Jun 30, 2008

فـن أن تـكون نفسـك



فن أن تكون نفسك على أفضل حالاتها هو فن جعل شخصيتك تتجلى تدريجياً نحو الإنسان الذي تصبوا أن تكونه، عالم أحياء مشهور قال: إن إمكانية وجود توأمين متطابقين كلياً تكون فرصة واحدة إلى كل الالكترونات الموجودة في العالم. كل إنسان هو شخصية فريدة واستثنائية. أنت كما أنت بفضل نعم ورحمة الله عليك.. اعتز وتألق بفرديتك.. ارض عن نفسك وامض إلى الأمام من هناك.. مكان جيد للبدء منه هو من خلال الإيمان بنفسك وقدرتك. "ثق بنفسك".
كتب اميرسون: "كل قلب يهتز لذلك الوتر الحديدي". دافع عن حقك في أن تكون نفسك. تجرأ أن تكون مختلفاً، واصنع لنفسك نموذجاً يُحتذى به، عش حياتك واتبع نصيبك. احترم نفسك فإنه لك الحق في الوجود هنا، ولديك عمل مهم لتؤديه. لا تقف في ظل نفسك. ابعد نفسك الصغيرة عن الطريق لتخطوا نفسك الكبيرة للأمام. ادفع نفسك إلى أقصاها بواسطة النفخ على أصغر شرارة إمكانية في داخلك إلى لهب وبريق الإنجاز العظيم. اتبع نصيحة سقراط: "اعرف نفسك.. اعرف قدراتك واعرف نقاط ضعفك، علاقاتك مع الكون.. امكانياتك.. ارثك الروحي.. أهدافك وغاياتك، واعتن بنفسك. اخلق من نفسك النوع الذي ستكون سعيداً بالعيش معه مدى الحياة". ضع في اعتبارك كلمات الامهتدي الجديد عندما دعا وقال: "يا الهي ساعدني في اصلاح العالم بدءاً بنفسي". كن لطيفاً مع نفسك، تعلّم أن تحب نفسك.. أن تسامح نفسك، لأننا فقط عندما نملك المعتقد والوضع الصحيح تجاه أنفسنا، نستطيع أن نملكه تجاه الآخرين. في علاقة نفسك مع كل البشر في العالم، اتبع بديهية شكسبير الذي كتب: كن صادقاً مع نفسك خاصة واتبعها كما يتبع الليل النهار، وبهذا لن تكذب على احد


ويلفيرد بيترسون
ترجمة: هدى حمدان

نقطة من البحر المحيط





في ساعات الصفاء، حينما تنقشع الغواشي عن القلب، و تنجلي البصيرة، و أرى كل شيء أمامي بوضوح، تبدو لي الدنيا بحجمها الحقيقي وبقيمتها الحقيقية، فإذا هي مجرد رسم كروكي أو ديكور مؤقت من ورق الكرتون، أو بروفة توزع فيها الأدوار لاختيار قدرات الممثلين، أو مجرد ضرب مثال لتقريب معنى بعيد ومجرد وهي في جميع الأحوال مجرد عبور ومزار ومنظر من شباك في قطار. وهي الغربة وليست الوطن.. وهي السفر وليست المقر.. أعجب تماماً وأدهش من ناس يجمعون ويكنزون ويبنون ويرفعون البناء وينفقون على أبهة السكن ورفاهية المقام.. وكأنما هو مقام أبدي.. وأقول لنفسي أنسوا أنهم في مرور؟ ألم يذكر أحدهم أنه حمل نعش أبيه وغداً يحمل ابنه نعشه إلى حفرة يستوي فيها الكل؟.. وهل يحتاج المسافر لأكثر من سرير سفري.. وهل يحتاج الجوال لأكثر من خيمة متنقلة؟. ولم هذه الأبهة الفارغة و لمن؟ ولم الترف ونحن عنه راحلون؟. هل نحن أغبياء إلى هذه الدرجة؟ أم هي غواشي الغرور والغفلة و الطمع وعمى الشهوات وسعار الرغبات وسباق الأوهام؟ وكل ما نفوز به في هذه الدنيا وهمي، وكل ما نمسك به ينفلت مع الريح. والذين يتقاتلون ليسبق الواحد منهم الآخر أكثر عمى، فالشارع سُد عند نهايته، وكل العربات تتحطم و يستوي فيها السابق باللاحق، ولا يكسب أحد منهم إلا وزر قتل أخيه.. بل إن أكثر الناس أحمالاً و أوزاراً في هذه الدنيا هم الأكثر كنوزاً والأكثر ثراء، فكم ظلموا أنفسهم ليجمعوا، وكم ظلموا غيرهم ليرتفعوا على أكتافهم. ولعلنا سمعنا مثل هذا الكلام ونحن نلهث متسابقين على الطريق.. فهو كلام قديم قدم التاريخ رددته جميع الأسفار، وقاله جميع الحكماء و لكنا لم نلق له بالاً ولم يتجاوز شحمة الأذن. ومازلنا نسمع ولا نسمع برغم تطور أدوات الاستماع وكثرة الميكروفونات و مكبرات الصوت، ولاقطات الهمس الإلكترونية من فوق الفضاء ومن تحت الثرى. ومازلنا نزداد صمماً عن إدراك هذه الحقيقة البسيطة الواضحة وكأنها طلسم مطلسم ولغز عصي على الأفهام. هل نحن مخدرون؟. أم هناك ما هو أقوى أثراً و أكثر شراسة من الخمور والمخدرات، هي مادية العصر التي طبعت الناس بذلك الشعار المسكر؟ غامر واكسب.. و انهب واهرب.. وسارع إلى اللذة قبل أن تفوتك.. وعش لحظتك بملئها طولا وعرضا ولا تفكر ماذا بعد، فقد لا يكون هناك بعد






نعم.. تلك هي الخدعة التي يُستدرج إليها الكل.. إنه لا شيء سوى ما نرى ونسمع ونذوق ونلمس من ماديّات، وأنه ليس وراء هذه الدنيا شيء ونفوسنا الأمّارة استراحت إلى هذه الفلسفة لأنها تُشبع لها رغائبها وتحقق لها مشتهياتها، و الحيوان في داخلنا اختارها لأنها تشبع غرائزه. وتلك النفس هي الفتنة والحجاب وهي التي أفرزت هذه الحضارة المادية و روجتها. ألم يسأل داوود ربه: يارب كيف أصل إليك. فقال له ربه.. اترك نفسك وتعال.. أن يترك هذه النفس لأنها العقبة.. (( فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة)) 11 – 13 البلد. لا انفكاك من هذه العقبة إلا بالإنفكاك من طمعك.. فتفك الرقبة وتطعم المسكين وتؤثر غيرك على نفسك. ولذلك لم يطلب الإسلام من المسلم نبذ الدنيا، وإنما طلب منه قمع النفس وكبحها وشكمها.. لأن النفس هي الأصل.. والدنيا مجرد أداة لتلك النفس لتختال وتزهو وتتلذذ و تستمتع






إن النفس هي الموضوع، وهي ميدان المعركة ومحل الابتلاء، والدنيا ورقة امتحانها، ومطلوب الدين هو الإرتقاء بهذه النفس، والارتفاع بها من شهوات البطن والفرج، ومن شهوات الجمع والاكتناز، ومن حمى الاستعراض والكبر و التفاخر، ليكون لها معشوق أرقى هو القيم والكمالات، ومعبود واحد هو جامع هذه الكمالات كلها.. وإنما تدور المعركة في داخل النفس وفي شارع الدنيا حيث يتفاضل الناس بمواقفهم من الغوايات والمغريات وما تعرض عليهم شياطينهم من خواطر السوء، ومن فرص اللذة كل لحظة. ولم يطلب الإسلام من المسلم أن ينبذ الدنيا، بل طلب منه أن يخوضها مسلحا بهذه المعرفة، فالدنيا هي مزرعته وهي مجلى أفعاله وصحيفة أعماله. وقدم له فلسفة أخرى في مواجهة الفلسفة المادية.. قدم له فلسفة استمرار وبقاء، فهو لن يموت ويمضي إلى عدم.. بل إلى حياة أخرى سوف تتعدد فصولاً و تمضي به كدحاً وجهاداً حتى يلقى ربه: (( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه)) 6 – الانشقاق






الحضارة المادية لم تقدم للإنسان إلا الموت وحياة تمضي سدًا و تنتهي عبثاً.. أما الإسلام فقدم للإنسان الخلود وحياة تمضي لحكمة و تنتقل من طور إلى طور وفقاً لنواميس ثابتة من العدل الإلهي، حيث لا يذهب أي عمل سدى ولو كان مثقال ذرة من خير أو شر.. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره. واليوم تصل الحضارة المادية إلى ذروة من القوة والعلم وتكتمل لها أدوات الفعل والتأثير من إذاعة وتليفزيون وسينما ومسرح وكتب ومجلات، وهي سواء كانت أمريكية أو سوفييتية، فهي لا تفتأ تغتال العقل والروح وتتحالف على الإنسان بخيلها ورجلها، ولكنها برغم كل شيء ضعيفة متهافتة واهية لأنها تغتال نفسها ضمن ما تغتال، وتأكل كيانها، وسوف تقتتل مع بعضها البعض و تتحارب بالمخلب والناب وبالقنابل الذرية والقذائف النووية.. فالطمع والجشع حياتها وموتها. وعلى رقعة صغيرة من الأرض يقف الإسلام كمنارة في بحر لجي مظلم متلاطم الموج يعج بالبوارج و الغواصات و حاملات الصواريخ و حاملات الرءوس النووية، وما أكثر المسلمين ممن هم في البطاقة مسلمون، ولكنهم في الحقيقة ماديّون، اغتالتهم الحضارة المادية بأفكارها وسكنتهم حتى الأحشاء والنخاع، فهم يقتل بعضهم البعض ويعيشون لليوم واللحظة ويجمعون ويكنزون و يتفاخرون ولا يرون من الغد أبعد من لذة ساعة، ويتكلمون بلغة سوفييتية أو لغة أمريكية ولا يعرفون لهم هوية.. وقد نجد من يصلي منهم إلى القبلة خمس مرات في اليوم ولكن حقيقة قبلته هي فاترينة البضائع الاستهلاكية. ولا يبقى بعد ذلك إلا قليل أو أقل القليل ممن عرف ربه. ولو بقي مؤمن واحد مرابط على الحق في الأربعة آلاف مليون فهو وحده أمة ترجحهم جميعاً عند الله يوم تنكشف الحقائق وينهدم مسرح العرائس ويتمزق ديكور الخيش والخرق الملونة، وتنهار علب الكرتون التي ظنناها ناطحات سحاب وتنتهي الدنيا. وحينئذٍ، وعندما تهتك الأستار، وتُقام الموازين، سوف نعرف ما الدنيا وماذا تساوي.. وماذا يساوي كل الزمن حينما نضع أقدامنا في الأبد. وحينئذٍ، سوف نتذكر الدنيا كما نتذكر رسما كروكيا، أو مسرح خيال الظل، أو نموذج مثال مصنوع من الصلصال لتقريب معنى بعيد بعيد ومجرد.. وسوف نعلم أنها ما كانت سوى النقطة التي فيها كل أملاح البحر المحيط، ولكنها لم تكن أبداً البحر المحيط




__________________________




من كتاب: "وبدأ العد التنازلي" للدكتور مصطفى محمود


Jun 28, 2008

التقدم إلى الخلف



حينما اكتشف الرجل الأوروبي البخار و الكهرباء، و صنع الصلب و القطارات و الطائرات، و أضاء المدن فأحال ظلامها نهاراً، امتلأ شعوراً بالسعادة و العظمة. وحينما وضع قدمه في أفريقيا السوداء نظر إليها نظرة السيد إلى ملايين العبيد المتخلفين المتأخرين، المتبربرين المتوحشين. و شعر بأن عليه واجب الأخذ بيد هؤلاء الحيوانات إلى نور المعرفة و العلم والوصايا العشر. وبين زنوج عُراة حفاة وقف المبشر الأوروبي في ثياب نظيفة يقول لكل واحد: لا تسرق.. ونظر كل عريان بجواره يتساءل: نسرق ماذا؟ لا أحد يملك حتى خرقة على جسده، والطير يمرح على الشجر لمن يصطاده، و الأرض مجاناً لمن يزرعها، والفاكهة دانية لمن يقطفها.. نسرق ماذا و لماذا؟ أسهل على الجمل أن يدخل ثقب إبرة من أن يدخل الغني جنة الله. ولكن من هو الغني؟ الذي يملك.. الذي عنده نقود أكثر.. الذي عنده سندات وعقارات أكثر. و لكن ليس بيننا من يملك أكثر ولا من يملك أقل. ولا نعرف ملكية. ولا نعرف نقوداً. وليس بيننا من يملك سندات و عقارات. هذا عين التأخر والبربرية والوحشية! سوف يصك لكم الرجل الأوروبي النقود. سوف يجعل بعضكم فقراء و بعضكم أغنياء. سوف يجعل بعضكم يملك وبعضكم لا يملك. وهكذا تنشأ بينكم الأحقاد فتعرفون معنى الوصايا العشر. و لكن ما بال الرجل الأوروبي نفسه لا يعمل بالوصايا العشر؟ لماذا يسرق خيرات الغابة ويشحنها في البواخر المتراصة على الشاطئ إلى بلاده؟ لماذا يقتل العبيد بالسخرة في المناجم؟ لماذا يتزوج واحدة و يزني بألف. ولماذا يكذب على نفسه وعلينا وعلى الله؟! وظلت الحياة تسير في رتابة بين المتوحشين المتبربرين تحصدهم الأمراض، وتتحالف عليهم الملاريا والحمى الصفراء، والحيّات والأفاعي، ورصاص المستعمرين. وتولى الرجل الأوروبي مهمة قتل نفسه في حربين عالميتين. وتولى حصاد المدينة التي أقامها. كلما بنى هدم، وكلما أقام حطم. ولكن الأدوات في يديه ظلت تتقدم من طائرات إلى صواريخ، ومن كهرباء إلى ذرة
وها هو ذا اليوم قد امتلأ شعوراً بالثقة، وقد ازداد تأكيداً أنه أصبح السيد بالفعل. سيد من؟!! سيد على الطبيعة وعبد لنفسه! وهو يزداد عبودية لهذه النفس كل يوم. تستهويه البضائع الاستهلاكية في الفاترينات، وتستعبده الثلاجة والغسالة والعربة البويك، والريكوردر، والترانزيستور. وسيطرة البضائع الاستهلاكية والترف الشخصي تفرض نفسها على بلد رأسمالي كأمريكا كما تفرض نفسها على بلد اشتراكي كروسيا. و من أجل مزيد من الترف والبضائع الاستهلاكية لكل فرد، ومن أجل السيطرة والتحكم في الآخرين سوف تقوم حرب ثالثة، فلم تعد المسألة مسألة مذاهب. وإنما حقيقة المسألة أن الإنسان لم يتقدم وإنما تأخر. وهو كل يوم يتأخر. الأدوات في يديه هي التي تقدمت وتحول هو من صانعها إلى خادمها ثم إلى عبدها. لكن كل هذه البضائع الاستهلاكية ليست أكثر من لعب أطفال في فاترينة، وكل ما أحرزه الإنسان من تقدم هو تقدم شكلي. والإنسان في أثينا، منذ أكثر من ألفي سنة، أيام سقراط وأفلاطون وأرسطو كان أكثر تقدماً. وكان يعرف طريقه الصحيح إلى التقدم بالفعل. كان يبحث كيف يعرف نفسه، وكيف يتخلص من عبوديتها، وكيف يحقق الحرية، وكيف يحقق العدالة، وكيف يصل إلى معرفة الله. وكان كل واحد يناقش الآخر في حرية
أما اليوم فكل واحد يطلق على الآخر الرصاص. ولا أحد يفكر كيف يعرف نفسه، ولكن كيف يشبع نهم تلك النفس الجشعة بلا حدود. والنفس تدفن شيئاً فشيئاً تحت ركام البضائع الاستهلاكية، يخنقها طمعها اللانهائي. نحن نتأخر. الأدوات في أيدينا تنمو في القوة باطراد حسابي كما تنمو الأموال تلقائياً في البنوك. ولكن التقدم ليس أن تنمو الأدوات، وإنما أن ينمو الإنسان. ليس أن يسيطر الإنسان على الآخرين، وإنما أن يسيطر على نفسه، على غضبه. ليس أن يمتلك الإنسان القوة، بل أن يمتلك الرحمة. ليس أن يفرض الشرق مذهبه على الغرب، ولا أن يفرض الغرب مذهبه على الشرق، و إنما أن ترحب الصدور ليقول كل واحد كلمته. صحيح أننا الآن نركب صواريخ و نسير بسرعة، ولكن إلى وراء، وإلى تحت، وإلى خلف، وإلى دغل كثيف نعود فيه حيوانات أكثر افتراساً من كل الحيوانات.. حيوانات مخالبها ذرية و أنيابها نووية. مسوخ اختل فيها التوازن فأصبحت لها أبدان هائلة، وقلوب ضئيلة، و أرواح هزيلة. الجنس البشري الآن هو الديناصور الجديد الذي سوف ينقرض. واقرأوا التاريخ لتعرفوا كيف كان على الأرض منذ ملايين السنين حيوان هائل ضخم كالجبل، يحكم جميع الحيوانات، اسمه الديناصور، ثم انقرض وهلك. و السبب أنه كان قوياً جداُ و مغفلا


_______________________


من كتاب : "الشيطان يحكم" للدكتور مصطفى محمود

Jun 27, 2008

أنت ونفسك.. وطرق الحياة الإيجابية



هناك الكثير من الإستراتيجيات والأدوات التي يتمكن من خلالها الإنسان من السيطرة على نفسه، وأن يعيش حياة إيجابية تدفعه للمزيد من العطاء، ويكون فاعلاً في مجتمعه من خلال ما يحمله من تصورات وأهداف وقيم، وما يقوم به من أفعال وأعمال ومشاريع تسهم في العملية التنموية والحضارية في دولته. شبيها بآلة والحديث عن سيطرة الإنسان على الكون لم يعد حديثاً مستغرباً، بل إن الإنسان استطاع أن يطوع الكثير من الأدوات والآليات في العالم لتعمل لصالحه، واستطاع من خلال الاستفادة من الكثير من التقنيات أن يصل إلى آفاق بعيدة في الإنجازات، ولكن أصبح من المستغرب عند بعض الناس سيطرة الإنسان على نفسه وسلوكه، وهو ما دفع ببعض البشر لأن يكون شبيه بآلة تتحكم بها الظروف. عمليات جماعية: إن إيجاد البيئة الإيجابية من الضرورات الحتمية للمجتمعات التي تبحث عن دور فاعل بين الأمم، والبداية دائماً تكون بالإنسان الذي حباه الله سبحانه وتعالى بقدرات غير محدودة، حيث يستطيع أن يسخر هذه القدرات لصالح البشرية، وأن يحول المستحيل إلى ممكن وإلى واقع معيش بعيداً عن رؤية ونظرة المتشائمين للحياة الذين لا يتصورون أي إنجاز للآخرين وخصوصا أقرانهم، وأن هؤلاء المتشائمين يشكلون في الغالب عناصر تدفع المجتمع لأن يكون سلبياً، لأنه لا يكفي الفرد أن يكون إيجابياً بذاته، فوجود أفراد يحملون روحاً سلبية سيشكلون عنصر هدم للآخرين وخصوصاً أن عمليات الإصلاح والتنمية في أي مجتمع هي عمليات جماعية لا يقوى عليها الأفراد. لا نستسلم للجانب السلبي: إن النفس البشرية قد يعتريها بعض من السلبية وعوامل الهزيمة، ولكن الفرد العاقل والقادر على أن يسيطر على نفسه يستطيع أن يحول عوامل الهزيمة والانكسار والسلبية إلى حالة من الإيجابية، وأن تكون هذه العوامل منشطات للدفع والتقدم، وعلينا أن نتحكم في سلوكياتنا، وأن لا نكون حبيسي أعمال نكررها كل يوم، فالسلوكيات الإرادية يمكن تغييرها لتصبح لا إرادية بالتكرار وخصوصا إذا أمعنا النظر في الجوانب الإيجابية في ذواتنا وأشخاصنا وعملنا بشكل جاد على بناء الإيجابية في مجتمعنا، وقللنا من جرعة السلبية في ذواتنا وذوات الآخرين، وأن لا نستسلم للجانب السلبي، بل نجيد فنون التعامل معها من خلال الاستعمال الأمثل والاستفادة القصوى من طاقة الجسد الإيجابية. ثلاث طرق وهناك العديد من الطرق التي تساعد على بناء الحياة الإيجابية، ومنها: أولاً: المعرفة الكاملة للإنسان وما مكوناته وكيف نتعامل معه. ثانياً: الأعمال وأنواعها. ثالثاً: الحاجات الأساسية للإنسان والمجتمع. وإلمامنا بهذه الثلاثية تجعلنا قادرين على بناء حياتنا بشكل إيجابي وصحيح، حيث يتكون الإنسان من عنصرين أساسيين هما الروح والجسد، وفي كل منهما مقومات، ولكل واحد منها تأثير على الآخر بطريقة معينة، والإنسان الإيجابي حريص على أن لا يغلب جانب منه على الجانب الآخر، بل إن عملية التكامل هي الأساس الصحيح للتعامل الأفضل، وهذا يدفع الإنسان لأن يكون مؤثراً بشكل إيجابي على الآخرين، وأن يحقق ما يريده من احتياجات في المجتمع، وأن الحاجات تختلف من شخص إلى آخر، وأن من يريد أن يحيا حياة إيجابية فعليه بالمبادرة، ولكن يجب أن تكون هذه المبادرة قائمة على المعرفة والعلم، فمن دونهما تعد المبادرة خطوة إلى الوراء. وضوح الهدف: يوجد الكثير من أساليب بناء الشخصية الإيجابية ومستويات التعامل الأمثل مع النفس، والإنسان عليه أن يوحّد هدفه ويجعله واضحاً وأن يسعى لتنفيذه في وقت محدد، فليس بالإمكان تحقيق أكثر من هدف في وقت واحد، فوضوح الهدف أمر ينبغي على الفرد العاقل والإيجابي أن يسعى إليه مع التركيز الكبير على الهدف حتى تتولد لديه طاقة يمكن أن تسهم في تحقيق الهدف، وأن وضوح الهدف يتوقف دائماً على معرفتنا لمقدار ضرورته

Jun 25, 2008

لا تفكر في مخاطر الحياة.. حاربها حين حدوثها



يجب علينا عدم التفكير والتركيز على المخاطرالتي يمكن أن تحدث لنا، فمثلاً لا تقل ما الذي قد يحدث إن اصبت بالسرطان؟ أو ما الذي سيحدث إن تركني أولادي في شيخوختي؟ أو ما الذي سيحدث إن خسرت عملي؟ معظم هذه الامور لن تحدث حتى، وهي ليست سوى نتيجة الشك في ذهنك وخيالك الواسع، ولكن إن فكرت فيها مطولاً واستمررت في التخوف منها قد تجعلها حقيقة. من هنا، وعوضاً عن التفكير فيها، واجه المخاطر حين تتعرض لها، حتى إن ظننت أنك ستشعر بالألم والعذاب في خلال مواجهتك للمخاطر، فليس عليك الشعور بذلك إلا حين حدوث الأمر، لم عليك التألم الآن وطوال حياتك في خيالك؟ ثمة فيلسوف كتب الأسطر التالية لأولئك الذين يخافون من ألم الموت:"حتى لو ظننت أن الموت مؤلم.. لم عليك التألم طوال حياتك؟ مت فقط حين قدوم الموت، لم تريد الموت في كل لحظة في حياتك في خيالك؟". في الواقع إن خيالنا هو الذي يبالغ في كل شيء ويمنعنا من رؤية الأمر على حقيقته، ستدرك بنفسك أنك ستتمكن من مواجهة أي خطر وحتى تخطي خيالك هو الأمر الذي يمنعك من التحلي بالشجاعة الضروية ويجعلك تحلم بكل النتائج السلبية. لذا، لا تفكر إلا في الأمور الجيدة والإيجابية واترك الأمور السلبية للمواجهة وليس للتفكير فيها


المصدر: كتاب كيف تواجه الخوف؟

فلنتحكم بالضغوط الداخلية






هي ـ في الغالب ـ ضغوط نفسيّة تنجم إمّا عن تنازع واصطراع بين ما يريده العقل وما تريده العاطفة. وإمّا عن التزاحم بين الأعمال والهوايات، أو الإخفاق في تحقيق مسعى أو هدف معيّن، أو العجز عن نيل درجة أو حاجة أو موقع معيّن. فكثيراً ما يعيش بعض المراهقين صراعاً غرائزياً حاداً بين ما تهواه نفوسهم وما تتحكم به عقولهم من ضرورة الصبر والتريث حتى يحين موعد النضج والقدرة على الوفاء بمتطلبات الحياة الزوجية. وقد يصابون بضغوط نفسية شديدة نتيجة الفشل الدراسيّ، أو مواجهة مشكلة معيّنة، كأن يكون ضعيفاً في مادة دراسية، وبدلاً من أن يصمّم على اجتياز هذه العقبة بمزيد من الدرس والفهم والاستيعاب والمواظبة وطلب المعونة، تراه يعيش العقدة والكراهية لتلك المادة مما يجعله يعيش ضغطاً نفسياً يصل إلى درجة التأفّف والاختناق، كلّما تذكّر أنّه مطالب باجتيازها. أو تراه يرغب بالوصول إلى القمّة بسرعة خاطفة، حتى إذا اصطدم بحقيقة صعود السلّم درجة درجة، عانى من الضغط أو الألم النفسي المبرّح لأنّ غيره سبقه إلى القمّة وهو ما يزال على السفح، من غير أن يدقّق النظر في أنّ الذين على القمّة لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه بطريقة الإزاحة أو التسلّق أو حرق المراحل، وإنّما جدّوا واجتهدوا وزرعوا وحصدوا. وغالباً ما يكون التزاحم بين عملين، لا تحسم الأرجحيّة لصالح أحدهما، سبباً في الضغط النفسيّ، فقد يخيّر التلميذ أو التلميذة نفسيهما بين مسؤولية الدراسة وأداء التكاليف المدرسية، وبين مشاهدة فيلم جميل، أو مباراة مهمّة، وقد يقبلان على المشاهدة لكنّهما يجدان المتعة منغّصة وغير كاملة، لأنّ الوقت يمضي والتكاليف تنتظر. وقد يقع التزاحم بين التلفاز والصلاة، فيكون الضغط النفسي ناتجاً عن تأخير الصلاة، والتقاعس عن أدائها في وقتها، والشعور بأنّها أقلّ أهميّة من مادة تلفزيونية. وربّما يكون بين متطلبات الدراسة والرغبة في النزهة أو اللعب أو زيارة الأصدقاء، أو إنجاز بعض المسؤوليات البيتية



إنّ حلّ هذه الأزمات الصغيرة، أو تجاوز هذه الضغوط ـ أنّى كان حجمها ـ لهو بيد الشاب أو الفتاة نفسيهما. فتنظيم الوقت وترتيب سلّم الأولويات، وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، وتقديم ما لا يحتمل التأخير، أو يكون في تأخيره خسارة معيّنة، سوف يبدّد الكثير من الضغوطات الطارئة. ذلك أنّك أحياناً قد تشعر بالانقباض النفسي ولا تدري سبباً لذلك، ولو قمت بتحليل شعورك هذا لرأيت أنّ مكوّناته هي ضغط صغير هنا، وضغط صغير هناك اجتمعا فضيّقا الخناق عليك. وقد تأتي الضغوط الداخلية من جرّاء الضجر والرتابة والملل، ولذا فإنّ التغيير الايجابي البسيط ربّما يحوّل سمفونية حياتك الرتيبة إلى نغمات عذبة ودافئة ومسلية. حاول ـ مثلاً ـ تغيير الشارع الذي تسير فيه إلى مدرستك أو عملك، أو غيِّر طريق العودة منهما، استبدل قميصاً بآخر وليس من الضروري أن تشتري جديداً، استبدلي العطر الذي تستعملينه، أو تسريحة شعرك. وربّما كان زيارة لصديق أو نزهة في حديقة، أو قراءة في كتاب تميل إلى الاستزادة في موضوعه، وغير ذلك مما يتفنّن كلّ شاب وفتاة، ففي الحديث : «إنّ القلوب تملّ كما تملّ الأبدان فتخيّروا لها طرائف الحكمة». والمراد بـ (طرائف الحكمة) كل ما هو جديد، أو فيه مسحة أو نفحة من التجديد، ذلك أنّ «لكلّ جديد لذّة» حتى لو كان التجديد في تغيير مكان الطاولة من الزاوية التي تقبع فيها. إنّ زيارة الصديق المخلص الثقة الذي تحبّه ويحبّك وتشتاق له ويشتاق إليك، وترتاح له ويرتاح إليك، لا سيما إذا كان مؤمناً محبّاً للخير ودوداً، من أهم أساليب الترويح عن النفس والتخفيف من الضغوطات المتراكمة عليها، علاوة على ما فيها من قربة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم

Jun 23, 2008

الكلمة السحرية التي تغير الأشياء






هنالك كلمة سحرية صغيرة! وهي قادرة على تحويل الأشياء السيئة إلى اشياء جيدة!! كما أنها يمكن أن تستعمل على النقيض من ذلك!! لكن الأمر كله يتوقف على طريقتك في استعمالها!!. إنك على الدوام وفي موقع المتحكم باستعمال هذه الكلمة.. ولهذ،ا فإن في يدك أن تبدل الأشياء إلى الأحسن.. كذلك أن تحول التعاسة إلى سعادة، والفشل إلى نجاح.. وأن تحقق المعجزات في حياتك الخاصة وفي حياة الآخرين أيضاً.. كل ذلك باستعمال هذه الكلمة. إن فيها لقوة غير متوقعة! لم تدر بخلدك من قبل!. ربما لأنك لم تكن تعرف أنك تملكها في الأصل! أو ربما كنت لا تدري كيف تستعملها! لهذا دعنا نجربها الآن! إن الكلمة السحرية القادرة على قلب المقاييس وتبديل مسار الأشياء، ما هي إلا كلمة! "ولكن". ربما أنك لا تصدق أن كلمة عادية، وصغيرة، وبسيطة، مثل كلمة "ولكن" تحتوي مثل هذه القوة السحرية القادرة على تغيير الأشياء! وأنها تحقق، بصورة عجائبية، ضروباً من السعادة والنجاح! هاك إذاً برهاناً على ذلك: لنفترض أنك فقدت وظيفتك. فأنت تقول:"صحيح أنني فقدت وظيفتي.. ولكن.. هذا يطلق يدي لكي أكرّس كل وقتي وجهدي من أجل إيجاد وظيفة أفضل، أكون مؤهلاً بطريقة أفضل. وربما أنني لم أكن أملك الشجاعة الكافية لكي أتخذ قرار الطلاق من هذه الوظيفة، ولربما كان هذا الإحجام سيكلفني بأن أمضي بقية حياتي في الروتين والملل.. ولكن.. هذا يطلق يدي من جديد لكي أكرس كل وقتي وجهدي لأكتشف ماذا أريد أن أكون، وماذا عليّ أن أعمل في هذه الحياة، لكي أحصل على وظيفة أخرى أكثر ملاءمة لي وأكثر مردودية أيضاً". لاحظ أن الكلمة الصغيرة "ولكن ":هي التي تقوم بالخطوة الإنتقالية، من الحالة السلبية إلى الحالة الايجابية.. من السيئ إلى الأحسن. ولنفترض أنك فقدت قريباً عزيزاً عليك جداً. فإنك تقول:"نعم، إنها مصيبة تكسر القلب.. ولكن.. سوف أعترف: أن ما كان قد كان، ولا يمكن، الآن، أن يكون غير ذلك. ولهذا، فإنني سوف أقبل بما ليس منه بد ولسوف "أكيّف حياتي بما يتلا ئم مع الواقع الجديد الذي قبلت به كحقيقة واقعية. وإنني سوف ومن خلال العمل الإيجابي "أكرّس نفسي لقضية تكون أكبر مني، وأكبر مما حدث لي. لاحِظ هنا من جديد أن كلمةْ ولكن هي التي يتوقف عليها التحوّل من الموقف السلبي إلى الايجابي، ومن الوضع المأساوي إلى رحاب القبول، ثم إلى العمل الجديد الذي يجري تكريس النفس واستغراقها فيه، ولخدمته. لنفترض أن هدف الحياة الذي درست وعملت وضحيت من أجله قد خُطف من قبضتك، وتحظم إلى شظايا، على صخور القدر الصلبة القاسية !! هنا أنت تقول:" نعم هذا الهدف قد ضاع مني.. ولكن.. إنه قانون الحياة الذي يقول: عندما يغلق القدر باباً، فإن الإيمان يفتح دونه باباً جديداً.. لهذافإنني سأفتش عن الباب المفتوح، وأكتشف الهدف الأسمى وأحقفه!!". مرة جديدة الكلمة الصغيرة السحرية "ولكن".. هي التي غيرت الموقف من سالب إلى موجب، ومن سيئِ إلى جيد. والمثلُ يجر المثَل


لقد جاء الوقت الآن لصياغةْ "الطريقة" التي يمكن تصورها، وحفظها في الذاكرة لكي تصبح ضرباً من الفعل المنعكس الشرطي، الذي يَستعمِل تلقائياً، كلمة: ْولكنْ، لكي يُجري التحويل: من السلبي إلى الإيجابي، ولكي يغير السيئ إلى جيد، في حياتك الخاصة. وهذه هيْ الطريقة العتيدة، التى نقترحها عليك: 1- كلما حصل "شيء ما" سيئ معك: " أعترف " بحصوله على الفور (لا تخادع نفسك باعتقاد معاكسٍ كاذب)."صرح" بهذا الاعتراف، أمام نفسك، إما باستعمال الكلام المسموع، أو الصامت. الهدف من ذلك، هو أن تصبح المشكلة معبراً عنها بوضوحِ، بحيث إنك تدري "بالضبط ما الوضع السيئ الذي تريد أن تقوم بتحويله. 2- بعد أن تكون، لفظياً، وعقلياً، قد قمت بتحديد الحالة (السيئة) التي نريد أن تغيرها: "أكّد، بكامل تركيزك، مفتاح التحويل، أي كلمة "ولكن". 3- أتبع كلمة التحويل "ولكن": "بالتأكيد الإيجابي "، بأنك عازم على-تحويل الحالة السيئة الى أفضل بديل ممكن "وابدأ على الفور "بتنفيذ"هذه النيه.لنجرب الآن مثلاً جديداً. لنفترض أنك خسرت مبلغاً كبيراً من المال في مضاربة مالية غير محسوبة جيداً.. اعترف وأقر بالحالة السيئة، التي حصلت معك قائلاَ: إنني أقر وأعترف بخسارة مبلغ كذا وكذا من المال، استعمِل القوة التحويلية للكلمة السحريةْ ولكن لكي تصبح جملتك الإقرارية كما يلي: "إنني أقر وأعترف بخسارة مبلغ كذا وكذا من المال.. ولكن..". في النهاية، أتبع كلمة "ولكن":بـ"التأكيد الإيجابي" المشروح بالتفصيل من خلال "الفعل المباشر". كأن تقول :"المعرفة والخبرة اللذان اكتسبتهما سيساعدانني على كسب كمية من المال تزيد عن المبلغ الذي خسرته! وسأبدأ بتنفيذ عزمي هذا فوراً". هكذا تكون قد وضعت الكلمة السحرية "ولكن" موضع التنفيذ الفعلي.. نعم أنا خسرت كذا وكذا. "سلبي".. "لكن".. تحويل المعرفة الذي خسرته وسأبدأ بتنفيذ عزمي هذا فوراً "(تأكيد إيجابي موضوع موضع التنفيذ الفعلي الفوري). كلما أصابتك الحياة بإخفاق : طبّق استعمال الكلمة السحرية "ولكن".. من أجل تحويل السيء إلى جيد. إنها فكرة ثورية يمكن أن تحدث ثورة جذرية في حياتك
م.ر.كوبماير

Jun 22, 2008

هل تستسلم للبطالة.. أم؟



عندما تكون ملتحقاً بعمل معين ما، ويحدث أن تُقال، أو تستقيل من عملك، رغبة منك في الحصول على عمل أفضل، وتظل فترة من الزمن بلا عمل، تبحث عن العمل الجيد... وعندما تُملي عليك الظروف أن تظل مدة طويلة من الزمن وأنت تبحث عن وظيفتك الأولى.. في كل الحالات كيف يجب أن تتصرف؟ هل تستسلم للبطالة، فتصبح حياتك أكلاً وشربا ولذة ونوما وفراغا؟ أم أنك تنظر إلى قضية وقتك نظرة جدية مسؤولة؟ هناك من الناس من يستسلم للبطالة إذا وقع فيها، ويمضي شهوراً – وربما سنوات - من الوقت فارغا، بلا طائل.. ولكن هذا ليس هو الموقف الصحيح من حالة العطل بلا عمل، إذ بإمكانك إذا كنت عاطلا أن تقوم بما يلي: - تناول ورقة وقلما، وقل لنفسك: حسنا، إنني عاطل عن العمل، فلكي أجد عملاً مناسباً ماذا يمكنني أن أفعل، ثم فكر في مجموعة أعمال، ودونها على الورق، وحاول أن تقوم بزيارات لتقديم طلبات العمل إلى تلك الجهات المختصة، أو فكر في مجموعة أعمال أنت تصطنعها وتدر عليك مالاً تدير به عجلة معيشتك. - ولنفترض أنك حاولت كثيراً من أجل الحصول على عمل ولكن دون جدوى، فلا تستسلم، بل واصل في البحث عن عمل، وقد يستدعي الأمر أن تهاجر إلى بلد آخر للحصول على عمل إذا أمكنك ذلك، يقول الإمام علي (عليه السلام) في الشعر المنسوب إليه: وإذا رأيت الرزق ضاق ببلدة وخشيت فيها أن يضيق المكسب .. فارحل فأرض الله واسعة الفضا طولا وعرضا شرقها والمغرب. وبالإضافة إلى مواصلة البحث عن العمل، يمكنك أن - تدرس لغة حية تختارها. وتحدد لنفسك مجموعة من الكتب النافعة فتقرأها. - تتعلم فنا جديدا يساعدك في الحصول على مهنة جديدة، كأن تتعلم فن إصلاح محركات السيارات، أو فن إصلاح أجهزة الرديو والتلفيزيون أو صناعة البرامج الكومبيوترية، وغيرها لتقوم بعد ذلك بمزاولة هذه الحرفة. - تقرأ في المجلات والصحف النافعة. - تتعلم فن الخطابة، إذا كنت ترغب في ذلك. - أن تؤلف كتابا إذا كنت تملك القدرة على ذلك. - أن تكتب الشعر إذا كانت لديك القدرة على ذلك. - أن تقرأ مجموعة الكتب حول الأعمال وإدارتها إذا كنت ترغب في ذلك. - أن ترفع مطالبك إلى الجهات الحكومية المختصة، مطالبا إياها بالعمل الجاد لحل حالة أزمة البطالة، وأن تستمر في ذلك.. وهناك الكثير جداً من الأعمال التي يمكن للإنسان أن يزاولها حينما يكون عاطلاً، حتى يحصل على عمل مناسب، وبكلمة : إذا أصبحت عاطلا عن العمل وبإرادتك، أو شاءت الظروف والأحوال لك ذلك، فلا تتذمر ولا تلجأ إلى الفراغ، ولا تستسلم له، بل كافح من أجل الحصول على عمل، واستمر في ذلك، مع ممارسة ما يمكنك ممارسته من العلوم والفنون والأعمال التي تعود بالنفع والفائدة عليك وعلى المجتمع



رضا العلوي

Jun 21, 2008

عندما يقرع التجدد بابك.. أفتح له



إن الجديد غير مألوف، قد يكون صديقاً أو عدواً، من يدري؟ ولا سبيل لمعرفة ذلك! والسبيل الوحيد للمعرفة هو بالموافقة على الجديد، وبالتالي الإدراك والخوف. إن التجدد لا ينبع من داخلك، بل من المحيط، وهو ليس جزءاً منك، إن ماضيك كله على المحك، ليس للجديد استمرارية معك، وبالتالي الخوف، فلقد عشت بطريقة معينة وكونت من معتقداتك حياة مريحة، بعدها يقرع بابك شيء جديد، ويهز كيان أسلوب ماضيك كله. وإذا سمحت للجديد بالدخول، فلن تكون الإنسان عينه مجدداً، فالجديد سوف يحولك ويغريك. هذا الأمر فيه مجازفة، فلا أحد يعرف إلى أين سينتهي به الأمر مع الجديد، فالقديم معروف ومألوف ومعلوم، ولقد عشت فيه مدة طويلة واعتدت عليه، أما الجديد فهو غير معلوم أو مألوف، وقد يكون صديقاً أو عدوا فمن يدري؟ ولا سبيل لمعرفة ذلك،إلا بالسماح له، وبالتالي للخوف في حياتك. ولا يسعك مواصلة الرفض أيضاً، لأن القديم لم يعطك بعد ما تبحث عنه وتسعى إليه. لقد كان القديم واعداً، لكنه لم يف بالوعود، والقديم مألوف ومعلوم ولكنه بائس، والجديد ربما كان غير مريح، لكن ثمة احتمالاً بأن يحمل لك السعادة، لذا، لا يسعك أن ترفضه ولا أن تقبل به، وبالتالي تتوتر وتقلق وتهز كيانك، وهذا أمر طبيعي، لا سوء فيه، ولطالما كان الوضع على هذا النحو وما سيكون عليه دوما


حاول أن تتفهم ظاهرة الجديد. إن الجميع يرغب في الجديد ولا أحد يرضى بالقديم؛ لأنه بات معلوماً ومألوفاً مهما كان، وكل ما هو معلوم ومألوف يصبح متكرراً، لأنه بات معلوماً ومألوفاً مهما كان، وكل ما هو معلوم ومألوف يصبح متكررًا ومملاً وروتينياً؛ لذا ترغب بالتخلص منه. أما أنت فتسعى للمغامرة والأستكشاف، وأنت تريد أن تصبح جديداً، ورغم ذلك، حين يقرع التجدد بابك تتراجع وتنسجب وتختبئ في القديم، وهنا تكمن المأساة. كيف نصبح متجددين؟ الجميع يسعى ليكون متجدداً، والمطلوب هو الشجاعة، وليس مجرد الشجاعة العادية، بل المطلوب شجاعة غير إعتيادية. والعالم مليء بالجبناء، وبالتالي فقد توقف نموهم، فكيف تكبر وأنت جبان؟ أنت تتراجع وتغمض عينيك مع كل فرصة جديدة، فكيف يسعك أن تكبر؟ كيف يسعك أن تكون موجوداً حقا وأنت تتظاهر بالوجود فقط؟ ويتوجب عليك أن تجد بدائل كبيرة، لأنك لا تستطيع أن تكبر، أنت لا تستطيع أن تكبر، لكن يمكن لحسابك المصرفي أن يكبر – وهذا بديل لا يتطلب شجاعة فهو متناسب مع جبنك، وتظن أن نفسك تكبر مع كبر حسابك المصرفي، فتصبح أكثر إحتراماً، يكبر إسمك وشهرتك وتظن أنك تكبر معها ؟ أنت تخدع نفسك ليس إلا، لأنك لست اسمك أو شهرتك، وكذلك حسابك المصرفي ليس كيانك، لكنك ترتجف حين تفكر بالوجود، إذ يتوجب عليك أن تسقط جنبك إذا أردت أن تكبر. لا يمكنك ابتداع الجديد فمهما فعلت سوف ينبع أنت القديم، ومن الما ي، لكن هذا لا يعني أن توقف أعمالك، بل يعني أن لا تتصرف إنطلاقا من الماضي أي أن تتصرف بتأمل وعفوية، ولتكن اللحظة الحالية هي الحاسمة. لا تفرض قراراتك لأنها مبنية على الماضي وسوف تدمر الجديد، تصرف إنطلاقا من اللحظة التي تعيشها تماماً كالأطفال، استسلم للحظة التي تعيشها تماماً كالأطفال، أستسلم للحظة التي تعيشها – وستجد كل يوم بداية جديدة ونورا ًورؤيا جديدة، وإن هذه الرؤيا الجديدة كفيلة بتغييرك، وفجأة، في أحد الأيام سترى أنك متجدد في كل لحظة، عندها لن يحيط بك القديم كالغمام، وستصبح مثل قطرة الندى النضرة واليانعة


أوشو

Jun 20, 2008

الإسهاب في الأفكار السلبية


إن الإسهاب المستمر والمنتظم في الأفكار السلبية يرهقك بدنياً وعقلياً. وفي بعض الأوقات يمكن أن يتركك منهكاً ومكتئباً، وفي حين أن التفكير الإستحواذي بالأفكار السلبية يمكن أن يكون عرضاً وممهداً للاكتئاب، هو أيضاً عرض لشيء مختلف تماماً. هناك "فوائد" متعددة مشتقة من هذا السلوك: - إنه يزودك بطريقة لتعود إلى نفسك، إذا كانت الأمور تسير بشكل جيد وبدأت تشعر بأنك غير جدير بذلك، فإن هذه الأفكار تفيد كطريقة لتعاقب نفسك. - إذا كنت غير مرتاح "بسعادتك"، فإن الأفكار السيئة تزودك بحزن كاف ليتكافأ مع السعادة إلى الدرجة التي تشعر فيها بأريحية أكثر. - إن نقص التوجيه والعاطفة يساهم، غالباً، في هذا السلوك، إذا لم يكن لديك شغف أو بؤرة اهتمام في حياتك، فليس لديك أي شيء ليستنفذ انتباهك، فأفكارك حرة في التجول، وما لم تقم بجهد واع لتفكر بشكل إيجابي، فإن أفكارك ستسهب في السلبية التي حولك. - قد يكون لديك حاجة ماسة لتهيء نفسك نفسياً لمفاجآت الحياة الصغيرة، فأنت لا تشعر أنك مجهز عاطفياً لتتعامل مع الأخبار السيئة، لذلك تهيء نفسك لتقلل من الصدمة، وبالإسهاب بالأفكار السلبية، تشعر أنك ستكون قادراً بشكل أفضل لتتعامل مع المواقف السلبية أكثر مما لو تكون بمزاج جيد وتستقبل أخباراً سيئة. بهذه الطريقة يكون التحوّل أقل – فأنت أصلاً في مزاج سيء على أي حال، وهكذا لا يمكن لأي شخص أو أي شيء أن يسلبك مزاجك الجيد بشكل غير متوقع، فأنت ميّال لتوقع الأسوء، لهذا السبب بذاته، لديك حاجة ماسة لتكون جاهزاً نفسياً لصدمات وهزات الحياة، وتوقع الأسوء يزيل أيضاً خيبة الأمل المحتملة. افسح مجالاً لعادة التفكير بإيجابية: نحن نعيش في مجتمع سلبي، ومحاطين بأخبار سيئة ابتداءً من صحيفة الصباح وحتى أحدث أخبار المساء. بشكل عام، ثقافتنا ليست مشحونة بجو إيجابي، وكل يوم نقوم بخيار ما لنملأ عقولنا إما بأفكار إيجابية أو بأفكار سلبية، وللهروب من مجرى الأفكار السلبية، فأنت تحتاج لأن تفسح مجالاً لعادة التفكير بإيجابية


إن الإسهاب في الأفكار السلبية هو سلوك مكتسب، وما تم اكتسابه يمكن أن يتخلص منه. إن التفكير السلبي يشبه القطار الذي تزداد سرعته وقوته كلما تحرك مسافة أبعد. أنت تحتاج لأن توقف تفكيرك في أعقابه. ومع الوقت، ستجد أن الأفكار غير المرغوب بها تذهب بسرعة وبسهولة كما أتت. إنها مجرد مسألة إعادة تدريب عقلك. ابدأ بابتكار رصاصات ذهنية يمكنك إطلاقها على الأفكار السلبية، وراجع في عقلك عدة أمور تستمتع بها بشكل حقيقي. وعند أي وقت تتسلل فيه الأفكار السلبية، أطلق فكرة إيجابية عليها. وتخيل الفكرة السلبية تنفجر كبطة من الصلصال، ومع الوقت، ستفكر بشكل طبيعي بأفكار مفرحة وإيجابية دون حتى التفكير بها. العب لعبة التحمل الذهني: إذا وعدت بأخذ مبلغ مليون دولار على كل دقيقة يمكنك أن تفكر فيها بطريقة إيجابية، باستمرار وبدون أن تتسلل أية فكرة سلبية، فكم من النقود تعتقد أنه يمكنك أن تكسب؟ إن الشيء الوحيد الذي نمتلك جميعنا السيطرة الكاملة والمطلقة عليه هو أفكارنا، لذا، إذا كنت قادراً على السيطرة على أفكارك، ولديك الحرية في التفكير بما تشاء، فلماذا لا تفكر بأفكار إيجابية ومفرحة طوال الوقت؟


د. ديفيد ليبرمان
ترجمة لميس فؤاد

Jun 18, 2008

أين موقعنا من الزمن؟



الميزان هنا هو مقدار ما نستفيد من الزمن، وما ننجز فيه. فإذا انخفض مستوى الاستفادة، أبطأ الزمن. وميزان الساعة مقياس جميل للزمن الموجود في داخل كل إنسان، لأن الزمن كان مع الإنسان منذ الخليقة حين لم تكن الساعة، ولكن الإنسان الأول وضع لنفسه مقاييس لمعرفة الزمن بطرق مختلفة. فالساعة بحد ذاتها يمكن أن تكون ميزاناً جيداً لقياس سرعة الزمن وبطئه، فهناك ساعات فيهاعقارب تشير إلى زمن الساعة دون الدقائق أو الثواني، والزمن في هذه الساعات يعتبر بطيئاً؛ لأنه لا يحدد لنا الدقائق، فإذا مرت نصف ساعة سنرى العقارب وهي تقطع نصف المسافة بين الرقمين ببطء شديد. وحينما نقيس الزمان بساعة لها عقارب تشير إلى الدقائق والثواني، أو تلك الساعة الإلكترونية التي يستخدمونها في مجال الفضاء، والتي تقسم الثانية الواحدة إلى أكثر من ألف جزء، حيث يكون للزمن "الجزء من الألف من الثانية"، فإن قيمته الحياتية بالنسبة إليهم تكون كبيرة جداً؛ لأن الجزء الضئيل من الزمن هو الذي يحدد قياس سرعة الزمن عند أمة وبطئه عند أخرى. وهناك ميزان آخر وهو مقدار الإنتاج ونوعيته وجودته، لذلك فإن البشرية تسعى دوماً لصنع أدق الأجهزة لقياس هذا الزمن والإنتاج فيه، وكلما تطور الإنتاج ازدادت الحاجة إلى مزيد من الوقت، بينما نرى في البلدان المختلفة أن هدر الوقت موازٍ لهدر الانتاج. وقد يعترض البعض على مفهوم السرعة وضرورتها للحياة.. والحال أنها جزء من الخليقة، فالله سبحانه وتعالى خلق أجهزة البدن بحيث تؤدي عملها في وقت محدد، وتستجيب لكل الحوافز بأقصى سرعة ممكنة، فدماغ الإنسان لا تضاهي سرعته الفائقة أي جهاز صنعه البشر لاستقبال المعلومات وتحليلها واتخاذ القرار بشأنها، فالدماغ يؤدي مليارات العمليات الحسابية في الثانية الواحدة. ومعنى هذا أن السرعة الحاكمة في داخل الإنسان هي أكبر بكثير مما يستفاد منها، والإنسان هو الذي يتباطأ في استخدام هذه السرعة أو يلغيها تماماً. أترى أن الذين يتقنون سرعة القراءة هل هم يصنعون معجزة في ذلك؟ بالطبع.. كلا، لأن "أفنسان" قادر على إتقان السرعة في القراءة، وإن لم يفعل ذلك فإنه يكون قد ضيع على نفسه الكثير من الوقت، فإذا كان بمقدورك قراءة مائة صفحة في الدقيقة الواحدة، ولكنك اكتفيت بصفحة واحدة في نفس المدة فأنت الخسران. وهنا ملاحظة هامة، وهي أنه مع التأكيد على أهمية السرعة، إلا أنه ليس كل شيء يستحق السرعة، كما ليس كل شيء يستحق التمهل. فالوقت الذي نصرفه على أي شيء يجب أن يتناسب مع قيمته، فمثلاً لا بد وأن نسرع في تهئية الطعام ولكن نتمهل في أكله، كما لا بد وأن نسرع في الدراسة ولكن نتمهل في الامتحان، ولا بد أن نسرع في الخير حتى نستمتع بنتائجه. ينبغي أن يكون التأني في موقعه مثلما ينبغي أن تكون السرعة في موقعها ايضاً، أما إذا خالفنا هذه المعادلة وسرنا بالاتجاه المعاكس فنكون ممن خسر مرتين، مرة حينما نعاني من متاعب السرعة في غير موقعها، ومرة حينما لا نتمهل في قطف ثمار نتائج أعمالنا


إن ظروف الحياة ليست على مستوى واحد، ففيها منحنيات كما هي في الأرض، وهضاب وجبال، وللمسير في تلك الطرق فنحن بحاجة إلى نوع مشابه للمسير، فلا يمكن مثلاً أن يركض الإنسان على الجبال، فبعض الأمور تحتاج إلى السرعة، وبعضها الآخر إلى التأني. فلا بد أن نعرف متى يجب أن نسرع الخطى، ومتى يجب أن نتريث. فلربما نخسر حياتنا لخطوة مستعجلة في غير محلها، أو نخسرها لأننا تثاقلنا في موقع العجلة. فلوأصيب إنسان بحادث وكان بحاجة إلى العلاج السريع فتأخر أصحابه في إيصاله إلى المستشفى، فإنهم سيساهمون في القضاء عليه. إن تناسب حركتك مع حركة الحياة يجب أن تتناسب مع استخدام السرعة أو البطىء بحسب الحاجة إليهما، وتلك هي الحكمة التي لا بد وأن تتمتع بها

Jun 17, 2008

اكتشف القوة الدافعة لتحقيق حلمك الكبير




عندما كان "والت ديزني" يخطط لإنشاء مركز "ايبكوت" واجهته صعوبات لتمويل المشروع لدرجة أن 300 بنك قاموا برفض المشروع إلى أن قبل أحد البنوك أن يمول هذا المشروع وأصبح مركز ايبكوت حقيقة واقعة بعد أن كان مجرد حلم، وذلك بسبب الالتزام القوي لوالت ديزني. وأيضاً نجد أن "توماس ايدسون" قد فشل أكثر من 10000 مرة قبل أن يصل لاختراع المصباح الكهربائي، وقد حاول الجميع أن يهبطوا من عزيمته، وقالوا له أنه فاشل كبير ومن الأفضل أن يصرف النظر عن هذا الموضوع، وكان رده دائماً أنه لم يفشل بل أنه اكتشف 9999 طريقة غير ناجحة لاختراع المصباح الكهربائي، وأنه لم ييأس، لأن كل خطة يقوم بإلغائها هي عبارة عن خطوة للأمام، وإنه بقوة الالتزام استطاع أن يحقق حلمه الذي يستفيد العالم كله منه في وقتنا هذا


من الممكن أن تكون درجة حماسك عالية جداً، وتكون طاقتك كبيرة، وتكون لديك المعلومات الوفيرة، ويكون هدفك محدد وواضح، ويكون حلمك به مستمراً ليلاً نهاراً، وتضع حلمك هذا موضع التنفيذ، وأيضا تتوقع الإيجابيات لتحقيق هذا الحلم، ولكن، إذا لم يكن عندك القدر الكافي من الالتزام لمواجهة العقبات والموانع فإنك ستفشل. فإن كثيراً من الوظائف يتم فقدانها، وكثيراً من الشركات تغلق أبوابها، وكثيراً من العلاقات الزوجية تُهدم، وذلك كله بسبب عدم وجود الالتزام. قال "راى كروك" الرئيس السابق لسلسلة مطاعم ماكدونالد "استمر دائما، لا يوجد في العالم شيئاً يمكنه أن يحل محل الإصرار، والموهبة وحدها لا تكفي، فهناك كم كبير من الفاشلين من ذوي المواهب، والذكاء وحده لا يكفي، فكثير من الأذكياء لم يجنوا من وراء ذكائهم، والتعليم وحده لا يكفي، فالعالم ملىء بالمتعلمين عديمي الجدوى، ولكن الإصرار والتصميم قادران على كل شيء". كل العظماء الناجحون كان عندهم أسباباً كثيرة للتراجع، وواجهوا عقبات كثيرة وهبوط في العزيمة وحتى حالات من الإفلاس ولكنهم لم يستسلموا ولم يتركوا أحلامهم وكانوا مقتنعون بأن تجربة واحدة لا تكفي فكرسوا حياتهم لأحلامهم. قال "ويليام شكسبير": "جاهد لآخر نفس في حياتك" فما هو الالتزام؟ الالتزام هو القوة التي تدفعنا لنستمر حتى بالرغم من الظروف الصعبة، وهو القوة الدافعة التي تقودنا لإنجاز أعمالاً عظيمة. الالتزام هو الدافع الذي يجعل كل الأمهات يصرون على تعليم أطفالهن المشي. وهو تعهد قوى لتغيير الأشياء العادية لتصبح اشياء ممتازة، وهو الشيء الذي يجعلك تسير مسافات طويلة حتى تحت هطول الأمطار، وهو الذي يخرج من داخلك جميع القدرات الكامنة ويجعلها تحت تصرفك، وبقوة الالتزام فإنك لن تتراجع، وكلما خضت تجربة ستتفتح لديك الفرص الأكثر والأكبر للنجاح. قال الدكتور "روبرت شولر" في كتابه قوة الأفكار "أبذل قصارى جهدك وابدأ ضغيراً ولكن فكر على مستوى كبير، عليك باجتياز العواقب، واستثمر كل ما عندك، وكن دائما ًمستعداً للتصرف، وتوقع العقبات، ولكن لا تسمح لها بمنعك من التقدم". هناك مثل قديم يقول "الناجحون لا يتراجعون والمتراجعون لا ينجحون" فإنك لن تفشل إلا إذا توقفت عن المحاولة، فمفتاح النجاح ببساطة هو "لاتيأس". والآن إليك هذا السؤال: كم من المرات كان لديك أحلاما وتخليت عنها بسبب الظروف؟ ألم يحن الوقت لتطلق سراح القوى الكامنة المحبوسة داخلك؟ ألم يحن الوقت أن تعيش أحلامك؟ الزم نفسك لتحقيق أحلامك، أعطيها كل ما تملك مهما قال من حولك من أصدقاء أو أقارب، وقم بتوجيه طاقتك لتحقيق أهدافك، وعلى الطريق للنجاح ستقابل الكثير من التحديات فعليك بمواجهتها جميعاً تجاهلها ولا تعطيها أي أعتبار وتغلب عليها واستمر وتذكر دائماً أن الإصرار يقضي على المقاومة


بتصرف
د.ابراهيم الفقي

Jun 16, 2008

سر القوة العقلية




يُعد الشك في كل الأفكار الجديدة ميزة وعند كل البشر ولكن عند التنفي الفعلي سرعان ما يحل الإيمان محل الشك وسوف يتبلور ذلك الأيمان فيما بعد ليصبح أيمانا مطلقاً. قال الكثير من الفلاسفة إن الإنسان هو سيد مصيره على الأرض، لكن معظمهم أخفقوا في تحديد لماذا الإنسان سيد مصيره، وأنا أقول أنه يمكن للإنسان أن يصبح سيد نفسه وسيد بيئته ومحيطه؛ لأنه يملك قوة التأثير في عقله الباطني. ويشمل التنفيذ الفعلي لتحويل الرغبة إلى مال إستعمال الإقتراحات الذاتية التلقائية كوسيلة يمكن للإنسان بواسطتها أن يصل إلى عقله الباطني ويؤثر فيه، وكل المبادئ الأخرى هي ببساطة أدوات لتطبيق الإقتراحات الذاتية التلقائية. لذلك حافظ على هذه الفكرة في ذهنك دائماً كي تدرك وتعي الدور المهم لمبدأ الإقتراحات الذاتية التلقائية في جهودك لجمع المال. وأخيراً.. إتبع هذا القول حرفياً وسوف يفتح لك الطريق نحو فهم كامل وإمتلاك لمبادئ النجاح.. كل عقبة، وكل فشل، وكل إحباط، يحمل معه بذور منفعة أقوى


فيليكس جاكبسون

Jun 15, 2008

هل نودع تنظيم الوقت؟





دع العمل القاسي واعمل بمهارة وذكاء
من حكم رجال الأعمال في أمريكا


لقد باتت مسألة تنظيم الوقت في الأعوام الأخيرة موضع جدل ومحط انتقادات متزايدة، وراجت في الأوساط الإعلامية عناوين من شاكلة: "التخلص من جنون السرعة" أو "وباء التسابق مع الزمن" أو "أرم بكراس تنظيم الوقت بعيداً". وقد أخذت بعض الشعارات الجديدة مثل "انزع فتيل السرعة" أو"ابحث عن زمنك الذاتي" أو "اعط الأمر حقه من الوقت لتحافظ على رونقه وجماله!" تفرض نفسها كشعارات مميزة للبيئة الزمنية المعاصرة. ينص ميثاق "جمعية تأخير الزمن" على تعهد أعضاء الجمعية بالإلتزام بامساك اللسان عن كثرة الكلام، وترويج الدعوة إلى التأمل والتفكير. كذلك فإن "جمعية الوجبة البطيئة" تعمل على محاربة ظاهرة الوجبات السريعة التي تفرغ الطعام من مضمونه، وهي تستقوي في حربها هذه بكل ما يتوفر لها من تنوع المذاق والنكهات الطبيعة في مختلف مدارس الطبخ المحلية والعالمية. وقد بات كتاب "اكتشاف البطء" للكاتب ستين نادولني واحداً من أعلام الكتب المميزة لبيئتنا الزمنية المعاصرة ": يكتشف بطل الرواية – وهو رجل يعاني من بطء خلقي في حركاته الإرادية – يوماً بعد يوم أن إيقاع السلحفاة الذي يلازمه منذ ولادته ليس بمشكلة معيقة بقدر ما هو ينبوع طاقة وإبداع لا حدود لمخزونه. هل يعني ذلك حقاً أن تنظيم الوقت قد أمسى اليوم أمراً رثاً عفا عليه الزمان؟ بالتأكيد لا



إن مجمل ما تقدم يعكس تحولاً ملحوظاً في النظرة المعاصرة لمسألة تنظيم الوقت، ولكن دون أن ينقص من أهمية تلك المسألة. إن إدارة الوقت مطلوبة اليوم – سواءً كواحدة من تقانات العمل أو كطريقة إلى النجاح أو كأسلوب في إدارة الحياة اليومية – أكثر من أي وقتٍ مضى. إلا أن الإدارة الجديدة للوقت ينبغي أن تستوعب جملة من المنطلقات والمضامين الجديدة التي تتجاوز في كثير من الأحوال حدود القاعدة التي تقوم عليها إدارة الوقت التقليدية. السرعة ليست كل شيء! تمثل إدارة الوقت نتاج آليتي تفكير مختلفتين ومتضاربتين تماماً: إدارة الوقت كآلية لإدارة السرعة، وإدارة الوقت كوسيلة للتعامل مع البيئة الزمنية المحيطة بغية تحقيق المزيد من التوازن في التعاطي مع الوقت


لوثر سايفرت
ترجمة: د. محمد اسكيف

Jun 14, 2008

كن في جميع الأحوال متفائلاً






من التفاؤل يُولد الأمل.. ومن الأمل يولد العمل.. ومن العمل يُولد النجاح. من يملك الأمل، يملك دائماً سفينة يمخر بها عباب البحر. التفاؤل بذرة الحياة الأولى. العاجز المتفائل خير من المقتدر المتشائم، فالتفاؤل قد يحوّل عجز الأول إلى اقتدار الثاني إلى عجز
عندما تنسجم الروح مع سنن الله عز وجل في الكون تتجاوب مع نعمه تعالى، فتكون متفائلة برحمته، مطمئنة بقدره، راضية بقضائه، فلا ترى في الحياة إلا كل ما هو خير وبركة. وعلى العكس، حينما تكون الروح في حالة تضاد مع تلك السنن، فإنها تكون في حالة خلاف مع مجرياتها، فتكون متشائمة، تندب حظها في هذه الحياة فلا تنتظر رحمة، ولا تطمئن إلى مصير؛ لأنها لا ترى إلا الظلمات.. وواضح أن كلاً من الحالتين تنتهي إلى النهاية المنسجمة معها: المتفاؤل إلى النجاح، والمتشائم إلى الفشل.. أليس ذلك ما يختاره كل واحد منهما لنفسه؟


إن التفاؤل وقود الروح، وهي حالة إيجابية تجعل صاحبها يرى الفرص المتاحة بدل أن يرى الفرص الضائعة، وينظر إلى ما يمتلكه، بدل أن ينظر إلى ما خسره. فالمتفائل يرى وسط الظلمة، نقطة نور، بينما يرى المتشائم نقطة من الظلام بالرغم من إحاطة النور بها. يقول أحدهم :"المتفائل إنسان يرى ضوءاً غير موجود، فيبحث عنه حتى يجده، أما المتشائم، فيرى الضوء ولا يصدق أنه رآه". وحينما تتاح الفرص أمام المتشائم، فإنه يرى الصعوبات المحيطة بها، بينما المتفائل، يرى في الصعوبات فرصاً متاحة لا بد من استغلالها. المتفائل حينما يفقد بعض ما يملك يقول: الحمد لله، عندي غيره، أما المتشائم فهو من غير أن يفقد شيئاً يخاف من فقدانه.. المتفائل يرى نعم الله تعالى التي منحها له، والمتشائم يرى النعم التي حصل عليها غيره.. فالمتشائم يرى صعوبة في كل مناسبة، بينما المتفائل يرى مناسبة في كل صعوبة. وهكذا فإن التفاؤل أمل.. والتشاؤم يأس.. والأمل حياة القلب، والتشاؤم موته. يقول الحديث الشريف: "الأمل رحمة، ولولا الامل، ما أرضعت والدة ولدها، ولا غرس غارس شجراً". وإذا أخضنا بعين الاعتبار أن حالتنا الذهنية هي رب عملنا الحقيقي، نعرف حينئذٍ كم يكون للتفاؤل القائم على الأمل من تأثير على مجمل حياتنا، خاصة فيما يرتبط بالنجاح من الأعمال. تُرى هل عرفت أو سمعت أن رجلاً نجح في أي مجال من مجالات الحياة وهو متشائم؟ أم هل رأيت متفائلاً واحداً عاش تعيساً في حياته؟



إن التفاؤل أقل ما يعطيه هو سكينة النفس التي ليس أقل قيمة من النجاح، بينما التشاؤم يسلب من صاحبه الراحة، والطمأنينة، حتى وإن كان من الناجحين. وهكذا فإن من التفاؤل يولد الأمل، ومن الأمل ينبعث العمل، ومن العمل تولد الحياة.. التفاؤل بذرة الحياة، وقد ثبت بالتجربة أن النظرة المتفائلة للأمور تحفّز العقل الباطن إلى الاحتفاظ بقوته، وتحفّز العقل الواعي على العمل. وقد قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) :"تفاءلوا بالخير تجدوه". فمن أراد الخير، فلا بد من أن يسلك الطريق إليه، وهو يمر عبر التفاؤل.. إن الإنسان ينسج أفكاره، فإذا كان متفائلاً أصبح ناجحاً، وإذا كان متشائماً فسوف يفشل، وحينئذٍ، فلا يجوز له أن يلوم إلا نفسه. يقول الامام علي (عليه السلام) :"تفاءل بالخير تنجح". فمن أهم الصفات التي يتمتع بها الناجحون.. أنهم متفائلون


هادي المدرسي

Jun 13, 2008

كيف تكسب ثقة عالية بالنفس؟



الثقة بالنفس مطلوبة، لأنه ليس من المفترض أن تنتظر تقدير الناس لك وأنت في الأساس لا تُكّن التقدير، وتقلل من شأن نفسك. وضعف الثقة بالنفس يؤدي إلى الشعور بالقلق، وعدم التكيّف الاجتماعي المطلوب. والثقة بالنفس تساعد على تحقيق هذا التكيّف في علاقتك بالوسط المحيط بك سواءً في الأسرة أو العمل أو الأصدقاء. وهناك صفات سلبية تعوق هذا التكيّف الاجتماعي، مثل: الميل إلى التقلب والجدل والغضب، والإصرار على التمسك بالرأي والسخرية في الحديث.. فهذه صفات لا تساعد على التكيّف الاجتماعي. وأفضل شخص يتكيّف اجتماعياً هو الشخص المتزن نفسياً الذي لا يجرح مشاعر الآخرين. ولا يختلف اثنان على ما للثقة بالنفس من أهمية في قدرة الإنسان على شق طريقة في الحياة وإحراز النجاح فيما تمتد إليه يداه من أعمال، ولا يجب الخلط بين الثقة والغرور. فالثقة بالنفس انبثاق داخلي من صلب شخصية الإنسان، أما الغرور فهو اصطناع خارجي.. قشرة خارجية يضيفها الشخص إلى شخصيته من دون أن يكون لها صلة بواقعه في الحياة أو واقعه النفسي الذي يستشعره في أعماق نفسه. والثقة بالنفس نمو تدريجي، أما الغرور فهو طفرة. الثقة بالنفس تستلزم أن يكون الشخص متواضعاً عارفاً قدر نفسه، والثقة تبشر الشخص بتقدمه المستمر في الحياة أن نجاحه يأتي بالمثابرة والجهد، فهو يرى أين يقف ويستطيع أن يرى ماضيه ويستكشف مستقبله. والواثق يفرح بنجاحه ويتطلع لمستقبله. والثقة بالنفس ليست عملاً ينبغي ممارسته، بل هي ثمرة يجنيها الشخص نتيجة بذور غرسها ورعاها. والثقة بالنفس تتطلب معرفة الشخص لنفسه، وإيمانه بالنفس، أو ما يطلق عليه تصورات بالذات بغير تحقير أو تعظيم، وتحتاج أيضاً إلى صحة نفسية سليمة لا يدخلها المرض النفسي،. ومعرفة النفس تستدعي أيضا معرفة الوسائل الكفيلة بترويضها والأخذ بيدها والتقدم بها حثيثا إلى الأمام


أهميّة الثقة بالنفس


فقدان الثقة بالنفس يدل على فقدان التكامل النفسي والاتزان، وهذا الاتزان النفسي إنما هو سلوك داخلي وخارجي ينتهجه الشخص المتكامل نفسياً، والشخصية المتكلفة يأتي سلوكها إيجابيا متكيفاً مع الواقع الاجتماعي . وترتبط النفس أيضا ًبالاتزان النفسي، ويقصد به، عدم التقلب بين حالات نفسية متعارضة. فالشخص المفتقر إلى الثقة بالنفس سرعان ما يتحول من حالة السرور إلى حالة الكدر، ومن حالة الارتياح إلى حالة الفقدان. والثقة بالنفس تحمي الشخص من تصرفاته العدوانية، والإنسان الواثق بنفسه قادر على اكتساب الخبرات الحياتية، وتعلم المهارات، فالذكاء وحده لا يكفي في هذه الحالة إذا لم يتواكب مع الثقة بالنفس. والشخص الذي يؤمن بقدرته على الأداء يستطيع أن ينجح، فإحساس الشخص بالقصور عن أداء العمل ينتهي به إلى التخاذل، ومن ثم فإنه لا يستطيع أن يبذل الجهد المطلوب لإنجاز العمل وحتى إذا هو بذل جهداً أكبر فإنه لا يكون جهداً مشوباً بالتصويب السديد، بل يأتي جهده مشتتاً. والابتكار في العمل بحاجة شديدة إلى الثقة بالنفس، ولكي يكون الشخص ناجحاً لا بد أن يتمتع بالاتزان الانفعالي، والعلاقة بين الاتزان الإنفعالي وبين الثقة بالنفس علاقة وثيقة للغاية. ولكن القول بأن الاتزان الانفعالي هو حالة من حالات الثقة بالنفس، فالشخص المتزن انفعالياً هو شخصية رزينة، هادئة التفكير، غير مندفعة ، فيما تصدره من أحكام، وغير متهورة فيما تقبل عليه من تصرفات. والشخصية المتزنة انفعالياً شخصية تحكم نفسها، وتمسك بمقاليد تصرفاتها، ولا تتورط في تصرف متهور. وثمة جانب أخر من جوانب الثقة بالنفس، هو التعاون مع الآخرين من الشخصيات الواثقة في نفسها، أما الشخصيات المهزوزة فتحجم عن التعاون خوفاً من أن تتهم بأنها ضعيفة، وبأن الآخرين يسيطرون عليها، ويمسكون بقيادها، ويحددون خطواتها. والثقة بالنفس تكسب الشخص وضوحاً في الرؤية في العمل، ذلك أن الإنسان إذا وثق في نفسه يستطيع أن يحس بأن العمل الذي يضطلع به ما هو إلا جزء من ذات نفسه، ومن ثم فإنه يعمد إلى رؤية نفسه من خلال رؤيته للعمل بوضوح، ويتبع هذا تجديد أسلوب العمل، وتقبل النقد الموجه له، بل ويتخذ من النقد الذاتي ونقد الآخرين له ذرائع تصحيحية وتطويرية. والشخص الواثق دائب التعلم واكتساب الخبرات الجديدة .وحب الناس لنا شيء عزيز لأنفسنا، فبغير حب الآخرين لنا، وبغير حبنا للآخرين، لا نستطيع الإحساس بكياننا الإنساني. ذلك أن اكتمال وجودنا الإنساني الاجتماعي لا يتأتى إلا إذا تبادلنا والناس من حولنا حباً بحب، وإذا كان حب الناس لنا مسألة غير مضمونة بحيث لا يمكن الاعتماد عليها، وإذا كنا في الوقت نفسه لا نستطيع أن نستغني عن حب الآخرين لنا وحبنا لهم فيجب أن نبحث عن موقف محدد من هذين الموقفين المتباينين. والثقة بالنفس تجعلنا معصومين من الواقع تحت طائلة عواطف الآخرين، وحب الواثق من نفسه للآخرين واستقباله حبهم له يقوم أساسا ًعلى احترام الشخصية الإنسانية، والمحب للناس لا يعرف الكراهية ولا يميل إلى التناقض، والثقة بالنفس ضرورية لمواجهة الصعاب والمشكلات، وأن يكيف نفسه وفق المتغيرات البيئية المحيطة به، وأن يعدل من سلوكه من غير أن يحس بخيبة أمل


مقوّمات الثقة بالنفس


جمال الطلعة، بهاء المنظر، جاذبية الشخصية، القدرة على الكلام واللباقة، واستخدام الألفاظ المناسبة، والاتزان الوجداني يوفر الثقة بالنفس. ويرتبط بهذا نظرة الشخص للواقع من حوله ولحاضرة ومستقبله وحياته، ومدى تفاؤله أو تشاؤمه.. والمتفائل يترقب الخير والنجاح والسعادة، وبالطبع الواثق من نفسه يميل إلى التفاؤل، والشخص المفتقد لثقته بنفسه يعمد إلى تعذيب نفسه بالتأنيب الذاتي؛ لأنه يحس بإفلاسه، وبأنه غير قادر على تعديل مسار حياته وفق النمط السلوكي السليم. ويحدّد الوضع الاجتماعي للشخص مدى ثقته بنفسه، ذلك أن الكيان الاجتماعي لأي شخص يحدد من ثم كيانه النفسي، وفكرته عن نفسه، والواقع أن الإنسان ليس فرداً قائماً بذاته منفصلاً عن المجتمع الذي نشأ في نطاقه، إنه خلية في جسد حي، والخلية لا تظل حيّة إلا في نطاق الجسم الذي تنخرط في نطاقه. والإنسان يرى المجتمع من خلال نفسه، وفي نفس الوقت يرى نفسه من خلال المجتمع، وعندما يعترف المجتمع بقيمة الفرد، فإنه يسهم في إحساس هذا الفرد بإنسانيته، ويمتليء ثقة بالنفس، ويستشعر في نفسه القوة والقدرة على مجابهة الحياة


معوّقات الثقة بالنفس


المعوقات الصحيّة، ويقصد بها صحة الإنسان، وحالته البد نية، وقدرته على بذل الطاقة. والمعوقات الوجدانية، فالحياة الوجدانية السليمة تعزز الثقة بالنفس، والاضطرابات الانفعالية تنتقض من ثقته بنفسه، بالإضافة للحاجات العقلية والثقافية. يحدث فقدان الثقة بالنفس في الحالات الآتية :° هبوط مستوى الذكاء.° العجز عن الحفظ والنسيان.° تفكك التفكير.° افتقاد المعرفة، فالشخصية المثقفة تمتلك مهارات التعامل مع الأخرين وكسب ثقتهم وصداقاتهم وتعاونهم

Jun 11, 2008

ما هي الفكرة الآلية السلبية؟؟



إنها فكرة غير إرادية عفوية وغير مصمم لها (كلمات، صور، ذكريات) تجتاز الذهن، تبدو معقولة رغم كونها لا تتطابق مع الوقائع ولا نشك بها (نضعها مجال التساؤل)، وهي تحول دون إمكانية حدوث التغيير. ثم إن الأفكار الآلية تضم، غالباً، نظرة سلبية إلى الذات (مثال:"لا أساوي شيئاً وأنا إنسان فاشل..")، إلى الآخرين والعالم (مثال:"العالم قاس جداً..")، والمستقبل (مثال:"لن أتقدم أبداً"،"سأفشل"..). هذا ما أشار إليه "بيك" تحت عنوان :"المثلث المعرفي السلبي"، وكما يقول إنغرام وهول، تُعد المعارف ذات الأساس السلبي العملية البؤرية في الاكتئاب، وتنعكس هذه العملية في المثلث المعرفي للاكتئاب، فالمصابون بالاكتئاب لديهم نمطياً رؤية سلبية لأنفسهم، ولبيئتهم، وللمستقبل، وهم يعتبرون أنفسهم بلا قيمة، غير ملائمين، غير محبوبين وعاجزين، كما يعتبرون أن جهودهم الخاصة لن تكفي لتغيير مسار حياتهم المرضي، وغالباً ما تؤدي هذه النظرة السلبية إلى المستقبل لأفكار انتحارية.. ومحاولات فعلية له


د.كريستين نصار

Jun 10, 2008

عش بفلسفة إجتماعية محددة



من حسن حظ الإنسان أنه كائن انتقائي، أي أنه ليس كائناً امتصاصياً يستوعب وينطبع بكل ما يصدقه أو يحيط به من مواقف واتجاهات وعادات وأخلاق وقيم، إنه يستوعب ويتأثر ببعض ما يحيط به، بينما ينبو عن البعض الاخر، وأكثر من هذا فإنه يسقط من مقوماته بعض العناصر التي سبق له أن انتقاها واكتسبها واستوعبها، بل إنه بعد أن يكتسب المقوّم الخبري، فإنه لا يبقيه على حاله، بل يًحاول ما وسعت قدرته على إحالته إحالة عضوية إلى نسيج كيانه، بحيث لا يظل على حاله، ولا يبقى على نفس الصيغة التي كان عليها قبل أو في أثناء اكتسابه. ومعنى هذا أن الإنسان لا يأخذ كل شيء يسقط عليه و يحيط به، كونه بعد الانتقاء يشكّل ويصوغ ما اكتسبه، بحيث يصير متلائما مع قوامه، وذلك بأن يحمله على التفاعل مع العناصر والمقومات السابقة من جهة، ومع الكيان الكلي له من جهة ثانية، ولا يخفى أن عملية التفاعل الخبري ذاتها هي عملية حذف وتنقية وإحداث تغييرات في الجبلة التي كانت عليها العناصر التي تقبلها ولم تقع تحت وطأة الحذف. بيد أن الناس ليسوا جميعا على نفس الدرجة من القدرة الانتقائية، فثمة أشخاص يميلون إلى التقبل الأعمى، بحيث تنحصر قدرتهم الإنتقائية في نطاق ضيق، كما أن من بين الأ
شخاص من لا يتمكنون من النهوض بالعملية التفاعلية الخيرية، فعقولهم كالمعدة التي لا تستطيع أن تهضم الطعام، فيظل كما هو إلى أن يطرده الجسم على حاله. ومن المؤكد أن أولئك الأشخاص الذين يفتقرون إلى القدرة الإنتقائية شذاذ بالقياس إلى طبيعة الإنسان. فالإنسان كما فُطر وبحسب منطق جبلته الحقيقية كائن انتقائي، وما يخضع له المرء من تربية هو الذي يمكن أن يحافظ على تلك الطبيعة الإنتقائية أو يمكن أن يفسدها. ونأسف إذ نقرر أن التربية – شأنها شأن جوانب الحضارة الكثيرة المتباينة – قد ضلت طريقها، فكما أن الحضارة قد ضلت طريقها وهي تفتن في إعداد الطعام الشهي إذ استبدلت بالطعام المفيد طعاماً ضاراً على الرغم من لذة طعمه، كذا فإن التربية قد أفسدت في الغالب النزعة الإنتقائية التي وُلد بها جميع الأطفال؛ لأنها من صميم الطبيعة الإنسانية، وأحلّت محلها بعد إفسادها نزعة أخرى، هي النزعة التقليدية الامتصاصية




لقد كان الخليق بالتربية أن تبدأ من حيث طبيعة الإنسان، ولكن بدلاً من ذلك، بدأت من حيث لا ينبغي أن تبدأ، بالتحفيظ وحمل الصغار – بل والكبار – على التقبيل والامتصاص غير المتبصر لما يحيط بهم ويفرض عليهم ويحتك بشخصياتهم. ولو أن التربية أرادت تصحيح مسارها، إذن لأخذت بخط جديد ومنهج جديد وتضرب في إثرهما هما خط الإنتقاء منذ نعومة الأظفار، وبذا، فإنها تهيء الناشئة لأن ينمون على فلسفة عقلية واجتماعية تقوم أساساً على الإنتقاء من بين العناصر والمقومات العقلية والاجتماعية العديدة التي تحيط بهم . ولعل الخطأ الشائع في القول بل الجاثم على أفئدة الكثير من الكبار يتمثل في الاعتقاد في أن ما يتعلق بالفكر والسلوك والعلاقات الاجتماعية إنما يخضع لما تخضع له الرياضيات أو قل الحساب من حيث القول بالصح والخطأ، فالمسألة الحسابية لا تحتمل إجابتين كلتاهما صحيحة، بل لا بد من إيراد إجابة واحدة، هي الإجابة الصحيحة، وعداها يكون خاطئاً، وعلى نفس النحو يعتقد معظم الناس أن هناك إجابة واحدة فكرية، وإجابة واحدة سلوكية، وإجابة واحدة اجتماعية يمكن أن تُوصف بالصحة، وماعداها من إجابات يكون خاطئاً. والواقع أن تطبيق الفكر الرياضي الحسابي على الفكر والسلوك والاجتماع قديم قدم "فيثاغورس" و"سقراط" و"افلاطون". والخليق بالإعتقاد هو أن الفكر والسلوك والاجتماع والسبل الإنسانية بصفة عامة لا تخضع لما تخضع له المسائل الحسابية، بل تخضع لمعيارين آخرين، هما، معيار الجمال من جهة، ومعيار المناسبة من جهة أخرى. ففي مسائل الفكر والسلوك والأخلاق يجب أن نبحث عن الجميل والمناسب لا عن الصحيح والخطأ، على أننا نميّز بين الفكر وبين العقل. فالعقل يخضع للحساب والمنطق، بينما لا يخضع الفكر للحساب والمنطق. فالفلسفات على تباينها فكر، ولكن نظريات العلم الوضعي عقل , ومن هنا فأننا لانقول ان الفلسفة المثالية خاطئة، و أن الفلسفة الوجودية صائبة كما نفعل بإزاء قضية كقضية دوران الأرض حول نفسها، فنحن لا نتناول تاريخ العلم –أي علم – بالدراسة بنفس الاتجاه الذي نتلبس به، ونحن بإزاء دراسة تاريخ الفلسفة في أي عصر من عصور التاريخ ، فنكن التقدير للفلسفات المتباينة، وتفيد من دراسة فلسفة واحدة مثل "طاليس" و"ديموقريطس". بينما لا نفعل ذلك بإزاء الآراء العلمية التي ثبت بطلانها، فما نأخذ به من العلم هو آخر ما انتهى إليه العلماء من آراء ونظريات ملقين وراء ظهورنا جميع الآراء والنظريات القديمة التي دحظت، فطالما أن الفكر والسلوك والعلاقات تتسم بالنسبية، فإن علينا إذن أن نمارس حقنا في الإتقاء، فلنا الحق في أن نقيم لنا فلسفة بأزاء الحياة والمجتمع والوجود من العديد من المتغيرات التي تقع في حوزتنا، وكذا لنا الحق في أن ننتقي من العناصر السلوكية ما يتناسب مع ما جُبلنا عليه من مزاج، بل وفي ضوء القيّم الاجتماعية التي يختص بها مجتمعنا ويعتز بها، ولنا الحق كذلك في أن نحيا وفق فلسفة اجتماعية ننشئها لأنفسنا إنشاءً من بين المقومات والعلاقات الاجتماعية العديدة التي نقع عليها من حولنا. فأذا كانت جبلتك إنطوائية – وقد سبق لنا أن بينا أن الإنطوائية والإنبساطية ليستا اتجاهين مكتسبين، وليست إحداهما أفضل من الأخرى – فعليك إذن أن تشكّل لنفسك فلسفة اجتماعية محددة تناسب ما جُبلت عليه من إنطوائية. وإذا كنت إنبساطيا، إذن حدّد لنفسك الفلسفة الاجتماعية التي تناسب ما خُلقت عليه من إنبساطية. على أننا نود في هذه العجالة أن نقدم إلى مجموعة من المبادئ التي يجب أن تتظمنها فلسفتك الاجتماعية مهما كانت ملامحها متباينة عن باقي الفلسفات الاجتماعية الاخرى التي يأخذ بها غيرك من أشخاص يقعون في نفس الإطار الاجتماعي الذي نحيا فيه. أولاً – يجب أن تكون فلسفتك الاجتماعية التي تحيا وفق ملامحها متسقة غير متضاربة بعضها ببعض. ثانياً - يجب أن تكون فلسفتك الاجتماعية مفيدة لك ولغيرك. ثالثاً – اجعل فلسفتك الاجتماعية بنّاءة بمعنى أن تكون فلسفة مشجعة على إقامة علاقات اجتماعية جديدة، وأن تكون أنت القطب المؤثر والمنشئ لتلك العلاقات الاجتماعية



ويحسن بنا أن نعرض لبعض الفلسفات الاجتماعية التي يمكن أن تنتقي لنفسك واحدة منها، أو أن تبتدع لنفسك فلسفة اجتماعية جديدة تماماً غير ما نسرده عليك هنا، أولاً – فلسفة الزعامة أو القيادة : فصاحب هذه الفلسفة يصر على أن يكون زعيماً أو قائداً لمجموعة من الأفراد، فهو يُنشئ جمعية أو نادياً، أو يلتحق بجمعية أو بنادٍ يسعى بمهاراته الاجتماعية نحو القبض على أعنة الجمعية أو النادي. وأصحاب هذه الفلسفة يمكن أن يصل بعضهم إلى مراتب القيادة السياسية العليا. ثانياً – الفلسفة الاقتصادية : وأصحاب هذه الفلسفة يركزون على الجوانب الاقتصادية في الحياة، إنهم يخططون لمشروعات اقتصادية واستثمارية، بحيث تزداد أرصدتهم المالية التي يعمدون إلى إعادة استثمارها. ومن أصحاب هذه الفلسفة يظهر الرأسماليون، وأصحاب الصناعات، وأرباب التجارة. ثالثا - فلسفة التأثير العقلي أو الوجداني: وأصحاب هذه الفلسفة يعمدون إلى اللسان أو القلم أو الريشة أو الإزميل سيؤثرون بها في الآخرين، وأصحاب هذه الفلسفة يظهر منهم الشعراء، والقاصون، والكتّاب، والموسيقيون، والمطربون، والممثلون، والمعلمون، والفلاسفة، والزعماء الدينيون، وغيرهم ممن يُؤثرون في عقول وقلوب الناس. رابعاً – فلسفة التكافل ورعاية المحتاجين : وهي فلسفة تقوم على رعاية وخدمة وسد حاجات المعوزين والفقراء، والجرحى، والأيتام، والأرامل، والشيوخ، والأسرى، والمنكوبين، وأصحاب العاهات، والأحداث، والسجناء، ونُزلاء المستشفيات النفسية والعقلية، وغيرهم من الأشخاص الذين يحتاجون إلى العطف والرعاية والمساندة. خامساً – الفلسفة الفردية الاجتماعية : وهي فلسفة مؤداها أني برعايتي لنفسي فإني قد أكون بذلك قد خدمت المجتمع أحسن خدمة، والفردية هنا قد لا تنصب على الفرد الواحد، بل على الأسرة باعتبارها فرداً في مجتمع به أُسر - أي أفراد عديدون - فاهتمام الزوج بزوجته وأولاده يُعتبر العمود الفقري لهذه الفلسفة الاجتماعية



يوسف ميخائيل أسعد

Jun 9, 2008

فلسفة الشخص السعيد



إن الشخص السعيد يتخذ لنفسه فلسفة يسير على نهجها في حياته ولا يحيد عنها، ولعل أن تلك الفلسفة تتلخص فيما يلي، أولاً : أن أتقبل الواقع كما هو، لا كما أريده أن يكون، والواقع أن الشخص السعيد يعتاد على الرضاء بالواقع، فالحياة لها قوانين خاصة بها عليّ أن احترمها، وأن أكيّف نفسي تبعا لتلك القوانين. ومن قوانين الحياة اشتمالها على الحلو والمر، فمن يحمّل الحياة أكثر مما تحتمل، ومن يريدها على أن تكون حلوة حلاوة مطلقة، إنما يكون قد إجتزأ بجانب واحد من جانبيها الأساسيين، ويكون قد سار وفق فلسفة خائبة لا تمت لواقع الحياة التي يتعامل معها والتي عليه أن يتوافق معها ويسير وفق قوانينها. ثانياً : أن أجتهد في الأستزادة من جوانب الحياة التي تشيع فيّ السعادة، فالاجتهاد في الحياة يؤدي بلا شك الى إحراز أكبر قدر ممكن مما يُداعب خيال المرء من طموحات ماديّة أو معنوية، ولكن يجب عليّ أن أبذر البذور بغير أن أؤكد لنفسي أني حاصل بلا أدنى شك على الثمار، فبينما أجد أن البذور في مكنتي، فان جني الثمار ليس من الأمور المؤكدة، فلقد تحدث ظروف متباينة تمنع تلك البذور من النمو، ومن ثم فإنها تحول بيني وبين جني الثمار. ثالثاً : أن أقوم بإستثمار مواهبي إلى أقصى درجة ممكنة، فأنا كائن حي، إنساني أولاً وقبل كل شئ، وهذا الكائن الحي قد أُفعم بمواهب مطمورة، أو بقدرات كثيرة، لم تبزغ بعد على سطح حياتي، وأحرى بي أن أعمل على تنمية نفسي بحيث يكون ذلك النماء هدفا في حد ذاته، فكلما كانت عنايتي بنفسي أحسن، و كنت حائزاً على نقطة إرتكاز أساسيّة تفوق في قيمتها أي شيء آخر يمكن أن أحوزه في الحياة، فأنا أريد أن أكون متفتحاً ومكتملاً ونامياً بمواهبي إلى أقصى درجة أستطيعها، بغير قيد يقيدني، حتى ولو كان ذلك القيد طموحي في الحياة، وما يمكن أن أحصل عليه من ثروة أو جاه أو سلطان، وبتعبيرآخر، فإني لا أريد أن يكون وقوفي للأهداف الخارجية عائق بيني وبين الحصول على ثمار قدراتي، أو إستعداداتي الشخصية. فكم من شخصية ظلّت مقوماتها الداخلية مطمورة بسبب تركيزها على جانب أو هدف واحد من جوانب أو اهداف الحياة؟! وكم من شخصية كانت تتمتع بمواهب فنية أو أدبية، ولكن مشاغلها في الحياة قد عملت على ضياع تلك المواهب وذبولها إلى الأبد. رابعاً : ألا تنسيني مشاغل الحياة تقدير ما في حوزتي من مزايا وما حصلت عليه من مكاسب، فثمة الكثير من الناس يندفعون في الحياة بغير توقف، وبغير أن يتريثوا قليلاً لتقدير وضعهم والتمتع بما في حوزتهم من مكتسبات ومنجزات ومواهب خرجت من حيّز الكمون إلى حيّز الواقع الحياتي. فيجب ألا أنشغل عن نفسي، فأواجه الحياة مندفعاً نحو تحقيق الأهداف بغير تقدير لما حظيت به في الحياة. إن الكثير من الناس ينهمكون في أعمالهم فيجعلون من أنفسهم مجرد آلات تتحرك، أو يصير الواحد منهم بمثابة ترس في آلة كبيرة معقدة هي الشركة أو المؤسسة أو العمل الذي يضطلع به. وبعض الناس يجعلون من شيءواحداً فقط هدفاً واحدًا ووحيداً في الحياة، فإذا ما ضمر ذلك الهدف، فإنهم يبتئسون أيمّا إبتئاس، وتضيع سعادتهم في الحياة. خامسا : أن أخصص بعض الوقت لأستمتع بالحياة، وأن انتهز الفرص والمناسبات للأستمتاع بالحياة، فالحياة ليست عملاً مستمراً، ولا هي إجهاد وارهاق للنفس على طول الخط ، إنها تعب وراحة، وكسب واستمتاع بالكسب، وعلاقات أجتماعية، وخلوة إلى النفس. فمن الخطأ الفادح ألا يتمتع المرء بما في حوزته، فيأتي يوم يندم على أنه لم يتمتع بما كان يمكن أن يكون مصدراً لمتعته وسعادته



توقف إذا قليلاً وتامل حياتك.. لسوف تجد أن لديك الكثير جداً يمكن أن تسعد به في حياتك، والواقع أن الإنسان يستطيع أن يتمتع أيضاً بما سوف يكون في حوزته في القريب العاجل، أو في البعيد الآجل. فأنت تستطيع أن تتوقع ما سوف تحصل عليه كنتائج متوقعة بحيث يكون الأمل بمثابة تمهيد للحوزة والإمتلاك، ولكن لا تجعل من توقعاتك قيوداً لسعادتك، ذلك أنك إذا ما ارتميت في أحلام اليقظة، فإنك قد تسهو عن واقعك الآن من جهة، و كما أنك قد تُصدم إذا لم تحقق توقعاتك من جهة أخرى، فاستبشر خيراً بما سوف يحمله لك المستقبل، ولكن لا تجعل آمالك المقبلة شرطاً وحيداً لسعادتك. وعلى أية حال اجعل لما في حوزتك الآن وهنا الأولوية على ما يمكن أن يكون في حوزتك بعدئذٍ وهناك، كن شخصاً واقعياً في حياتك، فلا تجعل من الخيلة محوراً ترتكز عليه حياتك، بل ميّز بين أمل ممكن ومتاح..وبين أمل صعب أو مستحيل وغير متاح، ولا تعلّق آمالك على المستحيلات؛ لأنه مستحيل، لا يمكن تحقيقه أو إحالته إلى واقع، وعلينا أن نعترف بأن الإمكانيات التي لم تستحل بعد إلى واقع خارجي، هي في نفس الوقت واقع داخلي، وبذا، فإنك تستطيع أن تعتبر الواقع الداخلي من صميم كيانك وفي حوزتك، فما تستشعره من مواهب وقدرات هي واقع نفسي طالما أن إحساسك به هو إحساس صادق، إذن تمتع بتلك الأشياء التي تحوزها بداخلك بوجودها، فنفس استمتاعك بوجودها يحفزك على إستثمارها وإخراجها من حيّز الكمون إلى.. حيّز الواقع في حياتك


يوسف ميخائيل أسعد

Jun 8, 2008

طريقة قبعات الحياة






هل حاولت مرة أن تحصي الأدوار المختلفة التي تمارسها في مواقف مختلفة من حياتك؟ حاول أن تتصور هذه الأدوار على شكل قبعات مختلفة تنزع واحدة عن رأسك وتضع الأخرى تبعاً لمتطلبات الموقف، هل أنت من المغرمين بتبديل القبعات؟ انك في عملك تضع على رأسك العديد من القبعات في الوقت نفسه، فقد تكون على سبيل المثال مديراً للمبيعات، ومسؤولاً إدارياً، وواحداً من المعنيين بالتخطيط لإستراتيجيات الشركة، ومحاضراً، وعضواً فاعلاً في بعض اللجان النقابية بآن معاً. كذلك الحال في حياتك الخاصة، حيث تضع على رأسك أيضاً العديد من القبعات في نفس الوقت، فأنت الزوج، الزوجة، الأب،الأم، والصديق والجار والمؤجر أو المستأجر والعضو في النادي الحي وربما كنت فوق هذا وذاك طباخاً هاوياً، أو مدرساً تعطي بعض الدروس المسائية الخاصة

يشعر السيد "غونتر غيرلاخ" أنه بالرغم من اعتنائه الفائق بمسألة تنظيم الوقت، والتزالمه الدقيق بجدول مواعيده الحافل دائماً، يعيش حالة صراع حقيقية مع أعباء الحياة التي تلاحقه بلا هوادة، وتفرض عليه حالة مستدامة من العجلة التي لا يُطيقها. إذا ألقينا نظرة إلى القبعات المختلفة التي يحملها السيد "غيرلاخ" على رأسه، فإننا نقع على الصورة التالية: يعمل السيد "غيرلاخ" كمدير مبيعات إقليمي لدى إحدى الشركات المنتجة لإطارات السيارات. يرتب عليه عمله هذا العديد من المسؤوليات الإدراية (يترأس السيد غيرلاخ خمسة من المدراء المحليين)، وهو في الوقت ذاته مديراً لمشروع استحقاق شهادة المواصفات العالمية (الآيزو)، كما أنه مكلّف بالإشراف على قضايا ضبط الجودة (عهدت إليه إدارة الشركة بهذه المهمة في أحد اجتماعاتها دون الاستماع إلى رأيه)، وهو إلى ذلك، عضو في لجنة فحص أهلية المدرسين التابعة لغرفة التجارة الصناعية المحلية (كان لا بد من أحد ما يتولى هذه المهمة!)، وعضو مجلس إدارة في النادي المحلي للتسويق (مهمة تتيح له الاستمرار في توسيع علاقاته). وفوق هذا وذاك، ينوي السيد "غيرلاخ" ترشيح نفسه في الانتخابات التي ستجريها الشركة قريباً لاختيار ممثليها الذين سيشاركون في المنافسة على مقاعد "اتحاد المدراء الموظفين". هل تشعر أن وضع السيد "غيرلاخ" ليس بغريب عنك؟ لا شك أن أمراً جوهرياً قد لفت نظرك: إن السبب الرئيس في مشاكل ضيق الوقت التي يعانيها الكثيرون منا والتي تضطرنا إلى الإنطلاق بسرعة جنونية عبر متاهات الحياة، إنما يكمن في أننا "نحاول أن نرقص في العديد من حفلات الزفاف في وقت واحد" ونأخذ على عاتقنا الكثير من المهام والأعمال دفعةً واحدة


لوثر سايفر
تترجمة: د. محمد اسكيف

Jun 7, 2008

الخوف.. الزائر غير المرحب به



هنالك من يعيش معك ليل ونهار.. فهو ينام ويستيقظ معك، ويرافقك إلى عملك، كما يتناول الطعام معك ويسافر معك. ومن الممكن أن يكون جالساً إلى جانبك الآن وأنت في خضم القراءة لهذا الموضوع. انظر والتفت حولك فلربما تجده في مكان ما. وحين تنسى نفسك خلال إحدى الأُمسيات في متنزهٍ ما، أو داخل مسبح لبعض الوقت، تتمكن من نسيان أمره موقتاً، بيد أنك تجده إلى جانبك على حين غرّة حين تلتفت حولك. هل يمكنك أن تطلق اسماً على من يرافقك باستمرار طوال النهار؟ إنه "الخوف" بذاته. منحته الكثير من السلطة، وها قد أصبح الآن سيدك الذي يستمتع ببسط كامل سيطرته عليك. كيف نواجه الخوف؟ وعلى الرغم من كرهك له ورغبتك في التخلص منه، إلا أنك أصبحت كاللعبة بين يديه، وتتعامل معه تماماً كما يتعامل المرؤوس مع رئيسه

يُعد الخوف من ألدّ الأعداء، يسلبك كل فرحك وسعادتك وسلامتك. فهو يتآكلنا تدريجياً ويكاد يحولنا إلى عبيد له. القلق والخوف اللذان يساوراننا حيال المستقبل يمنعاننا من اختبار السعادة والفرح المتواجدين هنا في الوقت الحالي.علينا التغلب على خوفنا في حال أردنا التمتع بحياتنا إلى أقصى الحدود. فمدى فهمنا لمخاوفنا وقدرتنا على التغلب عليها هما ما يمكّننا من النجاح في البحث عن الرضى في حياتنا. إذاً ما هو الخوف؟ الخوف حقيقة توقع خسارة ما أو أذية الـ"أنا" عندنا. يمكن لهذه الخسارة أو الأذية أن تكون جسدية، ولكنها غالباً ما تكون نفسية. ويمكن للخوف أن يرتبط بالشخص نفسه، أو بالأشخاص الآخرين، أو حتى بالأشياء التي تربطه بها علاقة عاطفية. الأشخاص هم العائلة والاصدقاء، أما الأشياء فهي المنزل أو السيارة أو العمل أو المركز أو الاسم والشهرة وغيرها... إذاً فالمخاوف مرتبطة بالشكوك المدركة المتعلقة بالخوف والألم

Jun 6, 2008

معوِّقات التفكير السليم



في إطار المقاصد الكليّة للشرع، يمكننا ملاحظة جملة معوّقات دعا النص القرآني إلى تجاوزها، وحذّر من الوقوع في شباكها، لأثرها السلبي في عملية التفكير. وسيتبيّن من متابعة الآيات القرآنية، كيف يمكن إدراج القصص القرآني والنصوص الوعظية وغيرها في إطار تشريعي واحد، ما يؤكد ما سبق وألفتنا إليه، من أن القرآن الكريم كله تشريع، لأنه يدخل في عمومه في مهمة بناء الإنسان


أ . العصبية: تشكل العصبية أحد المعوِّقات الرئيسية التي ألفت إليها القرآن الكريم في إطار تسجيله لموقف إبليس الذي أمره الله تعالى بالسجود لآدم، وعصيانه للأمر بداعي تفضيل أصله على أصل الإنسان، ممثلاً بـآدم؛ {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} البقرة/34، وكانت دواعي رفض إبليس تنحصر في كونه خُلق من نار، بينما خُلق الإنسان من طين {قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} ص/76؛ {قال أأسجد لمن خلقت طيناً} الإسراء/61. ولذلك اعتبره الإمام علي(عليه السلام) أول من تعصَّب من المخلوقات. والعصبية، التي اشتقت من عصب، تحمل صاحبها على تبني جملة معايير وقيّم خاصة تفضي به إلى التعامي عن الحقائق والنظر إلى الأمور من زوايا محددة، بدلاً من تشريع الأبواب كلها للحقيقة، فتنتظم في ضوء تلك المعايير سلسلة من الأحكام والمواقف والرؤى والتصورات ليس لها ما يسوّغها إلاّ كونها نابعة من الشعور بالانتماء لعصب محدَّد. ولا تقف أشكال العصبية عند حدود العصب الذي تعبر عنه، في يومنا هذا، الانتماءات العرقية والقبلية والعائلية، وإنما أيضاً مختلف الانتماءات الطائفية والمذهبية والدينية والحزبية. وكم هي معبّرة تلك الآية التي تصوِّر حال السكينة والطمأنينة والرضى والتسليم التي يشعر بها المتحزّب لفكرة أو انتماء {كل حزب بما لديهم فرحون} الروم/32


ب . التقاليد والموروثات: تحولت الأعراف والتقاليد والمفاهيم المتسالم عليها، وما تتناقله الأجيال من قيّم وعادات وأفكار وأنماط ثقافية، دون التبصّر بكلِّ جديد أو مستجدّ، وكثيراً ما يحصل الصدّ والإعراض رأساً ودون نقاش لمجرد معرفة الملتزمين بالتقاليد أن ثمة شيئاً جديداً يعمل على زحزحة الراكد. فالمرء مسكون بمشاعر الإنبساط والرضى والتسليم بما هو قائم ومتداول، وقد يشعر بالضيق والإنكسار إذا ما تعرَّض النسيج المفاهيمي والقيمي للاختراق، وغالباً ما يندفع، بصورة تلقائية، لمقاومته، لمساسه بالسكونية، التي ألفها ودرج عليها. ولهذا يواجه الإصلاحيون، والمفكرون النقديون، موقفاً معترضاً من الجمهور العريض، قد يحملهم، في معظم الأحيان، على الإنكفاء والإقلاع عن دعوتهم المغيرة، إذا لم يحسن القراءة والفهم أو لم يتمتع بطاقة هائلة على التحمل والاستيعاب والتجاوز. وكثيراً ما يذهب هؤلاء ضحايا الأفكار والمشاريع الإصلاحية، والتاريخ مليء بالشواهد، والقرآن الكريم ينقل لنا من الأمثلة والنماذج التي ضحَّت بنفسها لقاء تأدية رسالتها. والمؤكد وفق العرض القرآني، أنّ الأنبياء كلهم كانوا ممن تعرضوا لحالي الإعراض والصدّ، وآخرهم نبيّنا محمد (صلى الله عليه وسلم). والمنطق الذي واجههم كان واحداً: {إنّا وجدنا آباءنا على أمة وإنّا على آثارهم مقتدون} الزخرف/23. والتاريخ يختزن الكثير من الوقائع التي رفض فيها الناس أفكار مصلحين وعلماء في مجالات مختلفة، كما هو حال "غاليلو" و"كوبرنيكس". ولا يُستثنى عصرنا الحالي، الذي يمتاز بفسحة لا بأس بها من الحريّة، من حالات الملاحقة والقتل والتشريد والمحاكمة، وسنترك للقارئ ولذاكرته أن تستدعي ما تشاء من صور ونماذج واكبها وعايشها عن قرب


ج . الاستبداد بالرأي: ينكر القرآن الكريم على المرء إدعاء الحقيقة ومحاولة فرضها على الآخرين، لأن في ذلك تعطيلاً لأهمِّ الإمكانات في الإنسان، وهي إمكانية التفكير والكشف والاكتشاف، التي تُعدُّ شرطاً لازماً للاستخلاف، وبالتالي العمران. ولا شك أن الحرية، بتعبيراتها المختلفة، مساوقة للوجود، بل يمكن القول إن الإنسان كائن حر، وإذا افتقد الإنسان شعوره بأنه قادر على فعل ما يريد، فإنه يفتقد إحساسه بالحياة. فالإنسان الذي هذا شأنه، كيف يستشعر وجوده إذا منع من أن يفكر وينكر ويعترض وينقد؟ أو سمح له بكل ذلك لكن منع من ترجمة اقتناعاته أو مجرد التعبير عنها؟ وقد أنكر القرآن الكريم على فرعون، الذي يمثل في الكتاب العزيز نموذج التسلط والاستكبار، محاولته تعميم آرائه وأفكاره ومفاهيمه وممارسة الرقابة على مصادر المعلومات، فضلاً عن التحكم بزوايا النظر ومنطلقات التفكير. وقد نقل النص القرآني كلام فرعون الذي يُخاطب به رعيته، والذي يمارس فيه أعتى صنوف الاستبداد {ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد}غافر/29. يصطفُّ إلى جانب هذا المعنى من الاستبداد، شكل آخر لا يقلُّ خطورة عن الأول، وهو الأنوية، أي أن يخالط الإنسان وهم الفرادة والامتلاء العلمي، فيصم أذنه عن أفكار وآراء الآخرين، فيلجأ إلى رفض الحوار أو القراءة واستعداء كل ما ينجزه الناس الآخرون. وهذه الظاهرة، كما يمكن العثور على نماذجها في الأفراد، يمكن أيضاً أن تبتلى بها الأمة جمعاء، فتوصد الأبواب في وجه الأفكار والآراء والمنجزات البشرية الأخرى، الأمر الذي يرتدُّ جموداً وتكلساً في المفاهيم، فيما القاعدة القرآنية {لتعارفوا} تقتضي خلاف ذلك، {وقالوا قلوبنا في أكنّة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر} فصلت/5، وفي نص آخر {ولّى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً} لقمان/7. وحال الصدود والإعراض التي تنتاب الإنسان في حياته لها مناشئ عديدة، يأتي في مقدمها شعوره بامتلاك الحقيقة، وأن الآخرين محرومون منها، ومحاولتهم مجادلته أو محاورته تستهدف، وفق توهماته، الانتقاص من تلك الحقيقة وتشويش مبتنياتها ومرتكزاتها، وهو ما استنكره الله تعالى في كتابه عندما أورده في صيغة استفهام إنكاري:{ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يُظلمون فتيلاً} النساء/49.إذاً، الاستبداد بكلا وجهيه، أي الاستبداد السياسي والفكري المفروض من الخارج، أو الاستبداد النابع من الداخل، هو أمر مستكره ومنكر، لأن مآلهما في النتيجة واحد، وهو تعطيل الإبداع وطروء الجمود على الفكر، وفي ذلك حرف لمقصد الاستخلاف، وتالياً لمقصدي الأمانة والمسؤولية عن جادة التحقق، فضلاً عن هدر الطاقات المذخورة والكامنة لدى الإنسان


د . الاستضعاف: لا يقف الاستضعاف عند حدود القهرين الجسدي والنفسي، وإنما يتعداهما إلى القهر الفكري، وإذا كان في بعض مؤدياته يلتقي مع الاستبداد، إلاّ أنه أشد قسوة. في هذا المقام، يرسم النص القرآني موقفاً مميزاً يحثُّ فيه من تعرَّض للاستضعاف للتعبير عن رفضه للواقع، وإن استدعى الأمر الهجرة، وذلك لفتح آفاق جديدة أمام الناس المسلوبي الإرادة، ليستأنفوا حياتهم من جديد، بحيث يتمكنون من تجسيد فعل الاستخلاف {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً} النساء/97. فالاستكانة، وفق منطوق هذه الآية، مرفوض، طالما أنّ ثمة العديد من الخيارات أمام الإنسان، فإذا استسلم للواقع وأفنى حياته، التي هو مؤتمن عليها، هكذا، ومن دون أي ثمرة، فسيحاسب في الآخرة حساب المتجاوز للتكاليف، وسيلاقي حساباً عسيراً، والآية بإطلاقها تتضمّن مختلف أشكال الاستضعاف، ومنها الناحية الفكرية. فالحقيقة، كما الإبداع، لا علاقة لهما بالسلطة، وإنما تربطهما قرابة أصيلة بالحرية


لقد حث القرآن الكريم على تجاوز معوّقات التفكير السليم، الذي هو شرط تحقق المقاصد العليا للدين، ودعا إلى التحرر في تعامله مع الأفكار والقضايا المطروحة أمامه، وقد عرض حتى التوحيد نفسه بشكل لا يخرج فيه عن دائرة المفكر به، فالله تعالى لم يأمر عباده في كتابه العزيز ولا في آية واحدة، أن يؤمنوا به أو بشيء مما هو من عنده أو يسلكوا سبيلاً هكذا وخبط عشواء. فالنص القرآني علّل الشرائع والأحكام التي جعلها للإنسان مما لا سبيل للعقل إلى تفاصيل ملاكاته بأمور تجري مجرى الاحتجاجات، كقوله تعالى:{إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} العنكبوت/45، وقوله: {كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} البقرة،183، وقوله: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطّهركم وليتمَّ نعمته عليكم لعلكم تشكرون} المائدة/6. إلى غير ذلك من الآيات


بعد هذا التعداد، يتّضح حجم المسؤولية ومستواها التي يحمل أعباءها الإنسان في الحياة الدنيا، وكم هي خطيرة تلك المهمة التي يتحمل تبعاتها هذا المخلوق الاستثنائي، وهذا كله يحوِّل حياة الفرد والجماعة إلى ورشة عمل مستمرة لا تتوقف إلاّ عند توقف القلب عن النبض {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه} الانشقاق/6. وقد لخص "عبد الرازق الدّواي" هذا الدور الخطير الذي يضطلع به الإنسان ويبعده عن اللغو والعبث، اللذين لا ينفكان يشدانه إلى اللهو واللعب والتسطيح. يقول الدّواي: "إننا أمام موقف يتصور الإنسان ككائن طبيعي وتاريخي، لا يتوقف عن القيام بمحاولات لفهم محيطه وعالمه وذاته في أفق التأثير عليهما حسب الإمكان، يستفيد من تراكم تجاربه، ويوسّع أشكال إدراكه وتعلقه، ويضع باستمرار مشاريع للمستقبل، قد تتحقق وقد تفشل، وهو يستفيد في كلتا الحالتين، وكل ذلك، داخل تاريخ زماني، يؤمن بأنه يُساهم نسبياً في تحديد توجهاته، انطلاقاً من وضعية التناهي ذاتها، التي تشرطه


د. حسن جابر

Jun 3, 2008

السعادة رحـلة.. وليست محطـة



ليست السعادة محطة، بحيث إذا وصلت أنت إليها ستكون فيها سعيداً إلى الأبد.. بل السعادة، رحلة، وهذا يعني أنه ليس هنالك وقت محدد، أو عمر محدد، أو مكان محدد، أو حتى سبب محدد للسعادة.. فلا تنتظرها في أهداف محددة، بل أرحل معها من مكان لمكان، ومن زمان لآخر، فأنت يمكن أن تكون سعيداً في كل الأوقات، وفي كل الحالات، وفي كل الأماكن. إن كل شيء مهما كان (صغيراً) إذا منحك الشعور بالسعادة فهو سبب (كبير) لها، كذلك الأمر بالنسبة إلى المكان، فلرُب غرفة صغيرة في بيت ريفي، يمنحك من السعادة أكثر مما يمنحك إياها قصر منيف على ضفاف البحر.. تعلّم من الأطفال، فهم يسعدون بأمور صغيرة نعتبرها نحن الكبار (تافهة)، ولكنهم يعتبرونها كبيرة بمقدار ما تمنحهم من الشعور بالسعادة. ترحل مع السعادة، فكما يقول أحد الحكماء:"إن الطريق هو دائماً خير من المنزل"، وهكذا الحركة خارج البيت خير من الجلوس فيه


لقد قال لي مسؤول كبير في احدى الدول:"لقد اكتشفت بعد وصولي إلى السلطة، أن البقاء في مرحلة (المقدمات) كان خيراً لي من الوصول إلى (النتائج). إنك في مرحلة (المقدمات) تعيش الشوق، والرغبة، وتتطلع إلى البعيد، وهكذا ترحل مع السعادة. أما في مرحلة (النتائج)، فأنت تفقد كل ذلك لأنك تصل إلى المحطة، فالشوق يتبدد، والرغبة تنتهي، والتطلع يخبو. لقد كنا في أيام الطفولة لا نمل السعي والحركة لتحقيق أهدافنا، وكنا نعتقد أننا إذا وصلنا إلى غاياتنا فسوف نجد كل الارتياح، ولكننا كنا نُصاب ببعض الخيبة بعد ذلك، فكنا فوراً نبحث عن أهداف أخرى، ونبحث عن تحقيقها، ونعود من جديد إلى الحركة والنشاط. كنا نفقز من هدف إلى آخر، والسعادة التي كنا نشعر بها كانت في الرحلة للوصول إلى الأهداف، وليس في بلوغها، فكان كل هدف نصل إليه يشبه منزلاً صغيراً نرتاح فيه بشكل مؤقت لكي نواصل الرحلة منه إلى غيره. فالمرء يجد كل المتعة أثناء الرحلة، لأنها تمثل الإبداع والحركة، والشوق.. وفرح الرسام باللوحات التي يرسمها ينتهي مع انتهاء الرسم، كذلك الأمر بالنسبة إلى المؤلف، والمخترع، والعالم


لقد كان أحد العلماء المسلمين كلما سهر الليل لحل مسألة من المسائل يصرخ في نهايته:"أين الملوك وأبناء الملوك من هذه اللذة". إن السعادة – حسب تعبير أحدهم – مثل (الكرة) نجري خلفها حين تتدحرج، ونركلها بأقدامنا حيما تقف، فلا تكتمل السعادة لإنسان إلا إذا توافر تله ثلاثة أشياء: شيء يعمله، وشيء يحبه، وشيء يطمح اليه.. ومع فقدانه لأي واحد منها يفقد السعادة. إن السعادة تكمن فيما تبحث عنه، وليس فيما تحصل عليه، فهي تلك اللذة التي تريد الحصول عليها، أما التي نلتها، فقد انتهى أمرها. فالسعادة هي من الشوق نحو تحقيق ما تصبو إليه النفس أكثر مماهي في الحصول عليه

Jun 2, 2008

ماهية التفكير الإبداعي






بات التفكير الإبداعي من أهم القضايا التي لم تحظ فقط باهتمام متزايد من قبل العلماء والباحثين، بل حظيت بإهتمام متزايد من قبل المؤسسات التعليمية والإنتاجية والخدمية والتجارية، بل أضحى الإبداع من الموضوعات الساخنة التي يتحدث عنها حتى عامة الناس!! ويرجع مثل هذا الاهتمام الى أن التفكير الإبداعي يُعد – بعد توفيق الله تعالى قناة أكيدة إلى جزر الاكتشافات الجديدة، ومعبراً مضيئاً إلى النجاح والتفوق، ومنفذاً قاصداً لتحقيق أهدافنا بكفاءة وسرعة، ومنهجاً فريداً للتغلب على مشاكلنا وأزماتنا، وسبيلاً ذكياً إلى التجديد الذي يزهق روح الملل ويريق دم السآمة. ولقد تناول العلماء والباحثون التفكير الإبداعي بالبحث والدراسة منذ سنوات طويلة، إلا أن الاتجاه العلمي في دراسته لم يظهر اهتماماً بالغاً بدراسة القدرات الإبداعية، وارتاد هذا الميدان نخبة من المتخصصين في الجامعات ومراكز البحوث العلمية في مختلف أنحاء العالم. ويجدر بنا أن نشير في هذا السياق إلى أن القناعة متوافرة عند العلماء بأن كل إنسان عاقل يستطيع أن يكون مبدعاً، ويمكن القول أن ثمة ثلاث خطوات توصلك إلى الإبداع هي – بعد الاستعانة بالله تعالى: الثقة بالنفس وحسن التعامل معها، والتعايش الصادق، والاستغراق الهادىء فيما تفكر به. نزع الأقفال الذهنية وجعل التفكير مفتوحاً (منطلقاً). إدراك آلية التفكير الإبداعي وخطواته والتعامل معها بمرونة. وحتى نكون مبدعين، فإنه يلزم توافر ثلاثة شروط هي: 1- أن يمر تفكيرنا بمراحل معينة (مراحل التفكير الإبداعي). 2- أن نتصف ببعض الخصائص العقلية وغير العقلية (خصائص المبدع). 3- أن ننتج إنتاجاً جديداً مفيداً (ناتج العملية الإبداعية). إذاً يجب علينا أن نتعرف على الجوانب السابقة بشيء من التفصيل عبر السطور التالية: التفكير الإبداعي يمكن تعريفه بأنه: عملية ذهنية مصحوبة بتوتر وانفعال صادق ينظّم بها العقل خبرات الإنسان ومعلوماته بطريقة خلاّقة تمكنّه من الوصول إلى جديد مفيد

عبد الله عبد الرحمن

Jun 1, 2008

لنكيّف علاقة الأُسرة بالآخرين



الاُسرة في وضعها الاجتماعي جزء من المجتمع .. والمجتمع بطبيعته مجموعة من الاُسر والأفراد.. والعلاقات الاجتماعية قضيّة أساسيّة في حياة الاُسرة. فلا بدّ من أن تكون للاُسرة علاقات مع بقيّة الاُسر.. لا سيّما الأقرباء والأرحام والجيران. فالاُسرة الناجحة، والصحيّة في سلوكها الاجتماعي، هي الاُسرة التي تكون لها علاقات صداقة، وتعارف مع اُسر اُخرى.. فللعمّ والخال، والعمّة والخالة، والاُخت المتزوِّجة والأخ المتزوِّج ... إلخ ، اُسر. ويجب أن تكون لاُسرتنا علاقة ودِّيّة، وروابط وثيقة مع تلك الاُسر. إنّ التزاور، والمشاركة في المناسـبات السارّة كالأعياد، وليالي رمضان، والزّواج، والنجاح المدرسي، أو الأحزان، أو عند حدوث المشاكل، أو في حالات المرض، هي واجب أخلاقي، وموقف يُعبِّر عن الطّبيعة السّليمة للاُسرة، وعمل يحبّه الله سبحانه، ويؤجر عليه.. فصلة الرّحم من أهم الأعمال التي ندب إليها القرآن، واعتبر التشريع الإسلامي قطيعة الرّحم من الذنوب الكبائر. وأنّ صلة الرّحم من أفضل الأعمال، وإن كان ذلك الرّحم أو القريب قاطعاً.. وصلة الرّحم تدفع البلاء، وتوسِّع الرِّزق، وتجلب المحبّة والتعاون، وتشعرهم بردّ الجميل، والوقوف إلى جنب الاُسرة عندما تقع لديها المشاكل الحياتية، كما تدعوهم إلى مشاركتها في أفراحها وأحزانها.. وتلك هي الحياة الاجتماعية.. محبّة وتعاون، ومشاركة وجدانيّة وفعليّة في السّرّاء والضّرّاء

إنّ الاُسرة التي تعيش منكفئة على نفسها، منعزلة عن الآخرين، هي اُسرة فاشلة اجتماعيّاً، سواءً كانت تلك العزلة بسبب الغرور المالي أو الاجتماعي، والتعالي على الآخرين، أو بسبب الطّبيعة الإنطوائية والإنعزالية.. وكلّ تلك صفات سـيِّئة تسيء إلى سمعة الاُسرة، وتُربِّي أفراداً فاشلين اجتماعيّاً، يفقدون احترام الآخرين وتعاونهم.. وليس في المجتمع الإنساني مَن يستغني عن الآخرين.. وعندما تحدث مشاكل مع بعض الاُسر، كاُسرة الاُخت أو الأخ أو الأعمام أو الأخوال ... إلخ، فلا يصحّ أن تُواجَه بالقطيعة والعداوة والتراشق بالكلام المؤجِّج للخلاف، بل يجب العمل على حلِّها والمصالحة بين الاُسرتين، عن طريق توسّط الأصدقاء، أو بعض أفراد الاُسرة المقبولين لدى الطّرفين.. وممّا يزيل الأزمة الزِّيارة والتسامح ونسيان أسباب المشكلة، والدعوة إلى وليمة طعام، أو سفرة عائلية مُشتركة، أو إرسال الرّسائل وبطاقات المعايدة والاتصال التلفوني إذا كانت بين الاُسرتين مسافة بعيدة.. وإذاً فلنفهم الحياة الاجتماعية أنّها تعارف ومحبّة وتعاون.. صوّر القرآن ذلك بقوله: (يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكَر واُنْثى وَجَعَلْناكُم شُعُوباً وقَبائِلَ لِتَعارَفوا إنَّ أكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أتْقاكُم ). الحجرات / 13 (وتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ والتّقْوَى ولا تَعاوَنوا على الإثْمِ والعُدْوان).المائدة / 2 .(واُولُوا الأرْحامِ بَعضُهُم أَوْلى بِبَعْض في كِتابِ اللهِ). الأنفال / 75 . ويوضِّح الرّسول الكريم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أنّ رسالة الدِّين هي الحبّ الصّادق الطّهور، قال صلى الله عليه وآله وسلم : «وهل الدِّين إلاّ الحبّ» .. وإنّ خير النّاس هو خيرهم لأهله ، كما جاء في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي» . وهكذا نفهم أنّ الاُسرة تصنع شخصيّة أبنائها، وأبناؤها يمثِّلون شخصيّتها.. ولا سعادة للفرد مع شقاء الحياة في داخل الاُسرة.. والاُسرة الطّيِّبة تصنع شخصيّات طيِّبة