Dec 27, 2007

البنت السوبر



اللغة العربية تتراجع ومعها أسماء الدكاكين، وأسماء المأكولات، لتزحف علينا غزوات أعجمية تقتحم علينا حياتنا، وتصبغها بالصبغة الأمريكية ‏..‏ فالقرى السياحية الجديدة تملأ الصحف بأسماء ‏..‏ الدريم لاند، والكورال بيتش، وبيفرلي هيلز، وجولان بيتش‏.‏ وتدخل هذه الرطانة قاموسنا اللغوي وتحتله ‏..‏ ونجد انفسنا نقول‏ ..‏ دادي‏..‏ واونكل‏..‏ وتانت‏..‏ وبودي جارد‏..‏ وكتالوج‏..‏ وباسبور‏..‏ وستريو‏..‏ وسوبر ماركت‏..‏ وبون جور‏..‏ وباي باي‏..‏ وبارتي‏..‏ وهاي‏..‏ واوكيه‏..‏ وهالو‏..‏ وبرافو‏..‏ وسوفاج‏..‏ وام بوسيبل‏. ‏ويجري التشويه والعبث في الألفاظ العربية ‏ وننسى أننا نفقد بهذا، أرضنا التي نقف عليها، ونفقد عروبتنا، ونفقد قوميتنا، ونفقد قيمنا، ونفقد خصائصنا‏..‏ فلا عجب أن تختفي الشهامة العربية بعد ذلك من الشارع‏..‏ وأن يختفي الشرف بمفهومه العربي من البيت، وأن تكون العروسة السوبر في نظر العريس هي مسخ فرانكو أراب‏..‏ فهذا هو القالب الجديد الذي يبحث عنه والذي انطبع في ذهنه من رؤية المسلسلات الأمريكية والسينما الفرنسية‏..‏ وهذا هو معنى التقدم كما أخذه من التليفزيون ومن أفلام السينما ومن كبار المخرجين من حمله الأوسكار ونجوم الإغراء من صنّاع الموضات والأهواء . والمسئولية تقع على كل واحد فينا ابتداءً من وزير التربية والتعليم ونزولا إلى حلاق القرية ‏..‏ والاستعمار الفرنسي ومن بعده الانجليزي ومن بعده الأمريكي يحمل معظم الوزر ‏..‏ ولكن هذا المسلسل الغاشم من الغزو الأجنبي لا يكفي لإبراء ذمتنا ‏. والتخلف سبب آخر فنحن لم نعد ننتج المعرفة ، ولم نعد نبدع في العلوم والمخترعات، وإنما أصبحنا مستهلكين لما ينتج ولما يبدع غيرنا وناقلين لما يخترع الغرب ‏..‏ فدخلت علينا المخترعات الجديدة بأسمائها ‏..‏ الراديو، والتليفزيون، والتليفون، والميكروفون، والموتور، والفريجيدير، والآنسر ماشين، والفيديو، والكاميرا، والكومبيوتر، والإنتركوم، والانترنيت‏. ‏إن الإسلام لم يدخل علينا غازيا ‏..‏ لم يدخل علينا ليسلبنا كما يظن البعض‏ ..‏ بل دخل ليعيد إلينا ما فقد منا‏ . نحن بلاد علم وفلسفه وتاريخ ‏..‏ وحاله – الهيافة - الشائعة حاليا في ثقافتنا وفي تعليمنا وهذا الانحدار في لغتنا، والسوقية في أخلاقنا، والسطحية في تفكيرنا ، هي ظواهر غازيه وليست أصيله‏..‏ وهي بقع وقذارات من العالم الغربي، أصابتنا أثناء تسكعنا في أزقه نيويورك‏. ‏والقرآن العظيم في عطائه الإلهي وآياته التي تمكنت من شغاف قلوبنا، هي التي ستحفظ لغتنا العربية الجميلة، وهي التي ستحفظ قلوبنا من التردي، وهي التي ستروي بقيه الأصالة فينا‏..‏ إنها الحبل الممدود من رحمه الله لإنقاذنا‏. ‏إنها معركة حقيقية ومستمرة على جميع الأصعدة ‏..‏ على المستوى الديني، واللغوي، والاجتماعي، والعروبي، والوطني ‏. ‏ولكنها لن تنجح ..‏ لأن القرآن الشامخ في لغته‏,‏ الرفيع في معانيه‏,‏ التقدمي في تعاليمه، السمح في شرائعه‏,‏ الجميل في آياته ‏، سوف يقف سداً مانعا يتحطم عليه مكرهم‏.‏ فعندهم المباني‏ ..‏ وعندنا المعاني‏.‏ وعندهم علوم الدمار‏ .. (‏ وكان قوم عاد ينحتون الجبال‏..‏ وكان عندهم ما هو أبهى من نيويورك‏ ..‏ ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ‏..‏ هكذا يقول عنها رب العالمين ‏..‏ إنها لم يخلق مثلها في البلاد‏)‏ فذهبوا وذهبت عمارتهم ولم يبق لها أثر‏..‏ لابد إننا الآن في زمان عاد الثانية ‏(‏أمريكا‏)‏ وانه سيجري على الثانية ما جرى على الأولى‏ . يتبع ...‏

No comments: