Dec 24, 2007

ثقافة الحب


من حق الحب علينا أن نعترف بوجود ثقافته التي تنعش ذاكرتنا وأرواحنا وحروفنا وسطورنا كعشاق كتاب وكلمة. السؤال الذي يطرح نفسه.. ماهي ثقافة الحب ؟ هل هو مجرد ريبورتاجات للتعرِّي فقط ؟ هل هو شعور مغذٍ لاحتياجات الفرد - الجسدية والعاطفية والنفسية والفكرية ؟ أمْ هو فن من فنون الوجود الاجتماعي ؟. فمنذ عهد آدم وحواء نمت جذور العواطف للتلاقح الجنسي، لتكتمل دورة الحياة، ويكون هناك إنجاب ذرية لتتشكل النواة البشرية الكبرى. وإذا اعتبرنا الفرد جزء صغير من هذه النواة، فإن علاقة الفرد بطرفه الآخر، لا تكتمل اجتماعياً إذا لم يكن هنالك إلقاح ذكوري. وكان لأساطير الحب والعشق دورها الكبير في تغذية العقل البشري نحو مفهوم الحب وشروطه ومقاييسه. ومع تطور الزمن تطورت العلاقات الاجتماعية بكل مجالاتها، وأصبحت نظرتنا للحب مخالفة تماماً لمفهومه الحقيقي الذي جعلنا ننحرف عن مساره المقدس، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، لأنه أصبح عبارة عن حاجة جسدية، وإشباع رغبات جنسية فقط، هذا بدوره عطّل مفهوم الجمال الروحي، وخرّب ذاكرة الناس، مما أدى إلى تفشّي الانحراف عند أجيالنا ومن هم قائمون على تربية هذه الأجيال وحمايتها، وحتى تكتمل شروط ثقافة الحب، لا بد من وجود ثقافة الحرية، وثقافة التربية الاجتماعية، التي تقوم بنائية كل منهما على شروط قيمية أخلاقية. لأنه لا ثقافة للحب إن لم يكن هناك ثقافة للحرية الفردية منشؤها وقوامها الثقافة الاجتماعية . والمقصود بالثقافة الاجتماعية وعي الفرد لدوره الاجتماعي على صعيد الأسرة والشارع والحي والمجتمع، لكن هل يتحقق شرط الوعي الثقافي عند الفرد الواحد إن لم يكن منطلقاً من ذاته الحرة غير المقيدة؟ سؤال يستحق أن نقف عنده لنجيب على بعض التساؤلات.. إذن ما هي ثقافة الحب ؟ أو بمعنى آخر ، ما هو مفهومنا لثقافة الحب ؟ وهل يعيش الفرد الواحد حريته الاجتماعية من منظور ديني ؟ أمْ أخلاقي ؟ أمْ انفتاحي ؟ أمْ من خلال وجود الوعي لكلا المفهومين الحرية والأخلاق؟ في الحقيقة لا بد لنا من الاعتراف بتراجعنا الخطير حول هذه المسألة الهامة التي تشكل الأس الضروري لمصدر القوة والحضارة والتقدم في المجالات كافة وعلى الأصعدة جميعها. مسألة الوعي الاجتماعي الأخلاقي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بثقافة الحب، لأنه لا حياة من دون حب، ولا وجود للحب إن لم تكن هناك ثقافة لمعنى الحياة. ثمة سؤال جديد تتطرق له الذاكرة .. هل نعيش اليوم قصص حب حقيقية؟ لن يبدو الجواب غريباً، لأننا أغمضنا أعيننا عن هذه الحقيقة وبدأنا نعيش امتيازات الإمبراطورية الرومانية بكل جشعها وامتلاكها لحرية الفرد وقداسة الطهارة. الحب أصبح مثل كرة في ملعب، الداهية يحصي كم عدد نسائه ! والضعيفة تحصي كم عدد الشبان الذين يقفون لها على رصيف الشارع ! وعلاقات في الخفاء والعلن، إلى ما هنالك من أشياء أصبحنا نعرفها جميعاً، لكننا لا ننظر إلى خطورتها من منظور الوعي الذاتي الأخلاقي الاجتماعي، لأننا بلا إيمان روحي، وبلا ثقافة منشودة في ذواتنا.. انظر إلى غرف الدردشة.. والمواقع التي تفسد العقول وتخرب طهارة النفوس. انظر إلى علاقة الزوج بزوجته داخل بيته ، هل بقيت الأمور على حالها كما كانت في السابق، لا يترك الزوج زوجته إلا لأمر طارئ، والطوارئ اليوم أصبحت بعدد شعر رأس الإنسان أو بعدد خلايا جسمه الحية، لأن الحب أصبح عبارة عن نافذة لاستقبال العواطف، رغم حركتها، هي جامدة لأن أحاسيسها غير مقترنة بفعل الطهارة
وحتى نعرف كيف ننتصر على قوى الشر، علينا أن نعترف بوجود ثقافة الحب كشرط أساسي للتكامل الإنساني الاجتماعي بوعي من فهم الفرد لحريته الشخصية، وفي هذا لابد لنا من مراجعة أنفسنا والكثير من الأمور التي ضاعت مصداقيتها من بين أيدينا، كل هذا لأننا جمدنا العقل وتركنا القلب ينبض أمام نوافذ الحب، التي لن تجلب في النهاية على رأس الأمة العربية، سوى الأسف والندم، على الوقت الذي ضيعناه هباء، بلا فائدة، وبلا قيم أخلاقية، التي نحن بأمس الحاجة إلى وجودها في ذواتنا

No comments: