Feb 17, 2008

تغلب على خوفك وقصورك الذاتي


نحن نعيش أقل من مستوى حياتنا، وعندما ننطلق من قيد الأشياء التي تعيقنا لبلوغ مستوى مقدرتنا وطاقاتنا الكامنة في أنفسنا، نرى كأننا قد خُلقنا من جديد لنعيش حياتنا الطبيعية التي تظهر وكأنها خارقة للطبيعة. إن جميع الأشخاص الذين عاشوا حياة منتجة من مخترعين، وكتّاب، وفلاسفة، وفنانين، ورجال أعمال... يستعملون أحياناً بصورة غير واعية اتجاهاً عقلياً إيجابياً يُساعدهم على تحقيق أعمالهم وتطلعاتهم. هذا الاتجاه العقلي يأتي أحياناً من خلال الفلسفة، والعقيدة، أو الإعجاب بحياة بعض الشخصيات التاريخية التي أعطت أعمالاً خلاّقة، وتركت بصمتها سراً للإنسانية ولحياتها نحو التقدم والازدهار. "أصلح وحدّد أهدافك" . الفشل، يظهر ويبين أن الطاقة قد حولت وصبت في القناة الخطأ. الفشل كالنجاح يحتاج الى جهد وطاقة. إننا عادة نتصور أن النجاح هو النشاط والحيوية، وأن الفشل هو الكسل والجمود والتراخي والاستلقاء على الظهر. لكن هذا لا يعني أن الطاقة لم تُصرف في حالة الفشل. الواقع، أن طاقة كبيرة تُصرف لمقاومة النشاط والحركة، فهناك صراع وقوة مجاهدة كبيرة تُشن ضد قوى الحركة والحياة حتى نبقى جامدين وهامدين، مع أن هذا الصراع يحصل في ذاتنا الباطنة، ونادراً ماندركه. فعدم الحركة الفيزيائية ليس علامة حقيقية أن قوة الحياة لم تُحرق وتُستنزف. حتى الكسالى يستعملون الطاقة والوقود في كسلهم. هناك طرق عديدة لقتل الوقت، ولا يظهر أنها مضيعة للوقت، وتظهر كأنها عمل واعي، وقيام بالواجب والعمل الصعب، حتى أنها غالباً ما تجلب المدح والاستحسان من المشاهدين، وتُطلق فينا شعوراً بالرضى والسرور، لكن إذا نظرنا بعمق، لرأينا واكتشفنا أن هذه الطرق وهذه الأعمال تقودنا الى أمكنة غير معروفة وغير معلومة، مما يجهدنا ويتركنا غير راضين، ونرى أن طاقاتنا قد صُرفت إلى تحقيق الفشل، وبدا النجاح الذي نطمح بنيله من أعماقنا. لماذا هذا الوضع الغريب؟ حيث يمكن أن تُصرف ذات الطاقة لسعادتنا ونجاحنا والعيش بالطريقة التي أملناها وخططنا لها ؟ الحقيقة، ليس من عاقل يُواسي نفسه ويقول: عصفور في اليد خير من عصفورين على الشجرة، أو السفر بأمل خير من الوصول، أو نصف رغيف خير من عدم وجود الخبز. هذه الأمثال هي تهكمية وساخرة، نتيجة بعض الخبرات، ولكنها ليست للعيش بها. إننا لا نخدع أحداً، برضانا ومبرراتنا التي تقبل من مثل زملائنا، طالما أنهم في نفس القارب معنا. الشخص الناجح يستمع إلى هذه الأصوات في الظلام بشكل تسلية ولهو وريبة وعدم تصديق، قائلاً في قرارة نفسه هناك كثير من النفاق طليق في العالم. إن لدى الشخص الناجح الشاهد الأفضل أن مكافئة الهدف والنشاط الموجه بصورة صحيحة يفوق جميع مخلفات الفشل، وأن إنجاز واحد صغير في الحقيقة والواقع خير من جبل الأحلام التي لا تطبق. الناجحون يشاهدون نفس الشمس، يتنشقون نفس الهواء، يحبون ويُحبون مثل غيرهم، ولديهم شيء آخر اضافي : المعرفة، إنهم قد اختاروا النشاط والحركة في طريق النمو، والحياة بدلاً من الموت والانحلال. لقد كان "أمرسون" على صواب عندما كتب : "النجاح طبيعي وشرعي، يعتمد على حالة عقل وجسم إيجابية، على قوة العمل، على الشجاعة". لماذا نفشل؟ لماذا نعمل جاهدين للفشل؟ لأننا، بالاضافة لكوننا كائنات معرضة إلى إرادة الحياة والنجاح، إننا معرضون وتحت تأثير إرادة الجمود والسكون وعدم الحركة والقصور الذاتي - قوة الاستمرار الطبيعية - يجب أن نواجه ارادة الفشل ونستعمل طاقتها لتحقيق النجاح



د.أحمد توفيق

No comments:

Archive