التحق "لنكولن" في شبابه بمدرسة ريفية كانت أرضها مغطاة بكتل مشققة من الخشب، ونوافذها مغطاة بأوراق الكراسات بدلاً من الزجاج، ولم يكن فيها غير نسخة واحدة من كتاب النصوص يقرأ فيه المدرس بصوت مرتفع ويردد التلاميذ الدرس وراءه، ويتحدثون جميعاً في وقت واحد ويُحدثون ضوضاء دائمة حتى أطلق الجيران عليها مدرسة إفشاء السر. وتكونت عند "لنكولن" في (مدرسة إفشاء السر) عادة لازمته طوال حياته، إذ ظل يقرأ على الدوام كل شيء يريد أن يتذكره بصوت مرتفع، وكان حالماً يدخل في الصباح إلى مكتبه في "سيرنجفيلد"، يتمدد فوق أريكة ويضع ساقه فوق مقعد قريب، ثم يأخذ في قراءة الصحيفة بصوت مرتفع، ويقول لزميله: (إنه كان يضايقني إلى درجة لا تحتمل، ولقد سألته مرة لماذا يقرأ بمثل هذه الطريقة فكان يجيبني: عندما أقرأ بصوت مرتفع تشترك حاستان في اقتناص الفكرة، فأنا أرى ما أقرأه أولاً، ثم أسمعه ثانياً، ولذا أستطيع أن أتذكر بدرجة أقوى). كانت ذاكرته قادرة على الإلتقاط بصورة غير عادية. ولقد قال بهذه المناسبة: (إن عقلي شبيه بقطعة من الصلب من العسير جداً أن تحفر فيها شيئاً ما، ولكن من المحال تقريباً بعد حفره أن يُمحى). إن الإلتجاء إلى حاستين كان هو الطريقة التي استخدمها في الحفر، فاعمل أنت على غراره. ولن يكون افتقارك إلى رؤية الشيء وسماعه عملاً مثالياً للتذكر، بل يجب أن تلمسه وتشمه وتذوقه أيضاً
دايل كارنيجي
No comments:
Post a Comment