Jun 14, 2008

كن في جميع الأحوال متفائلاً






من التفاؤل يُولد الأمل.. ومن الأمل يولد العمل.. ومن العمل يُولد النجاح. من يملك الأمل، يملك دائماً سفينة يمخر بها عباب البحر. التفاؤل بذرة الحياة الأولى. العاجز المتفائل خير من المقتدر المتشائم، فالتفاؤل قد يحوّل عجز الأول إلى اقتدار الثاني إلى عجز
عندما تنسجم الروح مع سنن الله عز وجل في الكون تتجاوب مع نعمه تعالى، فتكون متفائلة برحمته، مطمئنة بقدره، راضية بقضائه، فلا ترى في الحياة إلا كل ما هو خير وبركة. وعلى العكس، حينما تكون الروح في حالة تضاد مع تلك السنن، فإنها تكون في حالة خلاف مع مجرياتها، فتكون متشائمة، تندب حظها في هذه الحياة فلا تنتظر رحمة، ولا تطمئن إلى مصير؛ لأنها لا ترى إلا الظلمات.. وواضح أن كلاً من الحالتين تنتهي إلى النهاية المنسجمة معها: المتفاؤل إلى النجاح، والمتشائم إلى الفشل.. أليس ذلك ما يختاره كل واحد منهما لنفسه؟


إن التفاؤل وقود الروح، وهي حالة إيجابية تجعل صاحبها يرى الفرص المتاحة بدل أن يرى الفرص الضائعة، وينظر إلى ما يمتلكه، بدل أن ينظر إلى ما خسره. فالمتفائل يرى وسط الظلمة، نقطة نور، بينما يرى المتشائم نقطة من الظلام بالرغم من إحاطة النور بها. يقول أحدهم :"المتفائل إنسان يرى ضوءاً غير موجود، فيبحث عنه حتى يجده، أما المتشائم، فيرى الضوء ولا يصدق أنه رآه". وحينما تتاح الفرص أمام المتشائم، فإنه يرى الصعوبات المحيطة بها، بينما المتفائل، يرى في الصعوبات فرصاً متاحة لا بد من استغلالها. المتفائل حينما يفقد بعض ما يملك يقول: الحمد لله، عندي غيره، أما المتشائم فهو من غير أن يفقد شيئاً يخاف من فقدانه.. المتفائل يرى نعم الله تعالى التي منحها له، والمتشائم يرى النعم التي حصل عليها غيره.. فالمتشائم يرى صعوبة في كل مناسبة، بينما المتفائل يرى مناسبة في كل صعوبة. وهكذا فإن التفاؤل أمل.. والتشاؤم يأس.. والأمل حياة القلب، والتشاؤم موته. يقول الحديث الشريف: "الأمل رحمة، ولولا الامل، ما أرضعت والدة ولدها، ولا غرس غارس شجراً". وإذا أخضنا بعين الاعتبار أن حالتنا الذهنية هي رب عملنا الحقيقي، نعرف حينئذٍ كم يكون للتفاؤل القائم على الأمل من تأثير على مجمل حياتنا، خاصة فيما يرتبط بالنجاح من الأعمال. تُرى هل عرفت أو سمعت أن رجلاً نجح في أي مجال من مجالات الحياة وهو متشائم؟ أم هل رأيت متفائلاً واحداً عاش تعيساً في حياته؟



إن التفاؤل أقل ما يعطيه هو سكينة النفس التي ليس أقل قيمة من النجاح، بينما التشاؤم يسلب من صاحبه الراحة، والطمأنينة، حتى وإن كان من الناجحين. وهكذا فإن من التفاؤل يولد الأمل، ومن الأمل ينبعث العمل، ومن العمل تولد الحياة.. التفاؤل بذرة الحياة، وقد ثبت بالتجربة أن النظرة المتفائلة للأمور تحفّز العقل الباطن إلى الاحتفاظ بقوته، وتحفّز العقل الواعي على العمل. وقد قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) :"تفاءلوا بالخير تجدوه". فمن أراد الخير، فلا بد من أن يسلك الطريق إليه، وهو يمر عبر التفاؤل.. إن الإنسان ينسج أفكاره، فإذا كان متفائلاً أصبح ناجحاً، وإذا كان متشائماً فسوف يفشل، وحينئذٍ، فلا يجوز له أن يلوم إلا نفسه. يقول الامام علي (عليه السلام) :"تفاءل بالخير تنجح". فمن أهم الصفات التي يتمتع بها الناجحون.. أنهم متفائلون


هادي المدرسي

No comments: