اللغة العربية تتراجع ومعها أسماء الدكاكين، وأسماء المأكولات، لتزحف علينا غزوات أعجمية تقتحم علينا حياتنا، وتصبغها بالصبغة الأمريكية .. فالقرى السياحية الجديدة تملأ الصحف بأسماء .. الدريم لاند، والكورال بيتش، وبيفرلي هيلز، وجولان بيتش. وتدخل هذه الرطانة قاموسنا اللغوي وتحتله .. ونجد انفسنا نقول .. دادي.. واونكل.. وتانت.. وبودي جارد.. وكتالوج.. وباسبور.. وستريو.. وسوبر ماركت.. وبون جور.. وباي باي.. وبارتي.. وهاي.. واوكيه.. وهالو.. وبرافو.. وسوفاج.. وام بوسيبل. ويجري التشويه والعبث في الألفاظ العربية وننسى أننا نفقد بهذا، أرضنا التي نقف عليها، ونفقد عروبتنا، ونفقد قوميتنا، ونفقد قيمنا، ونفقد خصائصنا.. فلا عجب أن تختفي الشهامة العربية بعد ذلك من الشارع.. وأن يختفي الشرف بمفهومه العربي من البيت، وأن تكون العروسة السوبر في نظر العريس هي مسخ فرانكو أراب.. فهذا هو القالب الجديد الذي يبحث عنه والذي انطبع في ذهنه من رؤية المسلسلات الأمريكية والسينما الفرنسية.. وهذا هو معنى التقدم كما أخذه من التليفزيون ومن أفلام السينما ومن كبار المخرجين من حمله الأوسكار ونجوم الإغراء من صنّاع الموضات والأهواء . والمسئولية تقع على كل واحد فينا ابتداءً من وزير التربية والتعليم ونزولا إلى حلاق القرية .. والاستعمار الفرنسي ومن بعده الانجليزي ومن بعده الأمريكي يحمل معظم الوزر .. ولكن هذا المسلسل الغاشم من الغزو الأجنبي لا يكفي لإبراء ذمتنا . والتخلف سبب آخر فنحن لم نعد ننتج المعرفة ، ولم نعد نبدع في العلوم والمخترعات، وإنما أصبحنا مستهلكين لما ينتج ولما يبدع غيرنا وناقلين لما يخترع الغرب .. فدخلت علينا المخترعات الجديدة بأسمائها .. الراديو، والتليفزيون، والتليفون، والميكروفون، والموتور، والفريجيدير، والآنسر ماشين، والفيديو، والكاميرا، والكومبيوتر، والإنتركوم، والانترنيت. إن الإسلام لم يدخل علينا غازيا .. لم يدخل علينا ليسلبنا كما يظن البعض .. بل دخل ليعيد إلينا ما فقد منا . نحن بلاد علم وفلسفه وتاريخ .. وحاله – الهيافة - الشائعة حاليا في ثقافتنا وفي تعليمنا وهذا الانحدار في لغتنا، والسوقية في أخلاقنا، والسطحية في تفكيرنا ، هي ظواهر غازيه وليست أصيله.. وهي بقع وقذارات من العالم الغربي، أصابتنا أثناء تسكعنا في أزقه نيويورك. والقرآن العظيم في عطائه الإلهي وآياته التي تمكنت من شغاف قلوبنا، هي التي ستحفظ لغتنا العربية الجميلة، وهي التي ستحفظ قلوبنا من التردي، وهي التي ستروي بقيه الأصالة فينا.. إنها الحبل الممدود من رحمه الله لإنقاذنا. إنها معركة حقيقية ومستمرة على جميع الأصعدة .. على المستوى الديني، واللغوي، والاجتماعي، والعروبي، والوطني . ولكنها لن تنجح .. لأن القرآن الشامخ في لغته, الرفيع في معانيه, التقدمي في تعاليمه، السمح في شرائعه, الجميل في آياته ، سوف يقف سداً مانعا يتحطم عليه مكرهم. فعندهم المباني .. وعندنا المعاني. وعندهم علوم الدمار .. ( وكان قوم عاد ينحتون الجبال.. وكان عندهم ما هو أبهى من نيويورك .. ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد .. هكذا يقول عنها رب العالمين .. إنها لم يخلق مثلها في البلاد) فذهبوا وذهبت عمارتهم ولم يبق لها أثر.. لابد إننا الآن في زمان عاد الثانية (أمريكا) وانه سيجري على الثانية ما جرى على الأولى . يتبع ...
Archive
-
▼
2007
(50)
-
▼
December
(25)
- لقد وقعت في حبها - 1
- لقد وقعت في حبها - 2
- لقد وقعت في حبها - 3
- لقد وقعت في حبها - 4
- البحث عن السعادة
- ألوان الابتسامة
- الحوار .. مبدأ
- هل تتحقق الأحلام ؟
- هل نحن كئيبون ؟
- والله ذو فضل عظيم
- أيام العشر .. أيام من ذهب
- احترز .. وكن من أهلها
- سياحة روحية
- الحج .. محطة ربانية
- معاني العيد ومقاصده .. أسرار وأسرار
- رسالة خاصة.. إلى أمي
- الزواج .. والرزق
- ثقافة الحب
- الصداقة .. والأصدقاء
- البنت السوبر
- البنت السوبر 2
- هل أنت حقاً سعيد؟؟
- أعجب الأماني
- هادم اللذات .. الموت
- وقفة مع نهاية العام
-
▼
December
(25)
No comments:
Post a Comment