان يذكرك بالبقاء في هذا الموقف الروحي
ابق على هذا الموقف حتى يصبح طبيعياً وتلقائيا ً– وحتى تبدأ بالسمع، وحال سمعك اصغِ ضمنياً وبسرعة وبدون أن تتكلم عن ذلك لأحد. وهكذا ستقوى لديك هذه المقدرة، كل مرة تلتزم فيها بما تسمعه، وسترى بأن الإشارات أو العلامات القادمة ستكون أقوى وأكثر وضوحاً

وأخيراً، وفي هذه الأثناء، لا تتكلم عما تسمعه لأحد، ولا تنتقد أحداً في أي شئ، ولا تأخذ من الطعام والشراب إلا القليل، فالاعتدال شرط من شروط النجاح. فعمل الفهم الداخلي شبيه تماماً بفعل الطبيعة، وهي تجيب دائماً على الطلبات التي تقدم إليها، وهذه الطلبات ليست بالضرورة كلاماً، فالكلمات ليست سوى وسائل للتعبير



إن أهم القيّم في الحياة هي : الحب، الراحة، الجمال، الرضى والاكتفاء. والتفكير لا يستطيع التعبير عنها. المفهوم الداخلي وحده يحس بها، وبما أن الفهم الداخلي والطبيعة هما شيء واحد، فلنر كيف تتصرف الطبيعة: إن الطبيعة لا تجيبب على الطلبات المقدمة إليها إلا بالتطبيق أو بالاستعمال. فالعضلات مثلا ً لا تنمو ولا تكبر بمجرد أن تطلب إليها ذلك. وحتى تقوي ذراعيك لتستطيع القيام بأي حمل شاق عليك تمرينها، فالفعل يساوي الطلب. وأنت لن تستطيع الخروج بدراجة إلا بعد التمرن على ركوبها. والطبيعة كفيلة بأن تعطيك التوازن المطلوب، والطبيعة هي اسم آخر للفهم الداخلي



ادوارل. كرامر

Apr 9, 2008

كيف نكسب أنفسنا والآخرين




الاهتمام بجمال الباطن: العين ترى الجمال وتشخصه، نعم، ولكن جمال الباطن يشعر به المرء ويحسّه من أعماقه دون أن يحتاج إلى مشاهدته في الوجه، أو في تناسب الأعضاء من حسن ووسامة وما شابه. فكون المرء ذا معرفة وأخلاق وسلوك لائق، يجعله جميلاً في نظر الآخرين، ومستحسناً في نظرهم، ويستحق منهم كل مديح وثناء حتى ولو لم يكن ذا وجه جميل، أو جسم رشيق، أو ظاهر وسيم


النظرة الايجابية: من يملك رؤية ايجابية نحو الأشياء، يكون قادراً أكثر على تغييرها بشكل أفضل، ويثق بقدراته، ويتقبل الدعم من الآخرين، دون الوقوع في أسرهم


ردود فعلنا: إذا كانت ردود فعلنا تجاه الآخرين في إطار يقبله العقل، وتستحسنه قواعد الاخلاق الفطرية في الإنسان، فإننا سنجعل الآخرين يتصرفون معنا بنفس الطريقة عندما نسمع لما يقوله الآخرون وتنصت إلى كلامهم وآرائهم فإنهم سيحترمون آرائنا وأفكارنا حتى لو لم يقبلوها ويُولون أهمية لشخصنا وإن اختلفوا معنا


احترام الآخر: مهما كان هذا الآخر في مجتمعنا، فهو يجب أن يكون محترماً في نظرنا، لأنه إنسان له خصوصياته وأفكاره، ولا نتوقع أن تكون أفكاره وسلوكياته مطابقة أو مشابهة لأفكارنا وسلوكياتنا، وبذلك نتعايش ضمن الجماعة كأفراد متمايزين، يحظى كل منهم بالاحترام والكرامة والثقة بالنفس


قدّموا المديح وتقبلوه من الآخرين: امدحوا من كان يستحق ذلك منكم، ولا تبخلوا بشيء منه، وهو سيعزّز ذواتكم ويزيد من احترامها، وفي الوقت ذاته، تقبلوا ثناء الآخرين ومديحهم، ولكن دون غرور، فإن الإنسان قد يتراجع عن صفاته الإنسانية إذا ركن الى ذاته، ولم يفكر بجدّ أن المديح مهما بلغ لا يمكنه أن يجعله كاملاً، فاذا أراد التطلّع إلى ثناء أكبر، فعليه أن يسمو بذاته عن كلّ مديح

انتقدوا وتقبلوا النقد من الآخرين: انتقدوا تصرفات الآخرين وسلوكهم دون المساس بشخصيتهم، واختاروا افضل الطرق لاصلاح السلوك، فلا إساءة ولا تحقير ولا فضح أمام الآخرين. وتقبلوه أيضاً من أهلكم وأصدقائكم وحتى من الغرباء. ونبّهوهم في حال كان انتقادهم مصحوباً بإساءة أو تحقير أو فضح حتى يتعلموا النقد البنّاء


عزّزوا من نقاط القوة في شخصيتكم: اذا نظرتم إلى ذواتكم بوعي وتعقل ومسؤولية، فإنكم سترون نقاط القوة والضعف، فاعملوا على تعزيز نقاط القوة وتفتيت نقاط الضعف. وأحياناً تحتاجون إلى تحقيق ذلك باصدقاء خلّص ومرشدين ناصحين لتشخيص نقاط الضعف والقوة، والمساعدة على تحسين هذه النقاط في نفوسكم وسلوككم.


لا تخشوا الاخفاق والفشل: الإخفاق والفشل في بعض الأعمال وبعض العلاقات وما شابه، تعني أننا لم نوفق لتحقيق هدف ما، ولا تعني أكثر من ذلك، أي لا تعني أبداً أننا غير قادرين على تغيير الوضع، ولا ينبغي أن نوهم أنفسنا بذلك كلّما اخفقنا في تحقيق نتيجة معينة، والطريق إلى ذلك ليس هو الشعور بالنقص، وانّما تحكيم العقل والفكر وتقوية الثقة بالنفس حتى نذلل الصعاب ونحقق الغايات المرجوة

Apr 8, 2008

لا تكن لطيفا أكثر من اللازم‏



تحاول دائما أن تفعل ما يتوقعه منك الآخرون‏،‏ وتحرص على ألا تؤذي مشاعرهم‏،‏ تسارع إلى مساعدة الأصدقاء والأقارب كلما احتاجوا إليك وتتفادي مضايقاتهم حتى لو أثاروا غضبك.. إذن أنت شخص لطيف وتحب وتحرص على أن يصفك الناس هكذا‏.‏ ومع ذلك إذا أمعنت التفكير في سلوكياتك ‏'‏اللطيفة‏'‏ ستكتشف أنها في كثير من الأحيان سلوكيات‏ إنهزامية‏ كأن تقول "نعم" حينما كان ينبغي أن تقول "لا"‏،‏ أو تتظاهر بالهدوء عندما تكون غاضبا‏ً،‏ أو تلجأ للكذب لأنك تخشي إيذاء مشاعر الاخرين‏،‏ وقد تتحمل أعباء فوق طاقاتك حتى لا تحرج شخصاً عزيزاً عليك‏.‏ أي أنك في سبيل الحفاظ على التعامل مع الآخرين بلطافة ترتكب العديد من الأخطاء التي قد تؤثر بطريقة سلبية على عملك وعلاقاتك الاجتماعية‏.‏


ومن أكبر الأخطاء التي يقع فيها من يتسم باللطافة هي النزعة إلى الكمال مما يفرض ضغوطاً كبيرة عليه‏،‏ ويتطلب مجهوداً مضنياً منه لاثبات الذات‏،‏ والقيام بالمهام المختلفة على أكمل وجه‏،‏ فضلاً عن الإرضاء الدائم للاخرين‏. ‏ويجب هنا توضيح أن محاولة الوصول للكمال في حد ذاتها ليست عيباً، ولكنها تصبح خطأً عندما تدفعك لوضع معايير غير واقعية لنفسك‏،‏ أو تكبدك ما لا تتحمل من مجهود أو وقت أو مال‏، أو عندما تصبح هاجساً لدرجة تعرقل أدائك لعملك‏. ‏وأول خطوة لتصحيح هذا الخطأ هو الإيمان‏ (‏وليس مجرد ترديد العبارة‏)‏ بأنه لا يوجد أحد كامل، وتقبّل نواحي القصور لديك‏. ‏يأتي بعد ذلك إدراك أن الكمال ليس هو الطريق الوحيد لحيازة قبول الآخرين‏.‏


وبجانب النزعة للكمال يلخص "ديوك روبنسون" أخطاء أخرى يقع فيها الناس اللطفاء بشكل يومي منها‏: ‏القيام بالتزامات أكبر من طاقتك‏:‏ عادة دون أن نشعر يوقعنا اللطف في مأزق‏، أما أن نقول "لا" لشخص عزيز يطلب منا شيئاً، فنشعر بالأنانية والذنب‏، أو نحاول القيام بكل ما يُطلب منا فنستنزف طاقتنا‏. ‏‏-‏عدم قول ما تريد‏: ‏وربما تلجأ لذلك لأنك تعتقد أنه غير مناسب اجتماعيا‏ً،‏ أو لا تريد أن تظهر بمظهر الضعيف‏،‏ أو تخشى الرفض أو لا تريد أن تسبب حرجاً لمن تحب‏. ‏وفي كل الأحوال فان عدم الإفصاح عن مشاعرك ومتطلباتك وكبت ما تريد في سبيل الآخرين سيؤدي بك إلى المرض النفسي والعضوي كما قد تتبدد ملامح شخصيتك‏. ‏‏- ‏كبت غضبك‏:‏ المقصود هنا، هو الإبقاء على هدوء الأعصاب في حين أن داخلك يغلي نتيجة استغلال الآخرين لك، أو إيذائهم لمشاعرك، وهو ما يعتبر نوعاً من التزييف والكذب على النفس وعلى الآخرين‏.‏ والدعوة لعدم كبت غضبك لا تعني أبداً أن تثور كالبركان‏،‏ كل ما عليك أن تظهر للآخرين أن ذلك التصرف يضايقك حتى لا يكررها‏.‏‏ - ‏التهرب من الحقيقة‏: ‏حرصاً على أن تكون لطيفاً دائماً، فإنك كثيراً ما تتهرب من قول الحقيقة حتى لا تحرج الآخرين، ولكن ذلك لا يفيدك ولا يفيدهم‏.‏ عليك قول الحقيقة بتواضع وحساسية‏. ‏فعلى سبيل المثال، إذا سألتك زوجتك عن رأيك في صينية البطاطس التي لم تعجبك‏،‏ لا داعي لأن تكذب وتقول إنها كانت رائعة‏، ولا داعي أيضاً أن تكون فظّاّ وتقول أنها كانت سيئة، بل يمكنك الإجابة بأنك عادة تحب البطاطس من يدها ولكن طعمها هذة المرة كان مختلفاً بعض الشئ‏. ‏وهكذا تكون قد خرجت من المأزق بأقل الخسائر‏.‏ إن التخلص من الأخطاء البسيطة السابقة لا يعني إطلاقا التوقف عن أن نكون لطفاء بل فقط تساعدنا على ترشيد المجهود الإضافي المبذول للحفاظ على التعامل بلطف في كل الأوقات والذي كثيراً ما يأتي على حساب أعصابنا وراحتنا‏.‏ أما إذا كنت لا تعاني من كونك‏ '‏لطيف أكثر من اللازم‏'‏ ومازلت تبحث عن وسيلة لتكون لطيفاً فعليك قراءة كتاب ‏'‏كن لطيفا وإلا‏'‏ لوين كلايبوف


هناء دكروري‏

إشحن دماغك بتجارب ناجحة




يقول الباحثون : "إن دماغنا لا يميّز بين تجربة حقيقية حدثت في الواقع، وبين تجربة تخيلناها بكثرة وبكل تفاصيلها. بمعنى آخر: إذا كنت لا تفكر طول الوقت إلا في الفشل، إذا كنت تتخيله باستمرار وبكل جزيئاته كأنه واقع، فإنك بهذا تغذّي ذاكرتك بتجارب فاشلة، وبالرغم من كونها خيالية، فإنها يمكن أن تؤثر سلبياً على تصرفاتك في المستقبل. بينما، ولحسن الحظ، إذا تمكّنت من استرجاع ذكريات تجاربك الناجحة في الماضي، صغيرة ًكانت أم كبيرة، إذا تخيلت باستمرار وبدقة ما تريد تحقيقه، فإنك بهذا تشحن ذاكرتك بمشاعر انتصار ونجاح من شأنها أن تؤثر إيجابياً على حياتك

كيف تحيي نجاحك السابق؟ كل الناس حققوا النجاح يوماً ما، حتى لو لم يكن نجاحاً باهراً (نجاح في الدراسة، أو في إلقاء محاضرة نالت إعجاب الجميع، أو في مشروع مربح). المهم أنهم شعروا وقتئذٍ بالفرح والرضا لتحقيق هدف معين. أنت أيضاً حققت النجاح في عدة مناسبات بدون شك. اجلس غذاً في مكان مريح، وابحث في ذاكرتك عن تجربة ناجحة. عندما تتذكر واحدة، حاول أن تعيد تركيب المشهد بكل تفاصيله: المناسبة، المكان، الطقس، الألوان، الأصوات، تسلسل الأحداث...الخ. لا تنس أيضا أن تعيش من جديد مشاعر الفرحة والرضا، لأنها هي التي ستشحن ذاكرتك بطاقة بنّاءة تؤثر بدورها إيجابياً على جهازك الداخلي. هذا النوع من التمارين عندما يمارس بكثرة، يمكنك من التغلّب على تخيلاتك الهدّامة، فتصبح لا تتخيل سوى النجاح. استعن بالارتكاسات الشرطية، استعمل مثلاً تنفسك كشرط، وفي كل مرة تستعد فيها لإلقاء كلمة أمام مجموعة من الناس، ردّد في ذهنك :"عندما أبدأ في الكلام أمام الحاضرين، سأكون واثقاً من نفسي ولن أستسلم لتأثير الرهبة. وحتى إذا تملكني الشعور بها، فإن هذا الشعور سيزول حتماً عندما أقوم بتنفس عميق". هذه الطريقة من شأنها أن تنمي فيك ارتكاسا شرطياً إيجابياً، بحيث يصبح زوال الشعور بالرهبة متعلقاً بتنفس عميق

كيف تتعامل مع تجاربك الفاشلة؟ لنأخذ المثال التالي: في إحدى المجالس العائلية، يطلب منك أحد أقربائك إبداء رأيك بخصوص موضوعٍ ما. كل الحاضرين يصمتون ردك.. وإذا بك تفاجأ بهذا السؤال، فترتبك وتتلعثم ولا تدري ماذا تقول. ربما تعلق على هذا الحدث كما يلي :"إنني حقاً إنسان تافه، أقل شيء يفقدانني صوابي". لكن الأفضل طبعاً أن تنظر لهذه التجربة من زاوية بنّاءة، فتقول مثلاً :"هذا درس مفيد لي، فقد كان يكفي أن أتعلم الارتجال لأحافظ على هدوئي وأحسن التصرف في مثل هذه المواقف الحرجة". بمعنى أعم، في كل مرة تشعر فيها بقلق وغم بسبب حادثة سابقة تعود لذاكرتك، بدلاً من أن تستلم لمشاعر اللوم والعتاب، حاول بالعكس أن تستفيد من الأخطاء التي صدرت عنك خلال تلك الحادثة. أعد إذاً تركيب المشهد من جديد كما كنت تود أن يحدث، وأبدل الصورالسلبية بأخرى إيجابية. باستعمال هذه الطريقة مع كل فشل سابق، ويصبح بإمكانك أن تمحي ذاك الفشل من ذاكرتك ليحل محله نجاح جديد. يقول أحد الباحثين :"يجب على كل شاب يرغب أن يصبح عالماً، أن يكون مستعداً للإخفاق تسعاً وتسعين مرة قبل أن ينجح مرة واحدة، ولا يشعر بأية إهانة شخصية بسبب هذا الشيء

ماذا يمكن أن نستخلص؟ نعرف الآن أنه باستطاعتنا أن نتخلص من عيوبنا المتجذرة في أعماقنا، حتى ولو لم نكن مسؤولين عن الإصابة بها. بمعنى آخر : نحن لسنا سجناء ماضينا. لا، فهل العوامل الخارجية يمكننا استعمالها فقط لفهم الأسباب التي أوصلتنا لهذه الحالة. أما التستر وراءها طول الوقت، فلا يحل المشكل أبداً ولا حتى يحسن حالتنا الحاضرة أو المستقبلية

والآن وقد فهمنا هذه الأسباب، فعلينا نحن أن نبني مستقبلنا بكل مسؤولية


عامر العفاس

Apr 6, 2008

لا.. للضغوط السلبية


كلمة (لا) صغيرة في لفظها وكتابتها، لكنّها كبيرة في معناها ومغزاها. هي ضغط أو تكثيف لرفضك وإبائك وممانعتك، فلا تستهن بمقدرتها على إنقاذك في المواقف المحرجة والضاغطة سواءً التوريطية، أو الترهيبية، أو الترغيبية. لقد كان أوّل شيء علّمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس المشركين الذي جاء يدعوهم إلى توحيد الله هي هذه الـ لا- حيث خاطبهم بالقول : «قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا». إنّها سلاحك الذي به تقاتل الضغوط السلبية صغيرة كانت أو كبيرة، ولا تنسَ أنّ بعض الضغوط الصغيرة إذا استهنت بها، ولم تقل لها (لا) فإنّها تكبر وتستفحل وتنشط لافتراسك حتى تغدو ضغوطاً كبيرة قد تعجز عن مواجهتها. قل (لا) لأيّ ضغط سلبيّ، مهما كان شكله ونوعه وحجمه والمصدر الذي يأتي منه.. فكما أنّك تتدرّب على حمل الأثقال لبناء عضلات متينة مفتولة فإنّ (لا) تحتاج إلى تدريب حتى تصبح عضلات الإرادة قويّة متماسكة.. بمعنى أن تكون رافضة، مقاومة، ممانعة


كن صادقاً مع نفسك وقيمك وأهدافك، ولا تجامل أحداً على حسابها. هل ترضى أن تجامل الآخرين ـ من السادرين في غيّهم ـ بأن تدخل في حلقة اغتياب، وأنت تعلم أنّ الله يبغض الغيبة والمغتابين ويصف المغتاب بأنّه آكلٌ لحم أخيه ميتاً؟ كيف إذن تبيح لهم أن يستدرجوك لمواقع الزلل والوقوع في مطبّ المعصية قولاً كانت أو عملاً ؟ ولكي تقول (لا) بالفم الملآن، لا بدّ أن تتحمّل مسؤولية موقفك ونتائج عملك بشجاعة فـ (لا) مكلفة.. ولها ضريبة باهضة، لكن فوائدها جليلة ونتائجها باهرة. من السهل عليك أن تقول (نعم) لأيّ ضغط سلبي، فليس في ذلك جهدٌ يُذكر أو عناء يُطلب، ولكنّ الضعفاء هم مَنْ يقولون (نعم) دائماً حتى إذا لم يقبلوا بشيء، أو لم يكن يروق لهم. ولـ (نعم) وجهان :(نعم) إذا كنت مقتدراً على أداء شيء، وطُلب منك ذلك، ولم تترك استجابتك أي مردود سلبي عليك، فـ (نعم) هنا حلوة، لكنّها دَين، أي أنّك إذا قلت لشيء نعم فعليك أن تفي باستجابتك، كما لو يُقال لك انّك لطيف المعشر، محبوب من الجميع، فلو تدخلت في الإصلاح بين صديقين متنازعين، وقلت (نعم) فلا بدّ من أن تسخِّر وجاهتك في إصلاح ذات البين بينهما. هذه (النعم) إيجابية، وهناك (نعم) سلبية، وهي نوع من أنواع الاستجابة للضغط، فقد تستجيب للضغط وأنت مكره، وقد تستجيب للضغط ولا إكراه عليك، وتلك هي الـ (نعم) المذمومة، فلأنّك ـ مثلاً ـ رأيت بعض الشبان يدخّنون، رحتَ تدخّن تقليداً لهم وليس بضغط أو تشجيع منهم، فأنت قلت (نعم) من غير أن يُطلب منك أو تُكره على قولها. ومع ذلك فقول (لا) صعب.. لأ نّه يعني الرفض والمقاومة، والرفض ـ في العادة ـ ممقوت. فإذا لم تستجب لبعض رغبات النفس الهابطة، فربّما ألحّت عليك، وعاونها الشيطان في تحبيب الرغبة، وأنّك لست مضطراً لحرمان نفسك من هذه المتعة أو تلك اللّذة. والرفض ممقوت أيضاً من قبل الضاغطين الذين يعرضون عليك الاستجابة لرغباتهم أو طلباتهم فتصدّهم بقولك (لا) وربّما مارسوا عليك ضغوطاً أخرى حتى يخضعوك لإرادتهم

تذكّر أنّ الكبار.. أصحاب النفوس الكبيرة.. والإرادات العظيمة.. والمقاومين الأبطال لم يصبحوا كذلك بلمسة سحرية.. لقد قالوا ـ في أوّل الأمر ـ للضغوط الصغيرة (لا) وحينما نجحوا في رفضها وقهرها، كانوا على أتمّ الاستعداد لرفض وقهر ما هو أكبر منها

Apr 5, 2008

كيف يعمل الشعور بالفوز والنجاح؟



ذاكرة الإنسان تعمل مثل الآلات الحاسبة بواسطة البيانات المخزنة، و"تتذكر" الأعمال الناجحة وتكررها. تعلم المهارات بصورة كبيرة هو نوع من ممارسة الخطأ والصواب حتى يتم تسجيل عدد من الأفعال أو الضربات الصحيحة في الذاكرة. لقد ابتكر العلماء مايسمى "فأرة إلكترونية" باستطاعتها أن تتلمس طريقها المعين. أول مرة تخطىء عدة أخطاء – أنها تصطدم بالحيطان والعوائق. لكنها في كل مرة تصطدم بعائق تستدير 90 درجة ثم تحاول المرور مرة أخرى. إذا صادفها حائط آخر أو عائق، تستدير أيضاً، وتتقدم. أخيراً، بعد عدة أخطاء من اصطدام ووقوف واستدارة، فإنها تجتاز الفراغ المفتوح. الفأرة الإلكترونية، تسجل اللغات الناجحة، و"تعيد لعبها" وتمر من خلال الطريق المفتوح المعقد بسرعة واتقان


إن غاية التمارين بأنواعها المختلفة، العمل على إصلاح الأخطاء المكررة باستمرار، حتى تحصل على درجة عالية من الأفعال والضربات الصحيحة المسجلة في ذاكرتنا، ونكرر التجربة أو التمرين بنجاح. عند الحصول على نموذج ناجح من العمل، فإن عمل الأنموذج الكامل من البداية إلى النهاية ليس فقط خزن في الذاكرة الواعية الظاهرة، لكن في عقلنا الباطن، في أعصابنا وأنسجتنا – كما تقول في اللغة الشعبية : لدي شعور عظامي أنني أستطيع القيام بهذا العمل

العقل الباطن يعمل ليلا ًنهاراً. وبطريقة غير معروفة للإنسان. العقل الباطن يستمد من قوى الذكاء اللانهائي القوة التي يحول بها رغباته لما يعادلها ويطابقها مادياً، مستعملاً دائماًً الوسائل الأكثر عملية للحصول على هذه النتيجة. إنك لا تستطيع أن تسيطر كلياً على عقلك الباطن، ولكنك تستطيع -باختيارك- أن تمده بأي خطة، أورغبة، أو هدف ترغب في تحويله إلى شكل واقعي. والعقل الباطن هو الطريق الوصل بين العقل الإنساني المحدود والعقل اللانهائي الغير محدود. إنه الواسطة التي بواسطتها يستطيع الشخص أن ينهل بإرادته من نعم وقوى العقل اللانهائي. والعقل الباطن يحوي الأسلوب السري الذي بواسطته تعدل المنبهات العقلية وتحول إلى ما يعادلها روحياً. إنه الواسطة التي تنقل بها الصلاة والدعاء إلى المنبع الذي يُجيب الصلاة والدعاء. والعقل الباطن هو واسطة الإتصال بين العقل المفكّر الظاهر للإنسان والعقل اللانهائي

د.أحمد توفيق

Apr 4, 2008

آمن بمبدأ التسليم



في بعض الاحيان، تعترضنا أمور لا بد أن نسلّم لها، سفر حبيب.. طلاق لا بد منه.. بلاءٌ وتمحيص.. عداء من حاسدين.. مرض مفاجئ ومزمن ...الخ، ونحن لا نستطيع الصدام مع القدر المحتوم، فأنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد. إن مبدأ التسليم من أعظم المبادئ الاسلامية السامية، وهذا المبدأ سماه "ديل كارنيغي" في كتابه (دع القلق وابدأ الحياة): التعاون مع الامر المحتوم، كما اعترف العلماء النفسانيون بفاعليته. يقول "وليم جيمس" (أب علم النفس الحديث): (كن راغبا في كون الأمور هكذا، لأن القبول بما حدث هو الخطوة الأولى نحو التغلب على نتائج أية مصيبة). إن الصدام مع الامر المحتوم لن يُغيّر شيئاً، بل سوف يؤذينا. كتب "ابكتيتوس" في فلسفته قبل تسعة عشر قرناً: يوجد طريق واحد الى السعادة، وهي أن تتوقف عن القلق بشأن الأشياء التي تقع وراء قوة إرادتنا


من جميل ما قرأت في التسليم قصة "شلبي الرجّال" التي يرويها الإمام حسن البنّا -رحمه الله- في مذكراته، يقول البنّا إنه زاره مع صحبة له فوجد بيته نظيفاً ومنيراً، وشربوا عنده القهوة والشراب البارد، وكانت زيارة لطيفة، وفي نهاية الزيارة، قال الشيخ شلبي في إبتسامة لطيفة ورقيقة: (إن شاء الله غداً تزورونني مبكرين لندفن روحية)، وكانت روحية وحيدته، وقد رزقها بعد أحد عشر سنة من زواجه، وكان بها شغفاً مولعاً حتى سماها (روحية) لما لها من مكانة عنده بمنزلة الروح، فحزن الموجودون فقالوا: متى ماتت ؟ ولم لم تخبرنا ؟ فأخبرهم أنها ماتت اليوم، وعلّل وفاة كريمته بغيرة الله على قلبه، فإن الله يغار على قلوب عباده الصالحين، واستشهد بإبراهيم الذي تعلّق قلبه بإسماعيل فأمر بذبحه، وبيعقوب الذي شُغف بحب يوسف ففقده، وساق قصة الفضيل بن عياض مع إبنته حين سألته: هل تحبني؟ فأجاب: نعم، فقالت: ما ظننت إنك تكذب، لقد ظننت إنك بحالك هذه مع الله، لا تحب معه أحد، فبكى الرجل، وقال: يا مولاي! حتى الصغار قد اكتشفوا رياء عبدك الفضيل، فانقلب الحزن إلى موعظة إيمانية ودرس تطبيقي عملي . قال البنّا : (ودفنا روحية ولم نسمع صوت نائحة، ولم ترتفع حنجرة بكلمة نابية، ولم نر إلا مظاهر الصبر والتسليم لله تعالى الكبير). والمسلّم بالأمور هو الصابر الحقيقي، وهو من الذين قال فيهم المولى تبارك وتعالى: (إنما يُوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) (الزمر/10)، (وما من مسلمِ تصيبه مصيبة فيقول ما أمر الله : (إنا لله وإنا إليه راجعون)، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيراً منها، إلا أجره الله في مصيبته وأخلف الله له خيراً منها ). وراوية الحديث أم سلمة – رضي الله عنها – التي سمعت هذه الكلمات عند موت أبي سلمة فكانت كبرى المصائب عندها، فدعت بدعاء النبي هذا فآجرها الله بأن أبدلها خيراً منه وهو رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وأجر المؤمن عند البلاء عظيم، أنظر أجره في كتب الحديث. وهنا معلومة عظيمة أحب أن أضيفها كذلك من مخففات القلق، وهي أن العاهات والبلائات سبب النجاح والتفوق، فمن صبر ظفر. وفي الآية الكريمة : (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) (يوسف/90). وفي الحديث النبوي الشريف: (النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسراً). وهذه القاعدة سنة كونية تنطبق على الإنسان المسلم والكافر سواء، فلولا البلاء لكان يوسف عليه السلام مدللاً في حضن أبيه، لكنه صار العزيز في مصر - أي رئيس الوزراء آنذاك- بعد البلاء، وكذا موسى -عليه السلام- وقل مثل ذلك في كل نبي على مر التاريخ


في كتابه دع القلق يقول "ديل كارينغي": (كلما تعمقت في دراسة مجرى حياة البارزين من الرجال، ازداد اقتناعي بأن نجاحهم يعود إلى إصابتهم بعاهات دفعتهم إلى المساعي العظيمة، والمكافآت العظيمة، ومثلما قال وليم جيس : عاهاتنا تساعدنا إلى حد غير متوقع). بغض النظر عن اعتقاد أو توجه الفرد فإن معظم العظماء في أي مجال، برزوا من خلال عاهة أو عجز أو بلاء أو محن، ربما لولا البلاء لما كتب "ميلتن" روائعه الشعرية، وما ألف بيتهوفن الأصم سيمفونياته الموسيقية، وما حكم "نيلسون مانديلا" السجين المستعمر الأبيض. لكن الصفة التي جمعتهم في قالب واحد أنهم كانوا قمة في التسليم


د. صلاح الراشد

Apr 2, 2008

كيف تصبح قائداً فعالاً؟




ليست لدينا وصفة سحرية للقيادة، إنها فن و صنعة و براعة و موهبة _ كما تقول (( دايان تريسي ))، بعض الناس يُولدون قادة، و بعضهم الآخر يتعلمون القيادة، وهناك فئة من الناس لا يمكن أن يملكوا زمامها، وهناك أناس لا يستطيعون حتى مجرد التفكير في أن يصبحوا يوماً ما قادة. فالقيادة هي عملية تحريك مجموعة من الناس باتجاه محدد و مخطط وذلك بحثّهم على العمل باختيارهم. والقيادة الناجحة تحرك الناس في الاتجاه الذي يحقق مصالحهم على المدى البعيد، ومهما كان الأمر، فإن الوسائل والغايات يجب أن تقوم لخدمة المصالح الكبرى للناس المعنيين واقعاً على المستوى البعيد. والقيادة أيضا منهج و مهارة، وعمل، يهدف إلى التأثير في الآخرين. والشخص القيادي هو ذلك الشخص الذي يحتل مرتبة معينة في المجموعة، ويُتوقع منه تأدية عمله بأسلوب يتناسق مع تلك المرتبة، والقائد هو الذي يُنتظر منه ممارسة التأثير في تحديد أهداف المنظمة أو المؤسسة و بلورتها و تحقيقها. والقائد الأمين هو الذي يتقدم الصفوف، وليس الشخص الذي يُناور ليتصدر الناس. و لعل من أبرز صفات القائد الفعّال هي سمة التفكير، فالقائد المفكر يمتاز بـالاتجاه إلى الخلوة بين فرقته وأخرى للتفكر والنظر والتصور والاهتمام بتجميع وتحليل وتوظيف المعلومات لخدمة التفكير. الوضوح التام للرؤية والرسالة للمؤسسة أوالمنظمة التي يقودهاالإبداع والابتكار والطموح إلى كبريات الأمور. الثقافة العالية المتجددة المتنوعة التي تشحذ العقل والفكر. امتلاك العقلية والشمولية الكلية التي تنظر إلى الأمور من كافة الزوايا. النظرة العميقة ذات البعد الاستراتيجي طويل الأجل. النظر إلى المستقبل وتحدياته ومحاولة التنبؤ به والاستعداد له. الارتكاز إلى المبادئ و القيم السامية في العمل والعلاقات واتخاذ المواقف

Apr 1, 2008

كذبة إبريل.. الأسطورة الساخرة



لم أتمالك نفسي وأنا أقرأ ذلك الخبر الأشبه بالصدمة على شبكة الإنترنت.. حيث وقفت من جلستي في حدة لأركـز بشدة فيما أقرأ، وقد انتابتني مشاعر مختلطة من الدهشة والسخط والحيرة.. كان الخبر يقول: " اغتيل اليوم الأمريكي بيل جيتس رئيس شركة ميكروسوفت العالمية للبرمجيات متأثرًا بجروحه من جرّاء إطلاق رصاصتين عليه بالقرب من فندق بلازا بلوس أنجلس، وقد توفّي بيل جيتس البالغ من العمر 55 عامًا فور وصوله لمركز فينسنت الطبي حيث لم تفلح جهود الأطباء في إنقاذ حياته" ولكن كل تلك المشاعر قد تبدلت عندما قرأت في أسفل الخبر بقليل عبارة تقول ما قرأته
"كان خدعة.. لا تهتم.. إنها "كذبة إبريل
نعم إنها خدعة، وأعترف أنني شربت (المقلب) الذي انتشر على شبكة الإنترنت

أصل الكذبة
إنها (كذبة إبريل).. تلك الثقافة الساخرة التي شرعها الناس في كل أنحاء العالم في اليوم الأول من إبريل، وإن اختلفت مسميات ضحاياها، فهو (أحمق إبريل) في ألمانيا، و(مغفل إبريل) في إنجلترا، و(سمكة إبريل) في فرنسا.. وهكذا يتم السخرية ممن يتعرضون لمقالب إبريل في كل بلاد الدنيا


وبالرغم من أن الكذب من مساوئ الأخلاق، وبالتحذير منه جاءت الشرائع، وعليه اتفقت الفِطر، وبه يقول أصحاب المروءة والعقول السليمة، والصدق أحد أركان بقاء العالم.. إلا أن البعض لا يزالون يعتقدون في هذا الأمر.. ويهتمون به.. ما جعلنا نبحث وراءه لنفهم دوافعهم وأسبابهم ومن ثَم تكون لدينا القدرة على التغيير


