Mar 5, 2008

تعلم فن التهوين



تعلّم كيف تنسى ما مضى من الآلآم، لا تقبل أن تكون آلة حزن وتنديد. أنا شخصياً كنت شديد الحساسية، ربما تألمت يومين لحادثة أحرجتني أمام الناس، كما كنت شديد الحرج كذلك من كل صغيرة وكبيرة، الأمر الذي أوقعني في كثير من المشاعر السلبية. إن التهوين يقضي على مشاعرنا السلبية تجاه الماضي. ما منا من أحد إلا وله ذكريات حادة وحرجة ومؤلمة، لكنها هي التي تصنع الأبطال. تذكر أن الذين ينعمون بالرخاء، ويتربون في القصور، ويأكلون ما يشتهون، ويلبسون ما يريدون، ويمرحون ويسرحون، هؤلاء لا معنى لحياتهم. ولذلك فإن القادة الذين نشؤا بين المحن ومن وسط الشعب هم الذين يقودون الأجيال، ويصنعون الرجال، ويحققون الآمال، ويفعلون المحال. اليابان، ألمانيا وغيرها، دولٌ خاضت المعارك العالمية وتحطمت ثم قادت، لأن قادتهم كانوا ممن ذاقوا المحن، وأرادوا صنع الحياة وتحقيق الانتصار، وهذا مثلنا في الخلفاء الراشدين والائمة المجددين، بل هذا السبب الذي جعل جيل الصحابة فريداً


تعلم أن تهون كي تعيش، إبدأ من الآن، أغلق باب التنديد والمسكنة. نحن نعيش اليوم وليس الامس. إن ما مرّ بك مرّ بكل إنسان لكن بألوان مختلفة. لقد عاش نابليون في قمة الجاه والسلطة والشهرة، لكنه قال في "سانت هيلينا" : ( لم أعرف ستة أيام سعيدة في حياتي)، بينما عبّرت "هيلين كيلر" العمياء الصماء البكماء : ( أجد الحياة جميلة جدا ). تعلم كيف تعيش سعيداً بقلب ماضيك إلى تجارب صاغتك كما يُصاغ الذهب و قلب حاضرك ميداناً للتحدي، وقلب مستقبلك أملاً بريقاً ونوراً ساطعاً


تمر علينا عشرات بل مئات الحوادث والأمور كل يوم، لو أننا اتخذنا موقفاً من كل حادثة فسوف يقتلنا القلق، وتتآكل أعصابنا. وهناك طرق عديدة في علم البرمجة اللغوية العصبية لنسيان أو تهوين الماضي، لكنني ضد مسألة نسيان الماضي ومع تهوينه


د .صلاح الراشد

No comments:

Archive