(4-4)
القضية الأخيرة، وهي ماذا أفعل إذا ما كنت فعلا أحس بأن ما يسمى بالوقوع في "الحب"، حق مسلوب، وأشعر بأن مجتمعي المسلم يكبح حرية .. لم أقتنع بمن يقول بحرمتها، ولا أميل إلى من ينصح بعدم المطالبة بها...! ماذا أفعل إذا ما كنت قد وقعت في حب فتاة، ولا أستطيع أن أرفع نظري عنها، كما أنني اعتدت على نغم صوتها...!! في داخلي أحس بغيرة شديدة من حرية بعض الحضارات ، وكيف أن جلوس الفتاة مع صديق أو عشيق غدا أمرا يُقتنى بل وميزة تُمتلك
إن أكبر ميزة يتميز بها دين الإسلام هي أن الإسلام نعمة تامة ، ونعمة كاملة قال تعالى - الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً - ولهذا فبعض القضايا ليست مجرد حلال و حرام فحسب، ,وإنما تتعدى إلى أن تجعل المسلم يركع ويسجد شكرا لله على نعمة الإسلام بعد أن يدرك نعمة تحريم الحرام وتحليل الحلال، فهذا الشاب الذي جاء يسأل الرسول – صلى الله عليه وسلم - إباحة الزنا، جاء يسأل وكأنه يقول : كوني رجل فقد خلق الله فيّ شهوة، وهذه الشهوة تدفعني إلى معاشرة النساء، لذا فإني أطلب إباحة الزنا، ولهذا كان جواب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من نفس الباب ومن نفس المدخل، فوضّح له مدى قبح ما تنشده الشهوة فاستقبح الحرام ..! والمغزى من هذه كله القاعدة "حب لأخيك ما تحب نفسك"، فليس هناك من شاب ولا شابة من لا يريد في أن يقع في هذا الشعور المسمى بالحب، وإنك لتجد من بين هؤلاء الذين يتبجحون بقولهم " الحب حلال " و" الحب حق "، و" الحب هو الحياة " وغير ذلك من الشعارات، إن وجد أخته أو ابنة أخيه أو أحداً من أقاربه الفتيات قد وجدت لنفسها في هذا الطريق مسلكا، لغضب واستنكر، وقد يعميه غضبه ليعمل ما لا يُحمد عقباه مع ذلك الموقف. ذلك أن دين الإسلام دين الفطرة، فالرجل لا يحس بأي حرج ولا غيرة عندما يعلن باسم أخته زوجة لرجل ما أمام شهود لا حصر لهم، و لَيَتَفجر غضبا إذا ما كان لها علاقة " حب " سرية مع رجل آخر، مع أن الزواج هو مجرد إشهار لا أكثر ولا أقل من ذلك، وقد يقع في الزواج ما قد يقع في علاقات " الحب "، ولكن لأنه يعلم أن في قضية الزواج أن مبدأ " حب لأخيك ما تحب نفسك " ينطبق على الكل في حين أن هذا المبدأ لا ينطبق في قضية العلاقات الغرامية . وهذا أمر طبيعي ، فالمرابي يحب الربا، لأنه زيادة له، ولكنه لو أنه كان الذي يقع عليه ظلم الربا، لما سمح به وارتضاه معاملة بينه وبين غيره لأن مبدأ " حب لأخيك ما تحب لنفسك" لا ينطبق كذلك ، مع أنه يمارس البيع والشراء ويرضاه فيه وفي غيره، وليس بين الربا والبيع سوى مسألة الزيادة التي تؤخذ من الأموال ظلما وعدوانا. إذا فالقضية من الأساس هي قضية عقيدة، قضية سريان الأحكام على كل من يدخل تحت لواء ذلك المبدأ، والرسول وهو نبي الله المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أقره عندما نادى : " وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها "، نعم فحكم الله يسري حتى على أحب أبناء النبي صلى الله عليه وسلم وهو نبي الله المختار وصفيه من خلقه وخليله، ومن هنا أنا أتحدى هؤلاء المتبجحين بأن يُبدأ بتطبيق حرية الحب التي يقاتلون من أجلها ويسعون في نشرها في أخواتهم وأمهاتهم وخالاتهم وعماتهم ! وآخر ما أختم به هذا الموضوع هو أنه ما كان لنصراني في أن يقود مسلم في أي شأن من شؤون الحياة، لأنه وبكل بساطة لم يهتدي إلى الخالق ، فأنى له في أن يهتدي إلى أسرار مخلوقاته ونواميس الحياة !! وأسرار الحب التي وصلوا إليها آلت بهم إلى حوامل دون سن الـ 18 ، وأيتام لا أصول لهم، وشهوانية حيوانية لا يحدها إلا الرصاص، وتفكك أسري، وانحلال أخلاقي، وثقة مفقودة ، وبراءة معدومة. قال تعالى : وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً
No comments:
Post a Comment