أجواء شاعرية، وانفعالات وجدانية، تتخللها رموز الحب وألوانه، من ورود وقلوب حمراء، ضمتها رومانسية المكان؛ من حدائق ومنتزهات ومسارح، كما أضفى عليها دفء المناسبة التي وفًرها - (القديس فالنتاين) - للمحبين أو لأدعياء الحب سعادةً و بهجة.. هكذا افتتحت (لونا الشبل) – مقدمة برنامج للنساء فقط في قناة الجزيرة الفضائية - حلقتها الخاصة حول (عيد الحب) العام الماضي
يوم الرابع عشر من شهر فراير/ شباط من كل عام المسمى بـ (عيد الحب) أو (يوم القديس فالنتاين) أصبح ظاهرة تتسع لتشمل العديد من دول العالم وعواصمه، و تتمدد باتجاه الكونية بفضل نفوذ الآلة الإعلامية؛ بوصفها الأداة الأولى لإعادة التشكيل الثقافي للأمم والجماعات.. ويبدو أن رياح العولمة - أو بالأحرى أعاصيرها - تحمل معها كل شيء؛ بدءاً بالشركات العابرة للقارات والبحار.. إلى المفاهيم والقيم وأنماط السلوك والأخلاق المبثوثة عبر الفضاء، وعلى عالم الويب الافتراضي.. وحتى العادات والتقاليد والطقوس والأعياد!!.. فيا له من عالم فاقد للخصوصية واللون والمذاق
ولكن الاحتفال بعيد الحب الذي انفجر كالبركان في السنوات الأخيرة، يُراد فرضه - بقوة دفع كبيرة - من قبل جهات كثيرة يهمها تحصيل أكبر قدر من عائدات الربح سنوياً، و أخرى تسعى إلى تطبيع وتسويق مظاهر الهوس بـ (الغرام) و صولاً إلى الفوضى الجنسية!!، ليصبح الاحتفال في نهاية الأمر ممارسة ضرورية وتقليداً ثابتاً.. ففي استطلاع للرأى في نيوزلاندا، وُجد أن الرجال يشعرون بضغط كبير لشراء هدايا عيد الحب.. وأن النساء يشعرن باستياء كبير إذا لم يقدم لهن أحباؤهن هدية، بل إن بعض النساء اللائي لايتوقعن تسلم رسائل حب في هذه المناسبة يقمن بإرسال بطاقات لأنفسهن أو لكلابهن
فالنتاين .. من أين جاء ؟
(مع حبي !! بهذه العبارة و قَّع (القس فالنتاين) - قبيل إعدامه - الرسالة التي كتبها لابنة الإمبراطور ( كلاديوس الثاني – الذي كان قد حرم الزواج على جنوده حتى يتفرغوا للحرب والقتال!! ووفقاً لإحدى الروايات الثلاث التى توردها الموسوعة الكاثوليكية حول قصة الإحتفال بـفالنتاين، فإن القس فالنتاين الذى كان يخرق الأمر الإمبراطوري، فيقوم بعقد الزيجات للجنود - سراً- تم إعدامه في يوم الرابع عشر من شباط / فبراير 270م ،الذي يوافق ليلة العيد الوثني الروماني (لوبركيليا)، الذي تم ربطه فيما بعد بذكرى إعدام فالنتاين. وفي العصر الفكتوري تحول العيد إلى مناسبة عامة، عندما طُبعت لأول مرة بطاقات تهنئة بهذا اليوم، وكانت الملكة فكتوريا تُرسل مائات البطاقات المعطرة بهذه المناسبة أفراد و أصدقاء الأسرة الملكية في بريطانيا، وصارت تتنوع طقوس هذه المناسبة؛ من تبادل للورود الحمراء، إلى بطاقات التهنئة، إلى صور (كيوبيد) - إله الحب عند الرومان القدماء- ... إلخ
فإذا كان مبرراً في حضارة الغرب التي جعلت (بلازما) دمها، وماء حياتها من عصارة الوثنيات القديمة للرومان و اليونان، تلك الوثنيات التي تجعل من كل شيئ عيداً و قداساً.. وتجعل لكل شيئ إلهاً ورباً ! فاللزرع إله ويوم .. و للخصب إله ويوم.. كما للجمال إله ويوم.. وللحب إله ويوم أيضاً !!.. وعلى دربها مضت الحضارة الغربية العصرية.. فللعمال عيد و طقوس .. وللأشجار عيد وطقوس.. وللأم عيد وطقوس.. وللحب عيد وطقوس
فإذا كان ذلك مبرراً لدى الغربيين لأسباب خاصة تتعلق بطبيعة فهمهم للدين والحياة، فما هو تبرير وجود هذا اليوم في أمة الإسلام، تلك الأمة التي سما بها دينها عن كل ترهات الأيام والأعياد والأوثان.. فلم تعرف من الأعياد إلا أطهرها و أجلَّها: (العيدان؛ الأضحى والفطر)!!؟
وبعد، فهذا الوافد الأشقر، الغريب السحنة والاسم والدين، بدأ يأخذ مكاناً وسطاً في ديار المسلمين، ويرفع أعلامه جهاراً فتهرع إليها زرافات من أبناء المسلمين وناشئتهم الأغرار.. وفي ظل الغفلة وعدم الاكتراث من الأُسر وقادة المجتمع و علمائه ودعاته، تسلل هذا اللص مع غيره من اللصوص الكُثر الذين نعرفهم، وتوسط الدار!!.. بلع السارق ضفة.. و بقيت ضفة !! ومع ذلك فعباس وراء المتراس.. يقظ منتبه حساس
___________________
أحمد إسماعيل في 2006-02-12
No comments:
Post a Comment