في البداية.. كان السؤال الذي قد يطرحه الجميع لماذا تم اختيار الأول من إبريل حتى يكون يومًا عالميًّا للكذب دون غيره من شهور السنة؟
والإجابة هنا صعبة؛ لأن أصل كذبة إبريل غامض مثل الأساطير التي اختلط فيها الواقع بالخيال لدى شعوب العالم، فقد تضاربت أصول ومنبع استخدام هذه الكذبة والقصص التي تدور حولها

أشهر الكذبات
أول كذبة إبريل ورد ذكرها في اللغة الإنجليزية جاءت في مجلة كانت تعرف بـ "مجلة دريك" في اليوم الثاني من إبريل عام (1698)، ذكرت هذه المجلة أن عددًا من الناس تسلموا دعوة لمشاهد عملية غسل السود في برج لندن في صباح اليوم الأول من شهر إبريل ولم يكن الأمر سوى خدعة للبريطانيين


ومن أشهر ما حدث في أوربا في أول إبريل أن جريدة "إيفننج ستار" الإنجليزية أعلنت في 31 مارس سنة (1746) أن "غدًا -أول إبريل- سيُقام معرض حمير عام في غرفة الزراعة لمدنية (أسلنجتون) الإنجليزية، وأن رئيس وزراء بريطانيا يدعو جميع البريطانيين لمشاهدة المعرض مجانًا".. فهرع الناس لمشاهدة تلك الحيوانات واحتشدوا احتشادًا عظيمًا وظلوا ينتظرون، فلما أعياهم الانتظار سألوا عن وقت عرض الحمير، فلم يجدوا شيئًا فعلموا أنهم إنما جاءوا يستعرضون أنفسهم فكأنهم هم الحمير


ومن الكذبات التي عاشها العرب ما حدث في الأول من إبريل لعام 1976، عندما قطع راديو إسرائيل -فجأة- برامجه المعتادة وقال: " أيها المستمعون الكرام.. منذ دقائق قليلة، هبطت فجأة طائرة الرئيس المصري أنور السادات في مطار بن جوريون بتل أبيب، وهو في طريق عودته من ألمانيا الاتحادية إلى القاهرة، وقد استقبله في المطار "أفرايم كاتزير" رئيس دولة إسرائيل وكبار المسئولين فيها، ومن المتوقع أن يجري الرئيس المصري محادثات هامة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية.. وسوف نوافيكم تباعًا بكل تفاصيل هذا الحدث الكبير في تاريخ إسرائيل
وبعدها بعشر دقائق قطع راديو إسرائيل برامجه مجددًا، وقال لمستمعيه "عفوًا أيها السادة.. خبر هبوط طائرة الرئيس المصري أنور السادات في مطار تل أبيب الذي أذعناه عليكم منذ قليل.. هو كذبة إبريل لهذا العام.. فاليوم هو أول شهر إبريل لعام 1976.. طاب صباحكم"..!! وكأن كذبة إبريل هذه المرة تحولت إلى نبوءة، حيث بعد ذلك بثلاث سنوات تحولت تلك الكذبة إلى حقيقة


أما كذبة 2004 فهي ما ذكرته لكم في بداية حديثي عندما انتشر خبر اغتيال بيل جيتس صاحب أكبر شركة برمجيات في العالم، حيث ورد الخبر على لسان بعض المصادر الأمريكية في ظهر أحد الأيام الأخيرة من شهر مارس بشكل موسع على شبكة الإنترنت، ثم ما لبثت هذه المصادر أن نفت هذا الخبر مؤكدة أنه فقـط كذبة إبريل


سقوط غرناطة
بعض المؤرخين يرون أن القصة بدأت منذ حاولي 1000 عام مضت، على أرض أسبانيا التي كانت في ذلك الوقت لا تزال تحت حكم المسلمين، وكانت محاولات الأسبان والأوربيين غير المسلمين للاعتداء عليها وإخراجهم تفشل الواحد تلو الأخرى. أراد الأوربيون أن يعرفوا أسباب هزائمهم المتكررة فأرسلوا جواسيسهم إلى أسبانيا ليتعرفوا على نقاط قوة أهله من المسلمين.. فكانت الإجابة هي الالتزام بالتقوى وتعاليم الإسلام، فلم يكن المسلمون هناك مسلمين بالاسم فقط بل كانوا يجعلون من الإسلام دستور حياة يمارسونه بالفعل ولم يكونوا يقرءون القرآن للتلاوة، بل ليتعلموا من آياته ويعملوا بها
عندها.. بدأ الأسبان يبحثون عن إستراتيجية مناسبة لضرب قوة المسلمين وتفتيت وحدتهم، فكانوا يرسلون إليهم الخمر والتبغ بالمجان، وحاصروا الشباب بثقافات غريبة لغسل عقولهم، وللأسف أخذ شباب المسلمين ينجرفون وراءهم رويدًا رويدًا حتى بدأت شوكة الأسبان تقوى، إلى أن كان لهم ما تمنوا، فأفلحت خطتهم هذه في إضعاف الشباب، وبالفعل نجحوا بعد ذلك في طرد المسلمين من أسبانيا بعد حكم دام ثمانية قرون
وفي الأول من إبريل سقطت غرناطة آخر حصون المسلمين هناك، ومع سقوطها بدأ أعداء الإسلام يحتفلون بهذا اليوم، واختير له اسم "كذبة إبريل" رمزًا لما فعلوه مع المسلمين من خداع وغزو ثقافي ثم طرد


الحمامة والسمك
ويرى بعض المؤرخين: إن نوح -عليه السلام- بعد أن صنع سفينته الشهيرة أرسل (حمامة) للبحث عن مكان أمين يمكن أن ترسو فيه السفينة إذا حدث الطوفان. فلما عادت (الحمامة).. وكان ذلك يصادف (أول) إبريل، وقالت لسيدنا نوح إن الطوفان خلفها.. سخرت منها بقية طيور وحيوانات السفينة وقالت إن (النبأ) الذي جاءت به الحمامة هو كذبة أول إبريل


وبعضهم يقول: إن أول إبريل كان قديمًا في بعض البلدان هو أول أيام (الصيد)، ولكن الفشل والإخفاق في معرفة أماكن الأسماك كثيرًا ما كان يلازم الصيادين في هذا اليوم، ومن باب التندر على الصيادين اعتبر الناس أن الصيد في ذلك اليوم يعتبر أكذوبة.. ومنها جاءت الأكاذيب التي تختلق في أول شهر إبريل، ومنها جاءت تسمية كذبة إبريل بسمكة إبريل


روايات مختلفة
توجد أيضًا بعض الروايات الأخرى حول أصل كذبة إبريل، فهناك من يقول: إن كذبة إبريل هي نوع من التهكم والسخرية من العذاب الذي كابده سيدنا عيسى عليه السلام، وأنه في الأول من شهر إبريل تمت محاكمته الشهيرة
ويرى البعض أن هذه الكذبة بدأت في فرنسا عام (1564م) بعد فرض التقويم الجديد والذي يبدأ العام الميلادي فيه أول يناير بعد أن كان يبدأ أول إبريل قبل ذلك التاريخ، لكن ظل بعض الناس محافظين على هذا التقويم القديم ورافضين التقويم الجديد، مما جعلهم محط سخرية الآخرين في الأول من إبريل من كل عام، حيث ترسل لهم الهدايا الكاذبة والأخبار غير الصحيحة
ويُقال إن هذه الكذبة تمتد إلى عصور قديمة واحتفالات وثنية لارتباطها بتاريخ معين في بداية فصل الربيع؛ إذ هي بقايا طقوس وثنية، في الماضي كانت تبدأ احتفالات الربيع عند تعادل الليل والنهار في 21 من شهر مارس وتستمر حتى أول إبريل، ومن باب التهكم ممن لا يشاركون في الاحتفال بقدوم الربيع كانت الاحتفالات في ذلك اليوم الأخير تأخذ صورة الهزل والمزاح
وهذه الرواية نجدها أيضًا في الهند، حيث جرت العادة على أن يحتفل الناس هناك بعيد الربيع بإرسال أشخاص مغفلين إلى مهمات وهمية كاذبة، من أجل الضحك والمرح والسخرية والانطلاق في جو الطبيعة الجميلة والحياة المقبلة بابتسامة الورود وزقزقة الطيور
وهناك من يرجع أصولها إلى اليونانيين القدماء الذين خصصوا اليوم الأول من شهر إبريل لإقامة احتفالات ضخمة لآلهة الحب والجمال والربيع والمرح، وكان يرافق هذه الاحتفالات طرائق ومقالب متنوعة اعتاد الناس عليها عامًا بعد عام




(بقلم : محمد فاروق عجم نقلا عن موقع اسلام اونلاين)

بين الإنتماء.. وصناعة الأشياء



ينتصر الغرب بتفوقه في صناعة (الأشياء)، وفي طرائق التعامل معها، أما الشرق فقد جرّب أن ينتصر أكثر من مرة بتفوقه في الإنتماء إلى المبادىء وفي طرائق التعامل معها.. وقد انتصر فعلاً. ليس ثمة تقسيم محتوم لجغرافية العالم إلى أصقاع وأقاليم بعضها يبدع الأشياء وبعضها يبدع القيم.. فكم طلع الغرب علينا بقيم ومذاهب لسنا في مجال تقييمها والحكم على ما فيها من خطأ أو صواب.. وكم طلع الشرق على العالم بأشياء وكشوفات مادية أضافت إلى رصيد المدينة البشرية الكثير والكثير... نعم ليس ثمة تقسيم محتوم.. ولكن استقراء التاريخ يمنحنا مؤشرات شاملة، وخطوطاً عريضة تصبغ المساحة الأكبر من هذا الجانب أو ذاك.. وإحدى هذه الخطوط هي أن الغرب الحديث إذا كان قد تفوق في صناعة الأشياء، فإن الشرق لا يزال يملك وحده القدرة على بعث المبادىء، والتفوق في الإنتماء إليها والتوحد معها. والأمم التي لا تتعلم من تجربة التاريخ، مم تتعلم؟ إنه إذ يتوجب علينا اليوم أن نلاحق الغرب في صناعة الأشياء كتحدٍ لا مفر من مجابهته إذا أردنا أن نحقق وجودنا في هذا العالم، وأن نتجاوز وصاية الغرب الحضارية، فإن مما يتوجب علينا أكثر هو أن نعرف بوضوح كامل أنه ليس بالأشياء سنوازي المسيرة الغربية ونسبقها.. لأن الفارق الزمني في سباق المدنيات حاجز صعب الاجتياز.. أما في سباق الحضارات، حيث تلعب الروح والقيم والأفكار، والمطامح الإنسانية، والعقائد، دوراً كبيراً، فإن الأمر ليس مستحيلاً.. ولقد تحقق أكثر من مرة.. لكأن الغرب نفسه، يشير إلينا، بل يتوسل بنا، أن نشمر عن ساعة الجد لا لكي نصنع ثلاجة أوسيارة، ولكن لكي نبعث قيمة، ونرسم مبدأ، ونطلع على العالم بعقيدة.. فها هنا تكمن قدرتنا الذاتية على التمييز والتفوق.. والتأثير.. ها هنا تكمن خصوصيتنا.. وريادتنا


د.عماد الدين خليل