Mar 8, 2008

زلات لسان ام زلات أفكار ؟



فكرة زلات اللسان معروفة لدينا جميعاً، وبخاصة منها الزلات التي تبدو كما لو أنها تزيح الستار عن معنى لا واع، أي تلك المعروفة باسم الزلات الفرويدية. هناك فكرة سائدة بين الناس مفادها أن فرويد هو الذي اكتشف هذا النوع من زلات اللسان.. لكن فرويد لم يكتشفها. أحد الأمثلة التقليدية التي قدمها فرويد يتناول رئيس مجلس النواب النمساوي الذي افتتح الجلسة بالإعلان أن الجلسة قد اختتمت، برأي فرويد ان الرئيس كان يتمنى في اللاوعي لو أن الجلسة لا تنعقد. من وجهة نظر العقل الواعي والمعاني المقصودة، تعتبر زلات كهذه بمثابة الأخطاء، هناك زلات أخرى تعتبر أخطاء عادية أو أغلاط لغوية، كالأخطاء التقليدية الناجمة عن السهو التي تُدعى عادة بالأخطاء السبونرية، على اسم رجل الدين والعالم البريطاني "وليام ارشيبالد سبونر" ( 1930-1844 ). لا شك في أن بعض الزلات لا تعدو كونها أخطاء من هذا النوع يمكن تفسيرها لغوياً على أنها غلطة آلية ناجمة عن السهو، لكن ليس كل الزلات. فالأخطاء السبورنية والأنواع الأخرى من الزلات اللفظية الناشئة عن أغلاط آلية لا تتكون من المادة المناسبة في العقل الاواعي


إن تعبير ( زلة أفكار ) الذي أقوم أنا باستخدامه، مأخوذة عن تعبير زلة لسان بالمعنى الفرويدي. ورغم أن كلا التعبيرين يتضمن فكرة كشف معنى لا واع، إلا أنهما ليسا متماثلين. فزلات اللسان تتسم إلى حد كبير بزلات في المعنى تتناول كلمات مفردة. نرى في المقابل أن زلات الأفكار تكون أكثر شمولاً من الناحية اللغوية، وقد تتطلب تعابيراً معقدة وجملاً بأكملها، وقصصاً متكاملة للتعبير عن المعنى المزدوج فيها، إنها ليست من حيث الواقع زلات بأي شكل من الأشكال، وهي تقوم على أساس معان متوازية. إنها ما أسميته بالكلام العميق الذي يكشف معنى لا واعياً. حتى الزلات الفرويدية، شأنها شأن الأغلاط الكلامية الآلية البسيطة، لا تتكون من المادة المناسبة. تتسم الأساليب التي تعمل بها عقولنا بالغرابة. لقد راود ذهني تعبير ( زلات الافكار ) لأول مرة عندما كنت أفكر ملياً في التوريات وزلات اللسان وذلك فيما يخص علاقتها بالعقل اللاواعي. بينما كنت مستغرقا في التفكير، خطرت ببالي الفكرة المماثلة، وهي زلات الافكار. السؤال هو، لماذا تبادر هذا المفهوم إلى ذهني في ذلك الوقت بالذات ؟... إن تفحص هذا السؤال بإيجاز يسمح لنا بإلقاء نظرة خاطفة على كيفية نشوء الكلام العميق. أولا: كان تعبير زلة لسان مألوفا بالنسبة لي. ثانياً: إن ترابط الدلالة اللفظية الذي يرتكز على التشابه المبدئي بين تعبير زلات اللسان وزلات الافكار يبدو واضحاً إلى حد معقول، وبخاصة أن كلا النوعين من الزلات يحدثان داخل العقل. كان هناك عامل ثالث عجل بقيامي بالربط بين المفهومين، وهو عامل تعرفت إليه بوضوح لحظة اكتشافه بمجرد أن بدأت التفكير به: عندما خطر ببالي تعبير زلات الافكار، كنت في تلك اللحظة اقلب قصاصات ورقية صغيرة صفراء بقياس2 بوصة، كان من عادتي الاحتفاظ بها دائماً كي ادون عليها الأفكار والآراء التي كانت تقفز على الدوام في ذهني في أوقات غريبة، كنت فعلاً اقلب بيدي قصاصات صغيرة دونت فيها أفكاري. إن زلات الأفكار لا تحدث فقط خلال الأحاديث العرضية، إنها تحدث في البرامج التلفزيونية الإخبارية، وفي البرامج التي تجري فيها استضافة الأشخاص للتحدث معهم كما تحدث في الإعلانات أيضاً


د . روبرت هاسكيلان

No comments:

Archive