Jun 1, 2008

لنكيّف علاقة الأُسرة بالآخرين



الاُسرة في وضعها الاجتماعي جزء من المجتمع .. والمجتمع بطبيعته مجموعة من الاُسر والأفراد.. والعلاقات الاجتماعية قضيّة أساسيّة في حياة الاُسرة. فلا بدّ من أن تكون للاُسرة علاقات مع بقيّة الاُسر.. لا سيّما الأقرباء والأرحام والجيران. فالاُسرة الناجحة، والصحيّة في سلوكها الاجتماعي، هي الاُسرة التي تكون لها علاقات صداقة، وتعارف مع اُسر اُخرى.. فللعمّ والخال، والعمّة والخالة، والاُخت المتزوِّجة والأخ المتزوِّج ... إلخ ، اُسر. ويجب أن تكون لاُسرتنا علاقة ودِّيّة، وروابط وثيقة مع تلك الاُسر. إنّ التزاور، والمشاركة في المناسـبات السارّة كالأعياد، وليالي رمضان، والزّواج، والنجاح المدرسي، أو الأحزان، أو عند حدوث المشاكل، أو في حالات المرض، هي واجب أخلاقي، وموقف يُعبِّر عن الطّبيعة السّليمة للاُسرة، وعمل يحبّه الله سبحانه، ويؤجر عليه.. فصلة الرّحم من أهم الأعمال التي ندب إليها القرآن، واعتبر التشريع الإسلامي قطيعة الرّحم من الذنوب الكبائر. وأنّ صلة الرّحم من أفضل الأعمال، وإن كان ذلك الرّحم أو القريب قاطعاً.. وصلة الرّحم تدفع البلاء، وتوسِّع الرِّزق، وتجلب المحبّة والتعاون، وتشعرهم بردّ الجميل، والوقوف إلى جنب الاُسرة عندما تقع لديها المشاكل الحياتية، كما تدعوهم إلى مشاركتها في أفراحها وأحزانها.. وتلك هي الحياة الاجتماعية.. محبّة وتعاون، ومشاركة وجدانيّة وفعليّة في السّرّاء والضّرّاء

إنّ الاُسرة التي تعيش منكفئة على نفسها، منعزلة عن الآخرين، هي اُسرة فاشلة اجتماعيّاً، سواءً كانت تلك العزلة بسبب الغرور المالي أو الاجتماعي، والتعالي على الآخرين، أو بسبب الطّبيعة الإنطوائية والإنعزالية.. وكلّ تلك صفات سـيِّئة تسيء إلى سمعة الاُسرة، وتُربِّي أفراداً فاشلين اجتماعيّاً، يفقدون احترام الآخرين وتعاونهم.. وليس في المجتمع الإنساني مَن يستغني عن الآخرين.. وعندما تحدث مشاكل مع بعض الاُسر، كاُسرة الاُخت أو الأخ أو الأعمام أو الأخوال ... إلخ، فلا يصحّ أن تُواجَه بالقطيعة والعداوة والتراشق بالكلام المؤجِّج للخلاف، بل يجب العمل على حلِّها والمصالحة بين الاُسرتين، عن طريق توسّط الأصدقاء، أو بعض أفراد الاُسرة المقبولين لدى الطّرفين.. وممّا يزيل الأزمة الزِّيارة والتسامح ونسيان أسباب المشكلة، والدعوة إلى وليمة طعام، أو سفرة عائلية مُشتركة، أو إرسال الرّسائل وبطاقات المعايدة والاتصال التلفوني إذا كانت بين الاُسرتين مسافة بعيدة.. وإذاً فلنفهم الحياة الاجتماعية أنّها تعارف ومحبّة وتعاون.. صوّر القرآن ذلك بقوله: (يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكَر واُنْثى وَجَعَلْناكُم شُعُوباً وقَبائِلَ لِتَعارَفوا إنَّ أكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أتْقاكُم ). الحجرات / 13 (وتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ والتّقْوَى ولا تَعاوَنوا على الإثْمِ والعُدْوان).المائدة / 2 .(واُولُوا الأرْحامِ بَعضُهُم أَوْلى بِبَعْض في كِتابِ اللهِ). الأنفال / 75 . ويوضِّح الرّسول الكريم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أنّ رسالة الدِّين هي الحبّ الصّادق الطّهور، قال صلى الله عليه وآله وسلم : «وهل الدِّين إلاّ الحبّ» .. وإنّ خير النّاس هو خيرهم لأهله ، كما جاء في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي» . وهكذا نفهم أنّ الاُسرة تصنع شخصيّة أبنائها، وأبناؤها يمثِّلون شخصيّتها.. ولا سعادة للفرد مع شقاء الحياة في داخل الاُسرة.. والاُسرة الطّيِّبة تصنع شخصيّات طيِّبة

No comments: