Feb 23, 2008

من هنا يبدأ النجاح


إن معظم مناهج التعليم التقليدي، هذه الأيام، تبدأ بخزان فارغ من الوقود، وهي خلو من أي قوة محفزة، إنها تبدأ بشحنك بالمعلومات قبل أن تجهزك بآلية عمل تستطيع من خلالها استخدام هذه المعلومات من أجل الوصول إلى الهدف... أي إلى النجاح. ومن الواضح، أنه في بدايات الحياة البشرية، فإن النجاح لم يكن من الممكن تعريفه عن طريق استعمال العبارات المتخصصة العائدة إلى مهن محددة، وهكذا كان على تعريف النجاح أن يتدرج إبتداءً من المفهوم البدائي للقدرة على العمل، وانتهاءً إلى أوسع مفهوم يمكن أن يُحيط به الخيال. والدرجة هذه تعتمد على الدرجة التي وصلت إليها البشرية من أطوار نموها. لكن ذلك لا يؤثر في الفرضيّة المنطقّية القائلة: بأن هنالك ضرورات أولية يجب أن تتقدم على كل عملية تعليمية وثقافية الأولى منها : هو أنه يجب أن يجري إلهامك وتنويرك بالحقائق المنطقية والواقعية التي من شأنها أن تُقنعك بأنك غير قادر على النجاح فحسب، بل أنك سوف تحققه فعلاً. إن هذه الضرورة هي كناية عن الشرارة التي تشعل الوقود في قاعدة الصاروخ لكي يرتفع صاروخك الموجه، هذا، نحو النجاح. وما لم يكن هنالك ثمة شرارة، فأنك ستبقى جاثماً على الأرض. إن هناك الكثير الكثير من الأرواح الجاثمة لأن أحداً ما لم يُقدم لها شرارة الإلهام. أما الثانية منها : فهي وجوب أن تكون متحفزًا للبحث عما يجب أن تعرفه، وما يجب أن تعمله، لكي يتاكد نجاحك، فالحوافز من شأنها أن تحول الالهام إلى طاقة نشاط، لكن العمل والنشاط، مهما كان الإلهام نحوه سامياً إنما يمكن له أن يكون جيدًا، كما يمكن له أن يكون رديئاً، إذ أنه ليس بالأمر الجيد أن تمتطي ببطولة صهوة جوادك ثم تنطلق به بحمية في الإتجاه الخاطئ. وهكذا فإن الإلهام يجب أن يحفزك بما فيه الكفاية لكي تصبح مستعداً لدفع الثمن العائد لنجاحك، فيما يتعلق بهدفك المحدد سلفاً، وإلا فأنك تكون كمن يقوم بجمع الحقائق التي لن يقوم باستعمالها في المستقبل. وكل ما تنشده من الحياة، يقتضي منك أن تدفع ثمناً محدداً له، ليس بالنقود ضرورة، مع أن النقود أكثر ما تكون مشمولة بالأمر، لكن هذا ليس الأمر ذي الأهمية الرئيسية، لأن كل إنسان قد يقدر على الحصول على الكمية التي يحتاج إليها من المال. إن الأهمية تكمن في الأشياء الأخرى المشمولة في ثمن النجاح، وهي الأشياء التي يتوجب عليك أن تكون جاهزاً لأدائها، مثل التضحية الشخصية بالوقت والجهد والدراسة، والتخطيط، والبحث، والسعي، والعمل

إن الثقافة التقليدية تفشل أيضا في تقديم الحوافز التوجيهية الكافية إلى جانب الحقائق. أما الثالثة والأخيرة، من الضرورات التي يجب أن تكون – إلى جانب الضرورتين السابقتين ( الإلهام والتحفيز ) سابقة لأي علم أو ثقافة فهي أنه ينبغي أن يكون لديك وصفة بسيطة للنجاح، تستطيع أن تلجأ إليها، بيسر وسهولة، حتى تتمكن من تحقيق أهدافك في الحياة. انه لأمرغير معقول كيف أن الناس يجهلون استعمال هذه الوصفة وتطويرها، إنني لم أسمع بكلية أو جامعة أو معهد أو مدرسة مهنية، تقوم بتعليم طلابها وصفة للنجاح حقيقية، وأصيلة، وصالحة للصمود في وجه الأزمات، مع أن هذه الوصفة ما هي إلا واحدة مثلها في ذلك مثل الالهام والتحفز من الضرورات الأساسية الثلاث التي يجب أن يبدأ بها العمل التعليمي التثقيفي
إن السلطات، على جميع المستويات، الفدرالية، الحكومية، المحلية منهمكة في جميع أنواع البرامج التعليمية والتدريبية، من أجل رفع مستوى التقدم والنجاح في صفوف الفئات الفقيرة، لكن هذه البرامج، ذات التمويل الحكومي، التي تستهلك ملايين الدولارات من أموال المكلفين بدفع الضرائب لا تبدأ ابداً بتزويد هؤلاء المعدمين بالضرورات الأساسية الثلاث، التي يجب تزويدهم بها قبل بدء تلقيهم الدروس، حتى يصبح لهذه الدروس معنىً وهدف. قم بالاختبار البسيط التالي : دقق في الصور التي يبثها التلفزيون لأفراد الطبقات المعدمة، بينما هم يتحركون في حياتهم العادية اليومية، وسترى كيف أنهم يعيشون حياتهم بلا هدف ولا أمل، بل في حالة من الكلل والعجز والفقر، ثم قم بطرح الأسئلة التالية على نفسك :1- هل إن الطبقة الكادحة هي ملهمة للتسلح باعتقاد إيجابي يوحي لكل من أفرادها بأنه يستطيع أن يعمل شيئاً ما، وأنه سوف ينجح بالتأكيد في اجتناء نصيبه الكامل من ثروة مجتمعنا الوافرة ؟ 2 - هل إن الطبقات الكادحة هي محفزة لكي تبحث أولاً عما تحتاج لأن تعرفه ولأن تفعله من أجل الحصول على النجاح ؟ وهل أن أفرادها يتعلمون ويمارسون تلك الحوافز في الوقت الراهن ؟ 3- هل يملك أفراد الطبقات الكادحة وصفة بسيطة مؤكدة للنجاح، يستعملونها الآن وبأستمرار، لكي تقودهم مباشرة إلى دروب النجاح، لكي يتمكنوا من تحقيق مختلف أمانيهم؟ إذا لم يكن أفراد الطبقات الكادحة مزودين، في الوقت الحاضر بهذه الضرورات الإبتدائية الثلاث للنجاح، فما السبب في ذلك؟ ومن المسؤول؟ ولم لا يجري تصحيح هذا الوضع الخاطئ حالاً وفوراً؟


م . ر . كوبماير
ترجمة : حليم نسيب نصر

No comments:

Archive